آمال الديب
تتسرَّبُ من ثُقبٍ في الجدار..
أجاور اندهاشاً بلا عتبات..
ينقلني حيث تبسمين فخراً
عندما نجحت في إخراج رغيفٍ له ضحكةُ القمر..
للمرَّة الأولى..
وحافظتُ كذلك على “رَكْوَةِ” الفُرْنِ مُشتعِلَة..
للأفق لونُ غيابِك..
في مشاهدي مع الأصدقاء..
مع إخوتي..
مع حبيبي عند استرسالي أحياناً بوصف صداقتِنا قبيلَ رحيلِك..
مؤخَّراً هاءت لي الفرصةُ لأحصِّل ما فاتني من حنانك
كم استأثرت أخواتي به!
رهقٌّ هو الحنينُ إلى الرَّاحلين..
وكأنِّي أحببتكِ بعد غيابك أضعاف ما كان..
ويلٌ من هذا الـ”ماكان” حين نكتشف استحالته..
كلٌّ يطمحُ في الحياة إلى الأبد..
على أن تظلَّ أمُّه تمنحه الدفء..
تلملم الجروح التي تبِيْضُ ندوباً في الروح..
فتَفْقِسَ غُربةً ووحشةً ووَحْدَة..
إلى وطنٍ لم يبرح أرضَه..
الغربة نصفها غيابُك..
والنصفُ الآخر عقدٌ منفرط الحبَّات..
يستحيل جمعه من جديد…
كنتِ خيطَهُ وحدَكِ يا أُمُّ..
الوحشةُ.. تنِّينٌ يلتهمُ زوايا البيت..
حين أعود أبي بالزيارة
أبحث عن خُطواتِك في الغُرف فلا أهتدي إلى آثارك..
أتقوقعُ في فِراشِك..
علَّكِ تمنحينني حضنك إن غيَّبني النومُ دقائق..
الوحدةُ… رغم ستَّة إخوة
لأقلِّهم ثلاثة أبناء.. هي إرثي مؤخّراً…
ووابلٌ من اللوم هو كلُّ ما يصوِّبونه نحوي..
فقد اخترتُ الحب…
الحبُّ.. يا أمُّ.. هو ما أتَّكِئُ عليه لأبقى..
هو ما يمنحُني الأمانَ في أيَّامٍ تكسوها البشاعة..
هو يدُ الله تربِّتُ على ظهري الدَّامِي… فتُبَرِئه..
الحبُّ.. دعواتُك التي تَنْبُتُ شجراتٍ من الرِّضا والقناعة…
زادي في تلك الأرض..