*جهاد أبو حشيش
خاص ( ثقافات )
ما يدور مؤخراً في أوساط الناشرين العرب وبالقدر الذي يحتل فيه السواد مساحة كبيرة إلا أنه يبشر بإن البياض قد بدأ يصحو ويؤمن بضرورة استرداد مساحته، فالمراقب للمشهد منذ سنوات سيدرك بالضرورة احتلال الكثير من المدعين والطفيليين وبائعي الألعاب والمزورين مساحة واسعة تحت مسمى ناشرون، وهؤلاء لا هم لهم سوى المال ولا يهمهم غيره بل أن البعض يشتغل بتوجيهات ودعومات من هنا وهناك لتغذية المشهد الثقافي العربي بثقافة الكراهية وبالخزعبلات وبما يخدم أعداء الأمة وتفتيتت أجيال كاملة.
في ظل هذا كله، وفي ظل هذه الفوضى التي تسود عالم النشر، علينا أولا أن نسأل: هل الناشر وحده هو المعني بالأمر؟ هل هو وحده المعني بمواجهة تلك الشركات التي باتت تعتبر معارض الكتاب فرصاً للجباية؟ هل إفساح إدارات المعارض لمساحات شاسعة لأصحاب الالعاب التي لا علاقة لها بعالم النشر، والكثير ممن يعملون على ترويج كل ما هو ماضوي ومغذٍ لثقافة الكراهية يأتي من قبيل الصدفة؟ هل التراجع عن دعم الدور التنويرية والتي كان جزء رئيساً من برامج بعض المعارض خاضع لتوجهات الإدارة فيها؟ كثيرة هي الأسئلة كثيرة هي الأجوبة التي ما زالت في جراب الناشرين، لكن الأهم الأن، هل المعركة معركة الناشر لوحده؟ أم أنها معركة الناشر والكاتب والقارئ؟
إلا يتضرر الكاتب حين يحمل كتابه ناشر لا يحترم الكتابة الا من حيث هي إضافة لرصيده، ولا يهمه أي أمر عدا ذلك، ألا يتضرر الكاتب حين يحمل كتابه ناشر لا مشكلة لديه في ان يكون مجرد ارجوز لا كرامة له ولا يتردد في ممارسة كل أشكال النفاق لإدارات المعارض وغيرها من أجل الحصول على امتياز تافه؟ ألا يتضرر القارئ من ارتفاع كلف ايجارات المعارض والتضييق على الناشر؟ الذي سيعوض الأمر من القارئ بالضرورة، ثم كيف سيثق القارئ بجودة الكتاب وهو يتعامل مع شخصية تهدر كرامتها عند أبواب مدراء المعارض والتزلف لهم والابتعاد عن قول الحق.
إذا المعادلة بالضرورة تعني هذه الأقطاب الثلاثة وهي معركتهم وعلى الجميع التصدي لمسؤولياته فحين نقبل أن نكون افرادا في مجتمع ما علينا ان نكون ايجابيين وفاعلين وأن نشتغل على تطوير كل ما يؤدي إلى تقدم هذا المجتمع وأعتقد اننا هنا بصدد أخطر حلقة تبني أو تدمر هذا البناء.
هل المسألة تتعلق فقط بالمعارض وكونها شركات جباية وتنصل وزارات الثقافة العربية بأغلبها من مسؤوليتها تجاه الوطن والمواطن، لا اعتقد فالذي يقوض كل فعل ايجابي هو ذلك الناشر فرداً أو جماعة حين يقوم بتقويض جهود المجموع المتمثل في اتحاده الأم” اتحاد الناشرين العرب” من خلال التفافه وتزلفه وقبوله بالفتات الذي يرمونه له على حساب الناشرين.
وتزداد التساؤلات حين ندرك كما كتب بعض زملائنا من أن بعض من التفوا على جهود الناشرين العرب حتى الآن هم أعضاء في مجلس اتحاد الناشرين العرب، أي أنهم بالمعنى الحقيقي يتآمرون على ما يتخذون من قرارات، إن كان الأمر بالنسبة لهولاء هو إحراج الرئيس محمد رشاد فليس متاحاً لهم إحراجه على حساب الناشرين، وإن كان تخوفهم أن يسجل رئيس اتحاد الناشرين العرب ما يتم إنجازه لصالحه فنقول لهم صحيح أنه يتحمل المسؤولية سلبا وإيجابا بوصفه رئيسا للاتحاد لكن عدم الإنجاز وخذلان الناشرين لن يسجل على الرئيس لوحده بل عليكم قبل أي شيء فرئاسة أي اتحاد تحتاج لدعم أعضائها فكيف وأنتم يا من تقودون الاتحادات المحلية أنتم بذاتكم من يتشكل منكم مجلس اتحاد الناشرين العرب ولا نجد اتحادا واحداً سوى اتحاد الناشرين الأردنيين ممثلا برئيسه وأعضائه كما كتب عضو المجلس الاستاذ خالد جبر، يعلن موقفا واضحا ويتمسك بموقف اتحاد الناشرين العرب وبكرامته قبل كل شيء، هل خدعتم الهيئة العامة لتصلوا إلى الكراسي فقط؟ ويا ليتكم تكسبون منها بعض الكرامة، سنختلف ونتفق مع الرئيس ولكننا لن نحمله المسؤولية بل سنبحث كأعضاء هيئة عامة في تفاصيل مواقفكم لنشهرها للجميع فهذا حق عام لنا والذين يبيعوننا الكلام ويتاجرون بنا نقول لهم حين تمتلئ النفوس بالكرامة فلن ترضى أن يسدها سواها.