جوارب

*تيم بوهن/ ترجمة  :د.محمد عبد الحليم غنيم

الشخصيات :

  • هنري : رجل سعيد

  • كيم : امرأة تمر بيوم سيء

المكان : تجري أحداث المسرحية في محطة للحافلات في مدينة كبيرة . هناك أريكة و لافتة باسم المحطة . انتهى يوم العمل . اليوم عاصف وبارد ، والسماء توشك أن تمطر .

فى البداية : يقف هنري في هدوء ينتظر الحافلة وهو يحمل حقيبة تسوق مستعملة . تدخل كيم مندفعة وهى تحمل محفظتها وحقيبة سفر وحقيبة تسوق من البلاستك . تبحث عن هاتفها المحمول وتتحقق من الوقت . تسقط منها حقيبة التسوق على الأرض .

كيم : اللعنة على  ذلك!

هنري : تعالى هنا ، دعينى أساعدك –

كيم : سأحملها …

هنري : لا مشكلة –

كيم : قلت سأحملها ، دع ذلك وحده .

هنري : آسف ، كنت فقط أحاول أن أساعدك .

كيم : حسناً ، لا أحب للغرباء أن يستولوا على مشترواتى .

هنري : فهمت . أعتذر .

كيم : آسفة ، أنا متأكد أنك رجل لطيف جداً . إنه فقط …

هنري : لا تقلقى . هناك الكثير من اللصوص حولنا. الأمان أفضل من الأسف .

كيم : نعم . ذلك ما أقصده … آسفة .

هنري : لا مشكلة .

كيم : هل وصلت الحافلة رقم 6 بعد ؟

هنري  : لا ، أنا انتظر الحافلة رقم 6 أيضاً . لكثير من الوقت ، اسمى هنري .

كيم : نعم . مرحباً  لطيف أن … معذرة

( تفتش بجدية في داخل حقيبتها، تخرج علبة سجائر و تحاول أن تخرج سيجارة منها لكنها تكتشف أنها فارغة )

كيم : زفت !

هنري : ليس يومك . هاه ؟

كيم : هل معك سيجارة ؟

هنري : كلا ، آسف . أنا لا  أدخن .

كيم : كنت للتو في المحل ! لماذا ؟ لماذا يحدث ذلك دائماً ؟

هنري : لا أعرف .

( تستف كيم العلبة الفارغة في حقيبتها من جديد وتبحث أكثر عن المزيد من السجائر . بعد لحظة من هذا . تضع متعلقاتها فوق الأريكة وتجلس )

كيم : أى نوع من اللبان ( العلك )  ؟

هنري : لا . آسف .

كيم : متوقع .

هنري : آسف .

كيم : لا بأس . سأجد بعض السجائر في الماكينة في شقتى .

( ينتظر هنري الحافلة في هدوء . بعد لحظة ، يتخذ قراره ويجلس على الأريكة )

هنري : هل تريدين بعض الجوارب ؟

كيم : جوارب ؟

هنري : نعم ، أنا في الواقع اشتريت بعضاً منها .

كيم : لا . شكراً . احتفظ بجواربك . مجنون …

هنري : أنا فقط اعتقدت لأنك لم تسطيعي التدخين …

كيم : لذلك أحب بعض الجوارب .

(يبتسم هنري ويخرج من حقيبته زوجاً من الجوارب ذات العلامة التجارية الجديدة. ويقدمها إلى كيم . تهز رأسها بالنفي وتحاول أن تتجاهله ، فيضع الجوارب بعيداً وينتظر الحافلة في هدوء )

كيم : جوارب ؟!

هنري : لا شيءأحب من زوج من الجورب الجديدة …

كيم : غير معقول .

هنري : أنا جاد .

كيم : أعرف . أعرف أنك كذلك . وهذا هو السبب في أننى في حاجة وظيفة أفضل . حتى أتمكن من شراء سيارة و من ثم لا أضطر إلى الكلام مع رجل مهووس بالجوارب في محطة الحافلات .

هنري : لست مجنوناً . إذا كنت لا تريدين الجوارب فلا بأس . إنه فقط – تعرفين ماذا ؟ لا يهم . آسف على إزعاجك .

كيم : إنه فقط ماذا ؟ هاه ؟ أجب سريعا  ، ستكون الحافلة هنا حالاً وأنا أريد أن أجلس بعيداً عنك .

هنري : لا عليك  .

كيم : لا . قل لى . أنا لم أتناول نيكوتين بشكل كافٍ ولن أكون قادرة  على التفكير في أى شئ سوى  حجتك اللعينة هذه ، لذلك عليك أن توضح لى .

هنري : أوكيه . حسناً . اعتدت أن استخدم الجوارب كوسيلة للإقلاع عن التدخين .

كيم : أووه . هذا جيد . أكمل .

هنري : هذا هو كل شئ . أعتقدت أنك ربما يمكنك أن تفعلى  الشئ نفسه . لقد كان ذلك أفضل شئ حدث لى .

كيم : الجوارب أفضل شئ حدث لك ؟ آسفة لسماع ذلك .

هنري : أعرف أن هذا يبدو غريباً ، لكنها لم تكن مجرد الجوارب . كانت الجوارب فقط البداية لقد فتحت عينى .

كيم : فكرة من الزن تماما  !

هنري : إلى حد ما. نعم . مجرد التركيز على ذلك الشيئ البسيط ، فإن ذلك  يجعلنى أدرك ماذا كنت أفتقد .

كيم : مثل الملابس الداخلية ؟ أدويتك الطبية ؟

هنري : مثل الاستمتاع بحياتى . في كل يوم أنا سعيد لأننى أختار أن أعمل الأشياء التى أعلم أنها ستجعلنى سعيدا .

كيم : والجوارب ؟ من كل تلك الأشياء ، تجعلك سعيداً ؟

هنري : فكرى في ذلك ، لو كان هناك أى شئ أفضل من أنزلاق قدمك في جورب جديد وقشيب؟ نظيف . مريح . ناعم . لن يكون أبداً بهذا الأحساس الرائع مرة أخرى . صحيح ؟

كيم : أظن . وماذا في ذلك ؟

هنري : إذن تعترفين أن ارتداء جوارب جديدة  أمر رائع .

كيم : حسناً ، نعم لكن أيضاً هناك الكثير من الأشياء .

هنري : يمكننى أن أفكر في القليل الذى أحبه أيضاً ، لكن ليس الكثير .

كيم : وماذا في ذلك ؟ كيف يمكنك أن يساعدك  هذا في الأقلاع عن التدخين

هنري : حسناً . استبدليها .

كيم : الجوارب بدلاً من السجائر .

هنري : أجل .

كيم : هل تمصها أم ماذا ؟

هنري :لا ، فقد أرتدى زوجاً جديداً من الجوارب في كل مرة وفى كل يوم . لم ألبس الجوارب نفسه مرتين

خلال العامين.  في بعض الأيام أرتدى زوجين من الجوارب إذا ما كانت قدمى مبتلتين أو شئ ما .

كيم : هذا سخيف . ياله من تبديد!

هنري : تبديد؟ لماذا ؟ أنا أستمتع بذلك .

كيم : إنه مكلف ، ومسرف . جوارب جديدة كل يوم .

هنري : إنها أرخص من السجائر .

كيم : مستحيل .

هنري : في الواقع كنت أنفق ما يقرب من عشرين دولارا في الأسبوع على السجائر ، هل تصدقين ذلك ؟

كيم : حسناً ، أعتقد ذلك تقريباً .

هنري : اشترى في الواقع جوارباً جميلة ، مثل هذه – ( يمسك بزوج من الجوارب ) – حقيقة جميلة هذه الأنواع . أدفع . أدفع  لهؤلاء الفتية دولارا واحدا مقابل كل زوج . بالتأكيد ، أشتريها بكميات كبيرة ، لكننى أعرف اننى استعملها ، لذلك فأنا أوفر المال .

كيم : وتبدد الجوارب .

هنري : أتبرع بها .

كيم : بجوارب مستعملة ؟

هنري : جوراب مغسولة . لملجأ للمشردين  في وسط المدينة . ماذا تفعلين  أنت بأعقاب سجائرك ؟

كيم : أياً كان . لا شئ يهزم التدخين .

هنري : حاولى .

كيم : لن أذهب لشراء الجوارب .

هنري : يمكنك أن تأخذى زوجاً على حسابى

كيم : لا شكراً .

هنري : هيا ، جربى ذلك . لقد كان يوماً طويلاً جداً ، ألا تشعرين بالألم ؟

كيم : وماذا في لك ؟ وإن يكن !

هنري : ابدأى بقدمك اليمنى . هيا .

(يقدم هنري لها زوجاً من الجوارب  ، تأخذ كيم الجوربين بدون حماس ، تبدأ في لبسهما )

الآن انتظرى . أغلقى عينيك وأنت تفعلين ذلك . فكرى ملياً بما تفعلين جربى أن تفعلى ذلك .

( تلبس كيم الجورب ، فتتغير حالها )

كيم : أوووه .

هنري : شعور جيد . هاه ؟

كيم : لم أفكر أبداً في ذلك من قبل ، لكن نعم  صحيح . هذا مذهل .

هنري : أمازلت تريدين سيجارة ؟

كيم : نعم لكن ليس كثيراً على ما أعتقد .

( يضحكان )

هنري : خذى – يحتاج هذا الأمر إلى أكثر من زوج من الجوارب –

( يخرج المزيد من الجوارب من حقيبة التسوق التى معه  ويقدمه إلى كيم  )

كيم : لا أستطيع ، لا . شكراً لك ، لكن لا .

هنري : في الواقع ، لن يكلفنى ذلك كثيراً . لدى طن منها  في المنزل . أعدك !

كيم : لست في حاجة إليها . ربما لن أستغنى عن السيجارة .

هنري :إنه لأمر مخز . لقد أعتقدت  حقاً أنك تنوين أن …

كيم : أقلع عن التدخين ؟  أنا راضية بعيوبى .

هنري : انظر إلى نفسك  ! تملأ البسمة وجهك كله، وكل عظمة في جسدك ذايت عندما لتست هذين الجوربين ،  هل تلك رذيلة  .

كيم : ليست الجوارب رذيلة .

هنري : أنت قلت بنفسك أننى كنت مسرفاً . تلك هه الرذيلة ! انا أيضاً  اتناول ست كعكات بالزبدة على الإفطار كل يوم . كيف يكون ذلك رذيلة ؟

كيم : كعك ؟ جوارب ؟ ما الأمر معك ؟

هنري : كنت  أتناول فطيرة بالبيض كل صباح . أكانت أسوأ لى ؟ الأهم من الذى ، ما الشئ الذى يجعلنى سعيداً ؟ قبل  أن أغادر المنزل ، كل يوم ، كنت أتناول زبدة نوتر وأرتدى جورباً بماركة جديدة ، أى شئ أستطيع فعله سوى الابتسام ؟

كيم : أأنت فقط تعمل ما يجعلك سعيدا ؟

هنري : عادة ، نعم .

كيم : مذهل . وماذا غير هذا ؟

هنري : توقفت عن لبس  الساعة .

كيم : لماذا ؟

هنري : دائماً ما كانت الناس تسألنى كم الساعة الآن ؟ وكنت دائماً أتساءل كم الساعة . فقررت ألا أهتم .

كيم :عليك أن تكون في العمل في موعدك ، ذلك كل ما في الأمر .

هنري : بالتأكيد ، هناك ساعات في كل مكان . فوق ذلك ، الآن ، أنا الذى يسأل الناس كم الساعة الآن . في الواقع  أن ذلك يخفض الضغط .

كيم : أعتقد .

هنري : أيضاً ، بعت سيارتى لذلك أستطيع أن أركب الحافلة كل يوم .

كيم : هل تريد أن تركب الحافلة ؟

هنري : نعم . إنها طريقة رائعة للقاء الناس . مرحباً أنا هنري .

(يمد هنري يده ، تبتسم كيم وتصافحه  )

كيم : أنا كيم .

هنري : مرحباً ، كيم . هل تريدين بعض الجوارب ؟

كيم : أكيد . أحبها .

( يقدم هنري لكيم عدة أزوج  من الجوارب . تضعهما في حقيبتها ، ينتظران الحافلة وهما يبتسمان )

” النهاية ”
__________________

المؤلف : تيم بوهن/  Tim Bohn: أستاذ مساعد في قسم المسرح بجامعة ولاية أركنساس حيث يقوم بتدريس دورات في الإخراج و الكتابة المسرحية و التمثيل و تحليل النصوص و كل ما يحتاجه هذا العمل . حاصل على درجة ماجستير في الفنون الجميلة في الإخراج من جامعة كارولينا الشمالية في جونسبورو  و البكارليوس في آداب قسم المسرح من جامعة ويسكونسن – بركسد . عضو نقابة المسرحيين و يشغل رئيس مهرجان المسرحية ذات عشر دقايق  setc ( مهرجان مسرح جنوب شرق ) يعيش تيم بوهن مع زوجته ليزا و طفليه إيلى و إيت في جونسبورو ، أركنساس .

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *