في الحب


ماماس امرير *
( ثقافات )

1….. الكتابة

الكِتابَةُ
تُعَرّضُكَ لكُلّ شَيءٍ موجِعْ،
كُلَّ شَيْءٍ
قابِلٍ لِلتَغيير والكَسْرْ
لِدَرَجِةِ أنّكَ تَسْرَحُ
بِمُخَيّلتِكْ
وَتَضْغَطُ عَلى الفَراغِ المُرْعِبْ،
تُحَوّلُهُ إلى فَنٍّ مُرْهَفٍ
أرَقُّ مِنْ
أصابِعِ فَتاةٍ مُراهِقَةْ
هَذا ما نَحْتاجُهُ دائِماً..
كَيْ نَكتُبْ!
وكيْ نَقَعَ في الحُبْ

2….. الرجل 

في الحُبّ
يَنْقَلِبَ كُلّ شَيْءٍ، رَأساً عَلى عَقِبْ!
تَتَوَهّمُ أنكَ فاشِلٌ في الحَياةْ
تَبْحَثُ عَنْهُ كَيْ يَنْتَشِلَكَ مِنَ الخَوْفْ،
مِنَ الرَغَباتِ القَهْرِيَةْ
حينَ يُلامِسُ قَلْبَكَ، أوَلْ شَيِءٍ تَكْتَشِفُهْ:
كيْفَ تَتَبَعْثَرُ مَشاعِركْ؟!
كَيفَ تُصْبِحُ حَبيباً مُهَذّباً؟!
تُسَلّمُ حَواسّكَ لِلحُبْ
تَنْسى تاريخَ حُروبِكْ
وكَعاشِقٍ طَيّبْ
تَمْتَنّ أنّهُ خَلّصَكَ مِنْ أفْكارِ كافكا،
تُفَكّرُ في الحِمْيَةْ
والذَهابِ إلى حَديقَةِ الحَيَوانْ
في الحَديقَةْ
تَتَعَرّضُ لِلشّمْسِ كَيْ تَكْتَسِبَ لَوناً بْرونْزياً،
تُتابِعُ أخْبارَ البورْصَةْ
وَكَيْفَ انْتَحَرَتْ مارلينْ مونْرو ورومي شْنايدرْ
كُلّ صّباحْ
تُعِدّ لَكَ حَبيبَتُكَ
مائِدَةً مَليئَةً بِالمُؤامَراتْ
تَتَناوَلها وَتُذَكّرُها أنّكَ لا تُحِبُ الباسْتا
كُلّما ارْتَفَعَتْ دَرَجَةُ حَرارَتِكْ،
تُفَكّرُ في الهُرْموناتْ،
وَفي أمْراضِ الرُجولَةِ المُزْمِنَةْ
تَحْتَسي نَبيذَ الأيامْ
وتُمارسُ حَياتَكَ دونَ أنْ تَهْتَمَّ
للحَوادِثِ العَبَثِيَةْ
وحينَ تَشْعُرُ بِالمَلَلِ، تَسْتَغْرِبُ،
كَيْفَ غَيّرَكَ الحُبْ؟!

3….. المرأة

المَرْأةُ
تَتَعَرّضُ لِلْحُبَّ
كَما تَتَعَرّضُ لِلشَمْسْ
يَغيبُ عَنْ بالِها، أنّها قَدْ تُصابُ بِضَرْبَةِ حُبْ
وَعَلَيْها أنْ تَسْهَرَ اللَيالي
تُعيدُ شَريطَ الجِراح والذِكْرَياتْ،
وتُفَكرُ، كَيْفَ يَتّسِعُ حُزْنُ امرأةٍ بِحَجْمِ الكَوْنْ
لِزَمَنٍ ضَيِّقٍ كَهَذا؟
المَرْأةُ التي تَشْعُرُ بِوَجَعٍ عَميقٍ تَسْتَوْعِبُ تماماً أنّ القَلْبُ قَدَرٌ غَريبْ!
واللّغَةُ، ضَوْءٌ يَفْتَحُ مَعابِرَهْ
تتَذَكّرُ الحُبْ
والشَوْق وَجْبَتُها اليَوْمِيَةْ
الحَنينُ
أغْنِيَةٌ تَنْتَهي بِأمَلٍ قَديمْ
المَرأةُ تَمْشي حَثيثاً لا تَلتَفِتُ لِلفَراغْ
تقول عَليّ أنْ أتَكاثَفَ كَضَبابٍ رَمادي
أطْعِمُ الحُبّ عَواصِفي
وَأرْفَعُ عُنُقَ الرَحْمِ إلى سُدّةِ الرَبِّ
ثُمّ أنْجِبُ رَجُلاً مِنْ صَدْري
يَضيقُ حِذاءُهُ بِأفْكاري
فَيَضيعُ الطَريقُ بَيْنَنا
وحينَ تَتَبَعْثَرُ أطْرافي
يَغْرَقُ التُرابُ بِأوْجاعي
السَبَبُ دائِماً أنّي أشْبِهُ الكَوْنَ، غامِضٌ وغَريبْ!
وأنّني فَرْحَةٌ مسافِرةْ
تَصِلُ..
قَلْبَ الرَبّ بِصُعوبةْ

4….. الحربْ

لمْ يَعدْ وَقتٌ للبُكاءْ
أغْلقْتُ النَوافِذَ المُشرَعَةَ
عَلى السَماءْ
وَضَعْتُ يَدي في الماءْ
لأتَحَمّلَ هَذا الجَحيمَ خارجي
لا أشْعُرْ بالخَوفْ
لكنّ تّصّرفاتي أصْبَحتْ مُرعبَةْ!

تَجَرّعْتُ أحْزاناً كثيرَةْ
ليسَ لِأنّني لَمْ أعُدْ أفْهَمُ الحُبْ
بَلْ لأنّ قَلْبي ضَغَطَتْ عَلَيْهِ جُرُعاتٍ زائِدَةٍ مِنَ الخَساراتْ
وألقتْ بِأحْلامي إلى ذاكرَةٍ جاحِدَةْ

اليَومَ وَضَعْتُ وَرْدَةً
تَحْتَ وسادَتي
فَكّرتُ:
رُبما تَطْرُدُ رائِحَةَ المَشاعِرِ الكَريهةْ

صَنَعتُ لِنفْسي كَأسَ وَجَعٍ لذيذْ، سَكَبتُهُ في جَوْفِ
جَسَدٍ يُزْعجُني
ويُذَكّرُني
أنّني رَهينَةُ الألمْ

الأشياءُ الحَميمَةْ
تَسْقُطُ مِني، يَسْتقِظُ
الحَنينُ
لحُبٍّ قَديمْ

طيلةَ الوَقْتِ أتَلقى
ضَرَباتِهِ الموجِعَةْ
أسْتَسْلِمُ لِقدَري اللّعينْ
وأبْحثُ
عنْ وسيلةٍ جَديدَةٍ للإنْهيارْ

لا يمكنُ إصْلاحَ أيّ شَيءْ،
دونَ أنْ نُحْدِثَ خَللاً مُرعِباً في هَذا العالمْ

سَأبْتَكرُ طَريقَةً جَديدَةً للحَرْبْ
أستَدْرجُ ضَحايايْ،
أمْنَحُهمُ السّكينَةَ
أعَلّمُهمْ أنّ
الحبّ هُوَ الحلُّ الوَحيدْ
وحينَ يَسْتسْلِمونْ،
أجْتَثُّ دَوافِعَ
بُؤْسِهِمْ
واحداً
واحداً


* شاعرة من المغرب تعيش في الأردن

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *