احذر حلمي


*د. سمر الشامسي


خاص ( ثقافات )
عجباً للبشر يظنون أن الحلم ضعف. يعبثون بقوة غيرهم وإمكانيات خصومهم ولا يدرون أن حلم الآخرين هو فناء واسع يمهلهم فسحة من الوقت كي يعودوا لرشدهم. يُهيأ لمخيلتهم أنهم أجدر على التحدي من غيرهم، مع العلم أن ضعفهم ظاهر دون ستار. ومع ذلك يتمادون في طغيانهم يعمهون، وكأن البصر والبصيرة تجافيهم.
أقول لهم دع الحليم يرأف بك ولا تستفز حلمه ، ربما تربح جولة أو مباراة وليس معنى هذا أنك هزمته أو كسرته ، فالحكمة تقول ( رب ضربة لم تقتلني أو تكسرني لكنها ضاعفت قوتي ) أخبرك يا هذا ليس تعالياً مني عليك أو غرورا وزهوا بنفسي ولكن أنا مثل الرياح العاتية التي لا يستقر أمامها جذع إلا واقتلعته من مستقره.
يظن الجاهل بي أني ضعيفة أو مستسلمة وأحياناً يراوده الشك أنه متكافئ معي دون أن يدري أو ربما سرقته سكين الوهم أنه باستطاعتي أن أمحي كبرياؤه من الوجود ولكن هناك إله أراعيه أو شفقة عليه تتملكني ، اقول له يا عابثاً اتقي شر غضب الحليم واحذر من ثورته فهو والبحر الراقد أشقاء لو استيقظت أمواجه لابتلعتك.
ثورة الحليم كبركان خامد يغلي باطنه دون أن يراه أحد وإذا ثار من سكونه لأحرقت حممه كل ما في طريقها لأنها مدمرة لا تبقي ولا تذر ، أقول لك يا عابث ربما حلمي عليك ليس من أجلك ولكن من أجل آخرين أو خاطر أناس تكرم أنت لعيونهم فاحذر حلمي وتجنب غضبي فلو التفت لك بطرفة العيون لزلزلت استقرارك وثباتك . أنصح كل مستفز بحليم أن يحذر حلمه ويفرق بين الحلم والضعف.
ليس كل سكون هادئ ، ولا كل هائج مدمر فالنار مصيرها الرماد ، والماء رغم برودته مصيره الغرق فأعد حساباتك واسترجع قواعد الحياة بعقلانية وأنزل الأمور منازلها وأعطي كل ذي قدر قدره ولا تستهن بالناس فربما من تستهين به يفوق توقعاتك ولا يصل لقدراته خيالك ، فأنا الليل باحتوائه والنهار بحيويته ونشاطه ، أنا الربيع البديع والخريف الهادئ والصيف الصافي والشتاء المتقلبة.
فغموضي سر قوتي وصمتي خزائن أسراري وشفرة جمالي، اعلم يا هذا إن كنت منحتك ثقتي يوماً ما ، فهي كبوة الفرسان لأنك لا تستحقها بالفعل والأيام أثبتت لك ذلك فحياة الخيول الأصيلة أنت تجهلها وترويض المُهر الجميلة بعيدة عن علمك كبعد المشرق عن المغرب، فلا يغرنك الزمن أو توهمك الأيام فكما قلت لك سابقاً أنا مثل الرياح العاتية التي لا يستقر أمامها جذعاً إلا واقتلعته من مستقره فاحذر حلمي.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *