أروى المهنا
خاص ( ثقافات )
المستجدات التي فرضت نفسها على الساحة الثقافية العربية بمطلع ما يسمى الربيع العربي 2011 شكّلت للمثقف غطاءات هشّة وضعيفة أكثر مما كانت عليه في الواقع إذ لا غطاءات فولاذية تحميه من غزو مفاجئ ولا حتى مؤسسات متمكنة يتكئ عليها المثقف العربي في وقت شديد الحساسية كهذا يعود الاتهام الأول لأصابع السياسة، والتي تركت بصماتها على كل نتاج المثقف العربي وفكره الفاقد لكرسي مشارك كدور فاعل على طاولة القرار، وهنا يقع المثقف أمام إشكالية التشكيك بأهليته كبشري له دور مهم مغاير عن كل حراك مدني آخر!
للثقافة العربية اليوم مشهدان، واحد يعود لأيام الأبيض والأسود، والذي مازال مثقفوه يسبحون في هالة الأيديولوجيات والتابوهات واضعين حزام الرقابة الهاجس الوحيد في كل ما يُعمل به خوفاً من المواجهة، وهو ما يقف عائقاً كبيراً أمام تعرية الحقائق والحديث عنها بشكل مفصلي يقود إلى بنيوية جديدة تضفي ألوانها الحداثية لتغير من طبيعة ومرجعية هذا المشهد المكرّر والمعاد كل مرة بصيغة خطابية ببغائية إن صح التعبير، وأمام المشهد الآخر في وصف الثقافة العربية والملّقب بالعصري الحداثي صاحب الأوركسترا ذائعة الصّيت يقع المفهوم الثقافي في مواجهة لا مقاومة فيها ولا عتاد أمام الأعمال العربية القادمة من بلاد الواق واق، والتي اعتمد عليها المثقف العربي كمناخ لطيف يستنشق من خلاله الصعداء ليعود من بعد الاحتراق كطائر فينيق يبني لجناحيه كواليس جديدة في فضاء لا يخلو من الحرية المنشودة، المفارقات الكارثية التي يعيشها الوسط الثقافي العربي وبين هذين القطبين المتنافرين لا تخدم بشيء، بل تؤخر عمل الآلية التي من المفترض أن تكون كبوصلة تجمع كل الجهات والمؤسسات الثقافية والأسماء النخبوية للحذو باتجاه واحد لا حياد فيه، تراكمات فوضوية لم تخلُ تشققات جدرانها من عربشة الإبداع الشبابي عليها بألوانه وكتاباته وثقافاته المتعددة الأشكال كنوع من الصّمود الغَض نوعاً ما أمام وجع الحرب والخراب.