لنحرر الحب المسجون في قلوب البشر




*لطفية الدليمي


مناجيات مع كازانتاكي

14
تتذمر من الحياة القصيرة وهيمنة اصحاب الوصايا على حياتنا وتكتب الى احدى صديقاتك :هذه الحياة قصيرة ونحن لانستطيع التمتع بها كما يجب وبالقدر الذي يجب ، ذلك لأن الفضيلة التي وضعها أناس أدنياء مرتاعون تحول دوننا وتحقيق ذلك ولأن الخطيئة التي خلقها أناس أدنياء مرتاعون لايمكن أن تبهجنا ففي اللحظة التي نقوم بوضع وصايانا العشر الخاصة ، نموت..
أنت ضد وضع الوصايا وضد سدنة الفضيلة الزائفين وضد المبشرين بالخطيئة ، انت مع حرية تبتغي الشغف الحقيقي بالحياة دون الإحساس بإثم الخطايا أو الإرتكان الى هشاشة الفضائل الزائفة، وتقول من أجل نجاة العالم علينا أن نحرر الحب المسجون في قلب الانسان، وعندما سألك صحفي فرنسي لماذا كتبت هذا الكتاب الفظيع عن القديس فرانسوا ، أجبته :
– أنا أضع كتبا مقلقة على الأقل ، وإن استطعت جعلتها فظيعة كي أنذر البشر بأنهم سائرون نحو الكارثة وإن عالمنا يقف على حافة الهاوية التي ستبتلعه.
– هل يجدي صوت كاتب واحد لإنذار البشرية ؟؟
– قد يتردد الصدى مع علمي بأن عددا قليلا من الكتّاب يهتمون بمصير البشرية ، فالأكثرية يتلاعبون بحكايات عادية وصغيرة عن الجنس والتحليل النفسي والجريمة ..
– بمن تأمل خيرا في هذا المسعى ؟؟
– أرى أن الرسامين والموسيقيين أكثر حساسية تجاه الأمر من كثير من الكتاب.
– هل نحتاج الى مبشرين عصريين او اناس لهم بعض قداسة المضحين؟؟
– لم لا ؟ فهذا الطبيب العالم والفيلسوف والموسيقي البرت شفايتزر قد ضرب مثلا للانسانية في مجمل ماقام به في حياته ،هو الذي ذهب الى مجاهل افريقيا ونذر نفسه لمعالجة مرضى البرص و الجذام والتخفيف عن آلامهم وعاش بينهم متخليا عن رفاه عيشه في سويسرا وكرس سنواته لخدمة البشرية ونال جائزة نوبل عن استحقاق .
– لكن فلسفة شفايتزر لم تنجح في تنبيه البشرالى احترام جميع اشكال الحياة ، فهاهم يفترسون الحيوانات ويقتلعون شجر الغابات ويقتلون بعضهم بحروب عبثية ..
– وضع شفايتزر خارطة طريق للنجاة ، لكن البشر لم يأبهوا ، قال شفايتزر: “ان احترام الحياة هو اسمى مبدأ يجب التحلي به” ، لكنهم اعتنقوا مبادئ سياسية فاتكة ، وجاهروا بالشوفينية والعنف وقتل المختلف ..
– و اعتبرت لقاءك به من أهم ايام حياتك ؟؟
– نعم لانني تعلمت في لقائه دروسا عظيمة – وبعضها يصعب تطبيقه- فنحن نزرع الورود والزهور لنقطفها لالنتفرج عليها وسط الطبيعة ، كنا نسير معا ورأيت زهرة برية أردت قطفها فأمسك يدي قائلا : انها كائن حي، ينبغي احترام الحياة دعها تكمل دورة حياتها. خجلت من همجية الانسان ازاء الطبيعة وبني جنسه على حد سواء.، وأعترف إن أهم يوم في حياتي كان يوم التقيته وفتح كل منا قلبه للآخر وعندما دبت نملة على قميصه رفعها والقاها على الأرض ولسان حاله يردد : أختي النملة الصغيرة..
– ثمة أيام مهمة اخرى في حياتك ، يوم أتت ايليني تحمل نسخة من أول طبعة للإلياذة ..
– أجل أخذت النسخة وقبلتها وقلت : أية فرحة أن اكافح طوال سنوات ثم امسك بثمرة كفاحي بين يدي.
– لكن كفاحك لم يتوقف.
– أمامي معركة أخرى لإكمال ترجمتي للأوديسة، أتمنى أن اخوض معارك أرى لكن وقتي قصير سأرحل وأدع شريكي كاكريذيس يخوضها وحده.
 يتبع
___
*المدى

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *