الوجه الآخر لـ”مارلين مونرو”



آمال الديب


خاص ( ثقافات )

“أرغب في البقاء بخيال كل رجل”.. 
مارلين مونرو في آخر حوار لها.
“لديَّ إحساس عميق بأنني لست حقيقة تماما، بل إنني زيف مفتعل ومصنوع بمهارة وكل إنسان يحس في هذا العالم بهذا الإحساس بين وقت وآخر، ولكني أعيش ذلك الإحساس طيلة الوقت، بل أظن أحيانا أنني لست إلا إنتاجا سينمائيا فنيا أتقنوا صُنعه”.
هكذا كانت تصل في بعض الأحيان إلى حالة من الاكتئاب لازمتها لفترات على مدى حياتها القصيرة..
مارلين مونرو أسطورة السينما الأمريكية توفيت منتحرة بجرعة زائدة من الدواء. وتبعاً للذوق الغربي لم تظهر خلالها من تقاربها جمالا وسحرا وأنوثة وعذوبة وبراءة معا.
ولدت مارلين مونرو في الأول من يونيو عام 1926 في مقاطعة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، وكان اسمها في وثيقة الميلاد «نورما جين موتينصن»، الذي تغير إلى نورما جين بيكر؛ نسبة إلى والدتها غلاديز بيكر، حيث لم تكن متأكدة من أبوة والدها، عملت والدتها غلاديز كمحررة أفلام في أستوديو RK، لكن مشاكلها النفسية منعتها من البقاء في وظيفتها قبل دخولها في النهاية إلى المصحة العقلية، ودائماً ما كانت مارلين تخاف على نفسها من هذا المصير، من دخلت داراً للأيتام وهي بنت التاسعة عام 1937، تعرضت فيه لعدة تحرشات جنسية؛ فانتقلت على أثر ذلك؛ للعيش في بيت صديقة العائلة غريس غودار لكن لسوء الحظ، ومع انتقال زوج غريس للانضمام إلى جنود الساحل الشرقي عام 1942؛ لم يكن بمقدور الزوجين أن يأخذا مارلين ذات الـ16 سنة -التي كانت تعاني من التأتأة- في ذلك الوقت معهما؛ فكان أمامها خياران إما العودة إلى دار الأيتام أو أن تتزوج؛ فتزوجت من جارها جيمي دوتري وكان يبلغ من العمر 21 عاماً في 19 يونيو 1942، وعاشا معاً إلى أن تم نقله لقوات خفر السواحل وإرساله إلى جنوب المحيط الهادئ عام 1944.
بعد سفر جيمي وظفت كعاملة في خط التجميع بمصنع ذخائر الطائرات في بوربانك – كاليفورنيا، أثناء عملها شاهدها المصور ديفيد كنوفر، الذي كان يلتقط صور النساء اللواتي ساهمن في الحرب لصالح مجلة يانك، وعندما رآها صورها وبعد ذلك قرر أن يرسل لها فرصة عمل كعارضة أمام الكاميرا، وفي خلال أعوام قليلة أصبحت عارضة مشهورة وظهرت على أغلفة العديد من المجلات المشهورة.
وبالفعل بدأت دماغ نورما جين في اتباع الحلم والسير خلفه؛ فأخذت حصصاً في الدراما، ولكن في هذه الفترة عاد زوجها جيمي، الذي قال لها إما أنا أو مهنتك؛ فاختارت مهنتها وطلبت من جيمي الطلاق وانفصلت عنه في يونيو 1946.
وعلى سيرة الدماغ من الجدير بالذكر أن معدل ذكاء مارلين مونرو يقل عن ألبرت إينشتاين بـ2% فقط.
في العام نفسه، أي عام 1946 حالف الحظ نورما جين وتحديداً في يوم 26 أغسطس، ووقعت عقدها الأول مع شركة فوكس وحصلت على أجر 125 دولاراً في الأسبوع، وبعد ذلك بفترة تم تعديل أسنانها وفكها وأنفها بعمليات تجميلية، وظهرت بشعرها الأشقر وتحولت إلى مارلين مونرو، إلى نموذج للصورة التي كانت تريد أميركا أن تكون عليها بعد الحرب العالمية الثانية، ولهذا وصفها كثير من النقاد؛ بأنها مصنوعة ليس فيها شيء من الحقيقة، وكان يتحتم عليها أن تبقى دمية، تشكل على حسب الطلب أمام العالم؛ مما كان لهذا الكلام القاسي تأثير كبير عليها فيما بعد.
أول دور لمارلين كان في فيلم The Shocking Miss Pilgrim عام 1947 وكان دوراً صغيراً، واستمرت بعده بتأدية هذه الأدوار، حتى اختارها المخرج جون هيستون في دور صغير، ولكنه محوري في فيلم The Asphalt Jungle، ومنذ ذلك الوقت بدأ المخرجون يستعينون بها في أفلام مثل Let’s Make It Legal وDon’t Bother to Knoc، لكن الفيلم الذي كان السبب في صعودها إلى النجومية كان فيلم Niagara 1953.
لعبت دور روزي لوميز زوجة يافعة جميلة تخطط لقتل زوجها الكبير الغيور، برعت مارلين في هذا الدور، وأصبحت تلعب الأدوار الرئيسية، وصارت النجمة مارلين مونرو أيقونة الجمال ونجمة الإغراء، ولكن هذا أكثر ما كرهت مارلين بعد ذلك!
وفي عام 1955 أصرت على تغيير صورة الفتاة الشقراء السطحية المثيرة، وأرادت أن تثبت أنها ممثلة موهوبة؛ فتوقفت عن العمل في هوليوود، وانتقلت إلى نيويورك؛ لدراسة التمثيل على يد لي ستراسبيرغ، وفي العام 1956، أسست مارلين شركتها السينمائية الخاصة باسم شركة مارلين مونرو للإنتاج، وقامت بإنتاج عدة أفلام، وفازت بجائزة الكرة الذهبية Golden Glob كأفضل ممثلة كوميدية في فيلم Some Like It Hot عام 1959، إلى جانب نجاحها كممثلة فكانت تغني الجاز في أفلامها السينمائية، وحتى في الحفلات.
آرثر ميللر.. حلم مارلين مونرو الذي لم يكتمل
“ما كان يمكن أن يتزوجني لمجرد أنني شقراء غبية هو الذي يحضني دائما على القراءة والكتابة”.. هذا ما قالته الراحلة مارلين مونرو، عن زوجها الأخير الكاتب المسرحي والصحفي والأديب والمناضل السياسي آرثر ميلر، بعد أن ضاقت بسجنها داخل جدران زجاجية لا تكشف سوى جمالها الخارجي فقط.
تلك التي كُتب عنها بلا حصر، وتناولتها الصحافة في كل ما يخص حياتها وعلاقاتها، وملابسها وطقوسها، وكانت تتبعها عدسات المصورين أينما حلت، لتظل حتى بعد رحيلها ملهمة، وتتحول من امرأة عاشت فترة من حياتها لتصبح “حدوتة” مستمرة تتناقلها الأجيال، وصورة لا وجود لها وتظل سيرتها تطرح تساؤلات فما بين مولدها لأب مجهول ورحيلها الغامض تظل مونرو أو “الأسطورة” الخالدة.
هي بالفعل كذلك، لكنها مجرد صورة لم يلتفت أحد حتى اليوم إلا عبثا عن بعض من انعكاس شخصيتها وثقافتها وإبداعها الأدبي. وفي إحدى الرسائل التي كتبتها عن نفسها عام 1960، أي قبل وفاتها بعامين تبين مقدار المرارة التي كانت تشعر بها، كتبت:
“لديَّ إحساس عميق بأنني لست حقيقة تماما، بل إنني زيف مفتعل ومصنوع بمهارة وكل إنسان يحس في هذا العالم بهذا الإحساس بين وقت وآخر، ولكني أعيش ذلك الإحساس طيلة الوقت، بل أظن أحيانا أنني لست إلا إنتاجا سينمائيا فنيا أتقنوا صُنعه”.
هناك سؤال يدور في مخيلة كثيرين عن مارلين مونرو “ألم يشفع لها جمالها الأخاذ؟ ألم يعوضها ذلك الجمال عن مآسي حياتها، ألم يكن جمالها سبب شهرتها؟”.
لم يكن هكذا أبدا.. هذا ما تجيب عنه بعض القصاصات والكتابات والهوامش التي عثر عليها وتعكس شقاءها بسبب حصرها واحتجازها في دور المرأة الفاتنة فقط، لم يكن أحد يلتفت لما بداخل مارلين، لم يشاركها أحد أوجاعها أو فكرها أو ثقافتها، ورغبتها في التعلم، فالجميع كان يفتتن بها كأنثى دون أن يحاول ولو عبثا التبحر في أعماق مارلين “الإنسانة”.
وبرغم كثرة علاقاتها الغرامية وزيجاتها العديدة المذكورة، فإن أحدا لم يلتفت إليها أو يحاول قراءة ما بين سطور مونرو غير رجل واحد، هو الذي جعلنا نقرأ عن سيدة كاملة، أو هكذا كانت ستبدو لو دامت علاقتهما دون طلاق وعاشت دون أن تقرر إسدال الستار على حياتها دون أن تخبرنا لماذا؟
الرجل الوحيد الذي أعاد صياغة مارلين مونرو، هو ميللر، الذي غيّر خارطة أولوياتها، وطريقة تفكيرها ليجعلها امرأة مهتمة بتنمية الوعي والفهم لما يدور حولها، ومحاولة لمنافسة نفسها في القراءة، وشجعها على أن تكتب كثيرا وهو ما لم يلتفت إليه أحد، ربما كانت كتاباتها تتسم بالركاكة أو الضعف، لكن ألم تكن تلك الكتابات خطوة على الطريق نحو التغيير، وتشكل بالفعل فهم مونرو لطبيعة جمالها الذي كان حتما سينتهي في وقت ما، فأرادت أن تعتني بالجانب الجميل فيها والذي لم يره الآخرون، أو تعمد الجميع حصرها فيه.
ورغم أن مارلين مونرو، لم تكمل تعليمها الثانوي، فقد كانت قارئة نهمة، وتركت بعد رحيلها مكتبة عظيمة تضم كتبا لأهم الكتّاب والروائيين في عصرها، لميلتون، دوستويفسكي، ويتمان، همنغواي، كرواك، وغيرهم. ومارلين اعتادت إلى جانب ذلك أن تدونّ هوامش حرة على أية ورقة تصادفها، برغم كثرة الشطب والتعديل والأخطاء الإملائية التي وقعت فيها، لم تكن تطلع أحدا على ما تكتبه غير المقربين منها، وهو ما تم الكشف عنه بعد وفاتها.
يقول عنها المسرحي والكاتب آرثر ميللر، زوجها الثالث والأخير، “من أجل أن تعيش فترة أطول كان يجب أن تكون إما أكثر تهكما أو أكثر بعدا عن الواقع، مما كانت عليه بدلا من ذلك كانت شاعرة على ناصية الطريق تحاول أن تتلو أشعارا لجمهور يشد بملابسها”.
تزوجته مارلين مونرو في 29 يونيو عام 1956، بعد ما تردد عن وجود علاقة غرامية بينهما لمدة عام، وانتهت علاقتهما بالطلاق سنة 1961، وكتب ميلر عن علاقته مع مونرو: “كانت كالضوء الذي يحيطني، تثيرني تناقضاتها وغموضها”.
كتابات مونرو، كشفت عن جانب مضيء من روحها، تلك المرأة التي حاولت أن تكتشف العالم، وحاولت أن تخلع ثياب المرأة الجميلة لتنخرط وتندمج مع العالم دون أن تكون دائما مؤطرة بجمالها فقط، أرادت أن يرى فيها الناس شيئا مختلفا، لكن هناك إصرارا من الجميع أن تظل مجرد دمية أو صورة وجسد جميل لا تتجاوز تلك الصورة إلى فهم أعمق للإنسانة الهشة الضعيفة في داخلها، فكما تتمنى كل امرأة أن تحظى بمسحة من جمال مارلين مونرو، كانت الأخيرة تتأفف من ذلك القيد الذي يكبلها، لذلك اعتبرت أن زواجها من ميللر برغم أنه لم يستمر، بمثابة إضافة كانت بحاجة إليها لأنه الرجل الوحيد الذي حاول أن يكتشف الوجه الآخر لها، والذي وقف يساندها وينمي بداخلها قوة العقل والثقافة قبل أن تكون مجرد لوحة متجمدة بلا روح.
في إحدى المرات، كتبت مارلين قصيدة لميللر، بدأت بها حالمة وانتهت القصيدة برؤية ضبابية كئيبة لتعكس خوفها الدائم وشعورها بأنها برغم عثورها على ما تتمناه، لكنها موقنة بأن ذلك الحلم الذي تعيشه لن يستمر:
“حبي ينام بجانبي
ينام حبي بجانبي
تحت النور الخافت أرى فكّه الرجولي
يتراجع ويعود
فم صباه
بعذوبة ولا أعذب
رقته ترتعش
في سكونه
وعيناه لا بد أنهما
تطلان بذهول من كهف
الصبي الصغير
حين كان ينسى الأشياء التي لا يفهمها…
لكن هل سيبدو كذلك حين يموت
أواه يا أيتها الحقيقة المحتمة التي لا تحتمل
ولكن أسرعان ما سيموت حبه
عندي/ أو أموت عنه
وبالفعل تطلق الزوجان عام 1961 كما تيقنت مارلين وعبرت عن خوفها بحدوث ذلك في القصيدة.
إن الجميع اعتبرها ليس أكثر من دمية جميلة، على الرغم من أنها إنسانة ذكية وحساسة وموهوبة جداً؛ تحاول طول الوقت أن تكتشف ذاتها وتحسن تفكيرها مع كل آلامها، تبث المرح والبهجة في حياة الآخرين وهي على العكس من ذلك؛ كما يصفها آرثر ميللر بأنها الفتاة الأكثر حزناً التي قابلها في حياته؛ لأنه كما يقال: الأشخاص الأذكياء هم الأشخاص الأكثر حزناً.
كانت مارلين تدعو كل أزواجها بابا؛ نظراً لأنها لم تعرف لها أباً، ولم تختبر هذا الشعور من قبل.
كان زواج مارلين الثاني من لاعب البيسبول جو ديمياجيو في يناير عام 1945، وأمضت شهر عسلها في طوكيو، وخلال شهر العسل؛ خصصت بعضاً من الوقت لعمل استعراض أمام الجنود الأميركيين هناك.. هذا الزواج استمر فقط 9 أشهر، وكان ذلك بسبب شهرة مارلين، إلى جانب تهديد المصور الذي اكتشفها لزوجها بنشر صور عارية لها؛ كان قد أخذها قبل زواجهما، وأثناء عملها كعارضة؛ فدفع له جو، ومن هنا دار الخلاف بينه وبين مارلين، وأدى عدم تفهمه لطبيعة عملها إلى التعجيل بالطلاق.
ورغم إقبالها على جلسات التحليل النفسي وزيارتها لأكثر من طبيب إلى أن استقرت على طبيبها رالف غرينسون، الذي جعلته وصياً عليها، يقوم برعاية شؤونها وإدارة أعمالها، ومع ذلك لم تنجح مارلين في ردم الهوة ما بين جسدها وصورتها، وبين ذاتها وشخصها، ولا في قبول ما هي عليه؛ فبقي شكلها الخارجي منفصلاً عن شخصها الداخلي.
كتب الأميركي جاي مارجوليز كتاباً بعنوان «مقتل مارلين مونرو: القضية المغلقة»، جاء فيه:
قتلت مارلين مونرو على يد المخابرات للحصول على يومياتها ووثائق مهمة، والأمر الأهم فإن السناتور روبرت كينيدي الشهير باسم «بوبي» أمر باغتيال الفنانة الأميركية مارلين مونرو عبر حقنة قاتلة، وذلك خوفاً من أن تكشف العلاقات «الساخنة» التي أقامتها مع عائلة كينيدي، بمن فيهم هو -أي بوبي- وشقيقه جون. أما المنفذون فهم الفنان بيتر لوفورد والطبيب النفسي لمارلين الدكتور رالف غرينسون، الذي قام بحقنها بحقنة قاتلة أدت إلى وفاتها على الفور.. إنها ضحية لمؤامرة منظمة من الـFBI والـCIA على خلفية علاقتها بآل كيندي؛ إنها الضحية الأولى في جريمة منظمة سياسياً؛ طالت فيما بعد آل كينيدي ومالكوم إكس ومارتين لوثركينج.
آخر حوار معها
“إذا قالت لك “مرحبا” فهي بالتأكيد سعيدة لرؤيتك”؛ هذا ما قاله “ريتشارد ميريمان”، مساعد المحرر الراحل بمجلة “لايف” الأمريكية عن مارلين مونرو في آخر حوار لها قبل يومين فقط من وفاتها في 5 أغسطس عام 1962، ونشرته المجلة بعد وفاتها بأسبوعين إثر تناولها جرعة زائدة من الحبوب المنومة.
وصف “ميريمان” التفاصيل التي حدثت في المقابلة الأخيرة قائلا: “ذهبت إلى منزل مارلين مونرو في كاليفورنيا وجلست على أريكة في غرفة المعيشة وبدأت في إصلاح جهاز التسجيل الخاص بي، وفجأة وجدت بجانبي سروالا أصفر اللون كانت ترتديه مونرو التي كانت تراقبني بصمت مع ابتسامة هادئة، وقالت: هل ترغب في استخدام المسجل الخاص بي؟”.
وتابع: “أرادت مارلين أن أشاهد منزلها، ولكنها رفضت التقاط أي صور للمنزل، قائلة: لا أرغب في أن يشاهد جميع الأشخاص المكان الذي أعيش فيه أو محتوياته، هل تعلم المدخل إلى كل رجل؟! أنا أرغب فقط في البقاء بخيال كل رجل”.
ووصف “ماريمان” منزل “مارلين” بأنه كان صغيرا يتكون من ثلاث غرف على النظام المكسيكي ويتضمن مقتنيات حرصت أسطورة السينما الأمريكية على اختيارها بدقة، ومنها طاولة قهوة صغيرة مغطاة بالجلد وشمعدان مصنوع من القصدير، وعبرت عن إعجابها بهذا المنزل للصحفي الأمريكي قائلة: “في هذا المكان يستطيع أصدقائي الاسترخاء والتخلص من المشاكل والأشياء المزعجة المحيطة بهم حتى تنتهي تماما”.
واستطرد: “أثناء مروري بالمنزل لاحظت وجود الأزهار التي توقفت عندها قليلا حتى بادرتني مارلين بوجه مشرق: لا أعرف لماذا احتفظ بالزهور، ولكن أعتقد أنني قادرة على جعل أي شيء ينمو”، وأضافت: “أثناء زواجي من السيد أرثر ميلر كنا نحتفل بمناسبة ما وكان علي قطع شجرة عيد الميلاد، ولكنني لم أستطع فعل ذلك”.
وتابع “ميرمان”: “جلسنا في غرفة المعيشة وتناولت مارلين كوبا من الشامبانيا، وقالت: “الطريق الرئيسي لتصبح مشهورا هو أن تكون صادقا، وأنا دائما ما أفعل ذلك، مثلما حدث لي مؤخرا”، قاصدة بذلك انفصالها عن السيد ميلر.
وأوضح “تصرفات مارلين مونرو كانت مثيرة للدهشة، فهي تستطيع التقلب في العواطف بشكل بارع وتعبر عنها بملامح وجهها، بمجرد النظر لوجهها تستطيع معرفة الغضب أو الندم أو المرح أو الحزم أو الجرأة، وكانت لها ضحكة عالية تستقر في الآذان لفترة طويلة”، هذا ما قاله “ميرمان” عن ملكة الإغراء التي قالت عن نفسها: لا أعتقد أنني أميل للفكاهة”.
وأضاف ميرمان أنه في تلك اللحظة بدأت أشعر أن مارلين لم تعطِ نفسها الحجم الحقيقي لها، فمع ملايين المعجبين بها؛ إلا أنها قالت: “أقل شيء يمكنني فعله لهم هو تقديم أفضل ما عندي”، وعندما سألتها عن بداياتها في طريق السينما؛ قالت بغضب: “أنا لم أبدأ مشواري الفني بأدوار مساعدة أو كعارضة وأعتقد أن هذا نوع من عدم الاحترام”، ولكنني لم أغضب منها؛ حيث أنها أضافت بحزن: “أنت تعرف أن معظم الأشخاص لا يعرفونني حقا”.
وأضاف: “مارلين شخص حساس جدا، حيث إنها أخبرتني بأنها حزنت كثيرا عندما وجدت ابن زوجها ميلر يشاهد مجلة تحتوي على صور مثيرة لها، كما أنها كانت تشعر بالألم الشديد عندما رفض ابن زوجها الثاني جو ديماجيو الذهاب إلى المدرسة بسبب سخرية أصدقاءه منها”.
ذهب “ميرمان” في ظهيرة اليوم التالي إلى “مارلين” لاستكمال الحوار، ولكنها بدت متعبة جدا؛ حتى أنها لم تقدم له شرابا وكان يظهر عليها الاستياء الشديد وبدأت تتحدث معه بغضب عن كيفية تعامل شركات الانتاج مع النجوم، وسألها الصحفي: “هل رغبت من قبل أن تصبحي صارمة؟”، وأجابته: “نعم ولكنني لا أعتقد أن الصرامة فعل أنثوي، لذلك أعتقد أنني سأستمر في طريقتي”.
قالت أيقونة السينما الأمريكية لمحاورها: “كما تعلم؛ عندما تكون مشهورا قد تستطيع قراءة أفكار الآخرين عنك، ولكن الأهم من ذلك هو شعورك تجاه نفسك لتستطيع مواصلة حياتك كما تريد”، وأضافت: “للشهرة عبئا خاصا، وأنا لا أمانع في الظهور بمظهر براق ومثير، وهو أحد متطلبات الشهرة، وإنما الأشياء التي تحدث مع الشهرة مثل متابعة الآخرين لك هو ما قد يكون عبئا كبيرا”.
أضافت “مارلين”: “في كثير من الفعاليات يتم دعوتي للاستعراض فقط وليس لأجلي أنا شخصيا، وعلى الرغم من أنني لا أنظر لنفسي كسلعة؛ إلا أنني متأكدة من أن الكثيرين يفعلون”، وتابعت: “نجوميتي لم تأتي من الاستوديو وإنما جاءت من الجمهور والمعجبين”.
أثناء الجلسة الثانية من الحوار ذهبت مارلين لقضاء بعد الأمور ثم عادت بعد ساعة تقريبا، وكانت ترتدي حذاء بكعب عال وسروالاً وبلوزة برتقالية اللون، ثم قالت له مازحة: “هل أبدو مثل ثمرة اليقطين؟!”، ولكنه أخبرها: “ستصبحين أيقونة في عالم الأزياء في العشر سنوات المقبلة”، وبدت سعيدة جدا بتلك الإجابة.
انتهى “ميرمان” من كتابة حوار “مارلين” معه، وحادثها ليحدد ميعادا تقرأ فيه الحوار كاملا؛ فأجابته: “احضر في أي وقت تريده”، وكان هذا صباح اليوم الذي توفيت فيه، وعندما ذهب إليها في العاشرة صباحا كانت لاتزال نائمة فانتظرها حتى استيقظت، وأخذت تقرأ الحوار بصوت مسموع وتضيف بعض التعديلات، وعندما انتهت ووافقت عليه كليا، أعطته مبلغا من المال وطلبت منه أن يعطيه للفقراء، ثم ودعته بهدوء!
توفيت مارلين وهي عارية تماماً يوم 5 أغسطس من عام 1962 وكان عمرها 36 سنة فقط، وعلى وجهها آثار اعتداء مرعبة، ودفنت جثتها في ممر الذكريات رقم 24 ضمن حديقة ويتسوود التذكارية في لوس أنجلوس – كاليفورنيا، قبل أن تكمل فيلم Something’s Got to Give رقم 30 في حياتها.

شاهد أيضاً

أبورياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع لإنارة الطريق

الأديب موسى أبو رياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *