استيقظي أيتها الحديقةُ من نومك الطويلْ


*سماء عيسى


1
أعداء الأحلام
أكثر ضراوةً
وشراسةً
من أعداء الواقع.
2
إلى تشارلة سيميك
ها قد مضى
قرنٌ آخرُ الى الجحيمْ
انتهى الطغاةُ
الذين لكثرتهم
لم أعد أذكر أسماؤهم
لكنَّ العالم لا ينتهي أبداً.
*
جارسيا لوركا
مازال حياً
ينثر الياسمينَ
في دروب غرناطة.
أخبرتني غجريةٌ
كانت تقرأُ
قصيدةً له
في الحانة.
ماذا عن فرانكو؟
أجابتني:
شخيره يصلُ إليَّ
كُلَّ ليلةٍ
من قارب صيد
في شاطئ مهجور.
يتعفَّنُ بقربه عجل ميتْ
تتعفنُ أيضاً
زرافة سلفادور دالي المحترقة.
ها قد مضى قرنٌ آخرُ
إلى الجحيم.
3
سليمان المعمري
يحوِّل حبل المشنقة إلى مرنجوحة
عسكريٌ يقتاد رجلاً إلى شجرة
يتدلى منها حبل مشنقة
العسكري يلف الحبل بعنق الرجل
وقبل رفع الحجر عن موطئ قدميه
تنطلقُ فتاتان نحوهما
وتبدآن الرقص.
العسكريُ ينضَّمُ إليهما راقصاً
الرجلُ يفكُ عن عنقه الحبلَ
ويفرُ هارباً…
قبل ابتعاده
تحاصره فتاتان
ترقصان حوله
ينضم إليهما راقصاً
ينضم العسكري
والفتاتان راقصينَ أيضاً.
تهب ريحٌ
ترافقهما أمطارٌ غزيرة
تتدحرج قبعة العسكري في الهواء
يتحول حبل المشنقة إلى أرجوحة
تتلاعبُ بحبالها ريح الصحراء
الغاضبة.
4
كانَ عليَّ أن أدلف إلى البيت المهجور
لأنه ومثلما عرفت ، أنَّ ميتا عزيزاً يرقدُ
هناكَ منتظراً ، من يعيده جسداً
مكفنا إلى الترابْ.
باغتني كلب جائع وطائرٌ جريح !
لماذا تموتُ وحيداً ؟
في طلل ربما كان يوماً،
منزلاً لعاشقين حصدتهما لاحقاً
أوبئة الطاعون.
تأتي فتاةٌ من أرضٍ بعيدة تغني
غداً يعودُ المسيح إلى الأرض
حمامةٌ شربت ماءَ النبع وعادتْ
طفلة تأتي بها الريح
لتموتَ معنا
في مقبرة القريةِ الحنونْ.
الكلب يحوم حولَ الفناءِ
الطائر يحوم حول سماء البيت.
5
كنتُ قد تبيَّنْتُ
دمع الوردةِ المرْ
حينَ شربتُ رحيقها
بكيتُ حزناً
في الطلل المهجور
بعيداً…
من فراشات الحقولْ
وهي ترشف الحُبَ
من قلبي.
6
لأنه
لا أحد يوقظ الموتى
غير الفراشات
وهي تمر على الأرضِ عابرةً
إلى مدافنها بين الأشجار
لذلكَ
فقط في الليل
نكونُ قادرين على البكاء.
7
حين مررتُ على الحديقةِ
التي كنتُ والصبية الميتهُ
نلعبُ بها الغميضة…
هبت ريح الخريف الساخن
كادت أن تقولَ لي سراً
لكنها
بكت معي
ورحلتْ…
8
ثمة ما يوحي
لوحشةٍ مرة
في الرصيف
الذي تعودت فيه anjte
انتظاريَ مساءً
قبلَ موتها.
9
قالت المرأة العمياء :
دعني احترقُ
في العريش ،
لا تطفئ النار
فأنجو
إنني امرأةٌ حزينة الروح.
10
ذات مساءٍ
وأنا أفتح بابَ
منزليَ الريفي
سبقتني ضفدعةٌ
في الدخولِ إليه.
11
وأنا عائدٌ
إلى القريةِ
بعد غيابْ
استقبلني
على عتبةِ الباب
طفلٌ يبكي.
12
في الفجر
رنى الطفل
إلى الحديقةِ المهجورةِ
حزيناً
قالَ :
استيقظي
أيتها الحديقةُ
من نومك الطويل.
_______
*جريدة عُمان

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *