القاهرة- في هذا الكتاب الذي ترجمه إلى العربية أيمن حامد وفاطمة ناعوت، وصدر عن المركز القومي للترجمة، بعنوان «لماذا نحب؟ طبيعة الحب وكيمياؤه» تقدم لنا عالمة الأنثروبولوجي الأمريكية «هيلين فيشر» قراءة علمية وجدانية سيكولوجية لمدونة الحب البشري، الكيمياء التي تتبدل في المخ الإنساني لحظة الوقوع في الحب، الدوافع الكامنة التي تدفعنا للغيرة والتملك والغضب إن هجرنا الحبيب، ذلك الغضب الذي قد يتحول إلى كراهية أحياناً، فنتعلم عبر الكتاب أن الكراهية ليست نقيض الحب، بل صورة من صوره، إنما عكس الحب هو اللامبالاة والنسيان التام.
يتطرق الكتاب كذلك إلى الحب عند الحيوان، وينقسم إلى قسمين متداخلين: قسم طبي علمي تشريحي، وقسم فلسفي أدبي وجداني تاريخي، لهذا لزم أن يترجم الكتاب مترجمان، لا واحد، تحمس للفصول الطبية أيمن حامد، وهو طبيب وباحث نفسي، وكانت الفصول الأدبية من نصيب فاطمة ناعوت، ونتعرف في هذا الكتاب إلى تلك الغريزة التي تدفع الإنسان إلى الوقوع في شرك الحب، الحب الذي منحنا أشهر الأوبرات والمسرحيات والروايات والقصائد الماسة للمشاعر والمقطوعات الموسيقية الآسرة.
في هذا الكتاب نتعرف إلى الحاجة الهائلة للوحدة العاطفية بوصفها إحدى خصائص العاشق التي حاول فلاسفة الإغريق التعبير عنها عام 416 قبل الميلاد، في الحفل الذي أقيم على شرف أفلاطون، ففي تلك الأمسية اجتمعت أعظم عقول أثينا على مأدبة الغداء في منزل أغاثون، وفيما كانوا متكئين على الأرائك اقترح أحد الضيوف أن يقوموا بتسلية أنفسهم بمناقشة موضوع العشق، كل ضيف من الحضور يأخذ دوره ليصف الحب.
المعلومات التي يحتويها الكتاب تلقي الضوء على حقائق مهمة، وربما صادمة عن الشغف والحب والارتباط، ويعرف القارئ سواء كان متخصصاً في علم النفس أو الطب أو من المهتمين بالإنسانيات عموماً، فإن العلم قد خطا خطوات واسعة، نحو معرفة الكثير من أسرار النفس الإنسانية وخباياها، تلك التي طالما كانت لغزاً محيراً للفلاسفة والأطباء والشعراء والروائيين، وكل المنظرين لعلوم الإنسانيات وسلوك البشر على مر العصور.
يتجذَّر الحب الرومانسي بعمق في كيمياء المخ البشري ومعماره، لكن ما الذي ينتج ذاك الذي يسمى الحب؟ من أجل استقصاء الأمر قررت المؤلفة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في فحص المخ وتصويره، المعروف باسم الرنين المغناطيسي للوظائف، لمحاولة تسجيل نشاط المخ لدى رجال ونساء وقعوا لتوهم في الحب.
________
*الخليج الثقافي