5 قصائد لـ”قسطنطين كفافيس”


ترجمة: د. نعيم عطية*


النوافذ 
في هذه الغرف المظلمة التي أمضي فيها أياما ثقالا، 
أروح وأغدو باحثا عن النوافذ.
عندما تنفتح نافذة سيكون عزاء.
لكن النوافذ لا أثر لها، 
أو أني غير قادر على أن أعثر عليها.
وربما كان من الأفضل ألا أجدها.
ربما كان النور عذبا جميلا.
من يدري كم من أشياء جديدة ستظهر.
رغبات 
مثل أجساد جميلة، لم تدركها الشيخوخة،
ذرفت عليها الدموع، 
وهي تواري ضريحا فخم البناء،
على الهامات نضدت ورود،
ونثر الياسمين عند الأقدام.
مثل أجساد كهذه هي الرغبات التي ولت 
دون وفاء،
دون أن يقدر لها قط 
ليلة من ليالي المتعة،
ولا حتى صباح من أصبحتها 
العامرة بالضياء.
أصوات 
أصوات خفية حبيبة
أصوات أولئك الذين ماتوا،
أو أولئك الذين هم بالنسبة إلينا ضائعون مثل الموتى،
تتكلم في حياتنا أحيانا،
وأحيانا في الفكر يسمعها العقل.
ومع أصدائها 
.. تعود برهة أصوات من قصائد حياتنا الأولى،
مثل موسيقى 
.. بعيدة في الليل تخبو.
دعاء 
ابتلع اليم في أعماقه بحارا.
ولم تعلم أمه بالخطب 
.. فمضت تشعل أمام العذراء شمعة طويلة 
حتى يظل الجو صحوا 
ويعود ابنها سريعا.
وراحت الأم ترهف السمع للرياح،
وتقيم الصلوات وتبتهل. 
على أن صورة العذراء المنصتة خيم عليها حزن وكآبة،
فهي تعرف أن الفتى لن يعود.
المدينة
قلت: ” سأذهب إلى أرض أخرى.
سأذهب إلى بحر آخر.
مدينة أخرى ستوجد أفضل من هذه.
كل محاولاتي مقضي عليها بالفشل.
وقلبي مدفون كالميت.
إلى متى سيبقى فكري حزينا؟
أينما جلت بعيني،
أينما نظرت حولي،
رأيت خرائب سوداء من حياتي..
.. حيث العديد من السنين 
قضيت وهدمت وبددت.
لن تجد بلدانا ولا بحور أخرى.
ستلاحقك المدينة وستهيم في الشوارع ذاتها.
وستدركك الشيخوخة في هذه الأحياء بعينها.
وفي البيوت ذاتها 
.. سيدب الشيب إلى رأسك.
ستصل على الدوام إلى هذه المدينة.
لا تأمل في بقاع أخرى.
ما من سفين من أجلك
وما من سبيل.
وما دمت قد خربت حياتك هنا،
في هذا الركن الصغير،
فهي خراب أينما كنت في الوجود. 
* من ديوان كفافيس، شاعر الإسكندرية (1863ـ 1933).
* ترجمه عن اليونانية: الأستاذ الدكتور/ نعيم عطية.

شاهد أيضاً

كأس وظلال

(ثقافات) كأس وظلال عبد القادر بوطالب تلك الظلال التي طوت تفاصيل أجفاني سارت خلفي ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *