كشمير أصلى

*جون مينجان/ ترجمة: د . محمد عبد الحليم غنيم

الشخصيات :

1 – جن : امرأة فى بداية الثلاثينات ، تلبس ملابس موظقة تقليدية .

2 – روث : امرأة متشردة فى بداية الستينات ، تلبس معطفاً من الكشمير

المشهد :صباح يوم بارد . موقف حافلات خارج بوسطن  ،مدينة ماساشوستس

تدخل جنِ . وهى  ترتدى ملابس أنيقة وجذابة ، كما ترتدى وشاحاً أحمر حول عنقها . تتطلع إلى الحافلة . تتحقق من تليفونها ثم تضعه بعيداً . تدخل روث ، ترتدى معطفاً قديماً من الكشمير وبنطلون بولستير وحذاء جلدى بدون رباط . تحميل متعلقاتها فى كيسين كبيرين . ترى جن روث وتمنع نفسها من النظر إليها . تنظر روث  أمامها ، ثم فى الناحية الأخرى .

روث : ألم تصِل بعد ؟

( وقفة )

 أقول ، هل أنت مصابة بالصمم ؟

جنِ : آسفة . ماذا قلت ؟

روث : ألم تصل بعد ؟  الحافلة .

جن : أى حافلة تنتظرين ؟

روث : حافلة بوسطن .

جن : هل أنت ذاهبة إلى بوسطن ؟

روث : لماذا يمكن لى أن أسأل عن حافلة بوسطن ؟

جن : آسفة . إنها لم تصل بعد . على الأقل منذ أن وصلت إلى هنا.

روث : أوه  ( تجلس روث على المقعد ) أنا روث .

جن : و أنا جِن .

روث : صباح الخير يا جِن .

( وأخيراً تتطلع جِن إلى روث وجهاً لوجه وتبتسم إليها ابتسامة قصيرة . تبتسم روث بحرارة  .تنظر جن بعيداً . تفتش روث فى حقيبتها . تخرج عدداً من الكوفيات ، لديها فى الواقع الكثير من الكوفيات ، تفتش أكثر وتخرج آلة هارمونيكا )

روث : ( تواصل ) هل رأيت هذه ؟

جن : نعم . ما هذه ؟

( وقفة )

روث : إنها تشبه الهارمونيكا بالنسبة لى . ماذا تبدو لك أنت ؟

جن : هارمونيكا .

روث : هذا مريح .

( وقفة )

هل لديك أطفال ؟

جن : عذرا ؟!

روث : ( بصوت عالٍ ) أقول ، هل لديك أطفال ؟

جن : لست فى حاجة لأن تصرخى .

روث : هل تسمعين جيداً ؟

جن: نعم .

روث : لم أعرف .

جن : ليس لدى أية أطفال . لست متزوجة .

روث : أوه . هل لك عشيق .

( وقفة )

روث : ( تواصل ) هل تلك أسئلة محرجة جداً ؟

جن :عندى خليل ..

روث : هذا لطيف .

( وقفة )

ألديك أطفال ؟

جن : لا ، ليس لدى أطفال  .

روث : لأننى كنت أريد أن أقول ، هذه هارمونيكا جيدة لكننى لا أعزف عليها ، لو كان لدى أطفال فمن المؤكد لأحبتت أن يكون لهم هارمويكا مثل هذه التى تحبين أن تشتريها ؟

جن : لا أحب ذلك .

روث : إنها هارمونيكا جيدة .

جن :أنا على ثقة أنها كذلك .

( وقفة )

( لا تبعد روث الهارمونيكا )

روث : هل تشعرين بالبرد ؟

جن : لا. لا فى الواقع .

روث : كان ليلة باردة أمس .

جن : نعم . كانت كذلك .

روث : ما الذى كانت ؟

جن : ماذا ؟

روث : ما الذى كانت ؟

جن : ماذا ؟

روث : ما الذى كانت ؟

جن : ماذا كانت ماذا ؟

روث : ليلة أمس .

جن : ما الذى ….

روث : عشرون ، ثلاثون ، أربعون .

جن : كانت فى الأربعينات ، على ما أعتقد .

روث : بدون مزاحٍ .

( تبعد روث الهارمونيكا ، خلال معظم ما يأتى من الاحداث، تأخذ المزيد من الكوفيات من حقيبتها وتطويها دون أن يبدو أنها منتبهة إليها )

جن : أظن أنك كنت تشعرين بالبرد على نحو ما .

روث : ليس سيئاً . نزلت أتجول . ما ذلك ؟ كما تعرفين

جن : أعرف ماذا ؟

روث : المكان . المطعم . المنزل . كما تعرفين . شارع ويبستر . المنزل

جن : مطعم البيت الأبيض ؟

روث : أعرف أنك تعرفين ذلك . البيت الأبيض . يفتحون فى الخامسة والنصف تماماً لتقديم وجبة الفطور . نزلت فى حوالى الرابعة . يمكن أن تقفى قليلاً ماذا تسمينها . هذه الشرفة خارج الباب ؟ إنها دافئة .

جن : يجب أن تكون كذلك.

روث : يفتحون فى الخامسة والنصف تماما وأتناول وجبة الإفطار . يعطونك بيضتين ، من أى نوع ، وخبزاً محمصاً وقهوة . بسعر دولارين وتسعة وتسعين سنتاً .

جن : ذلك سعر جيد .

روث : وعادة أتناوله زائد سوى   .

جن : الزائد سوى لطيف .

روث : لكن يمكنهم  أن يعدونه بأى شكل . الكوب الثانى مجاناً . ألم تأكلى أبداً هناك ؟

جن : لا أعتقد أننى مضطرة لذلك .

روث : لأنك تبدين مألوفة .

جن :لا أعتقد –

روث : حسناً ، كنت فقط أسأل .

( وقفة )

يجب عليك أن تجربى ذلك .

( وقفة )

هل تشعرين بالبرد ؟

جن : يبدو أنه معطف دافئ

روث : هل تودين شراءه ؟

جن : لا . أنا .

روث : لأننى يمكن أن أبيعه لك . إنه معطف لطيف .

جن : إنه من الكشمير الأصلى

جن : كشمير ؟

روث : أصلى  . أيمكنك أن تشتريه ؟

جن : لا . مع ذلك شكرا لك .

روث : لا يمكن أن تلومينى على المحاولة . هل تلوميننى ؟

جن  : لا . ذات يومٍ كان لدى أمى معطف من الكشمير.

روث : أكان ذلك من الكشمير الأصلى ؟

جن : أعتقد ذلك .

روث : ألم يعد لديها الآن ؟

جن : هى . لقد تبرعنا بمتعلقاتها .

روث : هل فعلتم ؟

جن : عندما نظفنا المنزل

روث : أوه . أوه .

( وقفة )

آسفة .

جن : حسناً . كان مثل ذلك المعطف. لقد تبرعنا به لجيش الخلاص ، على ما أعتقد .

روث : ذلك حيث حصلت على هذا المعطف . جيش الخلاص .

جن :هل فعلت ؟

روث : نعم .

( وقفة )

هل تعتقدين إنه ربما يكون هو نفسه هذا المعطف الذى معى ؟

جن : أعتقد،  ربما كان لون معطفها أكثر قتامة  .

روث : لذلك أستطيع أن أبيع هذا لك .

جن : لا شكراً لك .

( وقفة . تبتسم جن )

روث : أثمة شئ مضحك ؟

جن : لا . آسفة .

روث : لا تتأسفى .

( وقفة )

كنت تتذكرين شيئاً ما .

جن : نعم .

روث : عن هذا المعطف .

جن : ليس ذلك المعطف .

روث : حسناً .

جن : كنت فقط أتذكر – عندما كنت صغيرة ، اعتدت أن أمارس لعبة التنكر بالملابس .

( تبستم  روث )

كنت أرتدى معطف ماما الكشمير وقفازيها وقبعتها وأدعى أننى عجوز . كما تعرفين : ’’ سيدة راقية ‘‘

( وقفة . تتوقف ابتسامات جن . تتنهد )

روث : ماالمشكلة ، ياجن

جن : لا شئ ، فقط – سخيف .

روث : ما هو السخيف ؟

جن : اعتادت أن تقول ماما . وكانت تقول لى عندما أكبر ذات يوم سأكون من ذلك النوع من السيدات اللاتى يلبسن معاطف الكشمير

( وقفة طويلة . تقف روث . تبدأ فى جمع متعلقاتها )

أوه ، آسفة .

روث : مالذى تتأسفين عليه ؟

جن : لم أقصد شيئاً من ذلك .

( تخلع روث معطفها )

ماذا تفعلين ؟

روث : أخلع معطفى . ماذا يبدو هذا لك ؟

جن : لا تفعلى ذلك . الدينا برد .

روث : الإرادة القوية تمنع ذلك .

جن : لا . لا تفعلى –

روث : أستطيع أن أحصل على معطف آخر . أرغب أن تأخذى هذا .

( تضع روث معطفها فوق المقعد ، تعيد كوفياتها إلى الحقيبة )

جن : لا تعطينى معطفك . أرجوك .

روث : احتفظى به . أستطيع أن أحصل على معططف آخر . أتمنى لك يوماً سعيداً يا جن .

( تخرج روث )

جن : انتظرى ؟  روث !

( تنظر إلى المعطف . تغمغم بصوت منخفض )

لن أستطيع –

( وقفة )

روث ؟ روث !!

( تسرح جن بنظرها . تتطلع إلى المعطف . تعود وتجلس إلى جواره . تأخذ المعطف فى حضنها . تفكر .. تحل الوشاح من حول عنقها . تضعها فى جيب المعطف . تنظر وراء روث ( وقفة) . تخرج جن . يبقى المعطف فوق مقعد محطة الحافلات )

المؤلف : جون مينجان John Minigan  كاتب مسرحى ومخرج ومعلم تربوى و مازال حيا يرزق فى ولاية ما ساشوستس وهو عضو نقابة المسرحيين الأمريكيين .

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *