قريبًا.. علاج مُحتمل لاستعادة ذاكرة مرضى ألزهايمر




*علاء الدين السيد


اكتشاف علمي هام، يمكنه التقليل من الخسائر الكبيرة التي يعاني منها مرضى ألزهايمر. من المعروف أن المشكلة الرئيسية لهذا المرض تكمن في فقدان الذاكرة، وعدم القدرة على تمييز حتى أقرب الناس. لكن العلماء اكتشفوا أنه يمكن استعادة الذكريات المفقودة لمريض ألزهايمر. لم يتم تجربة الأمر على البشر بعد، لكن التجارب التي أجريت على الحيوانات أثبتت أن الأمر ممكن بالفعل.
تفاصيل الاكتشاف
طبقًا لتقرير بحثي شارك فيه باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وباحثون من معهد ريكين الياباني، فقد تمكنوا بالفعل من استعادة الذكريات المفقودة في الفئران، وذلك عبر استخدام الأضواء الساطعة (flashing lights).
استخدم فريق الباحثين فئرانًا تم هندستها جينيًا، كي تعطي نفس أعراض مرض ألزهايمر. وُضعت الفئران في أقفاص ذات أرضية يمكن كهربتها، وعند إعطاء الفئران صدمات كهربية خفيفة في أقدامها، فإن الفئران السليمة والصحيحة يتملكها شعور بالخوف، إذا ما تم إعادتها للأقفاص من جديد، وذلك لأنها تتذكر جيدًا تجربتها مع هذه الأقفاص، وما تعرضت له من صدمات كهربية مؤلمة. لكن الفئران التي عُدلت وراثيًا تنسى تجربتها السابقة مع هذه الأقفاص، ولا يظهر عليها أي ملامح للخوف عند إعادتها من جديد.
وبالنسبة لمرضى ألزهايمر، فإن فقدان الذاكرة يكون نتيجة لحدوث ضمور في منطقة الحصين (hippocampus) الموجودة في الدماغ، وهي المنطقة التي تلعب دورًا رئيسيًا في عملية صناعة الذاكرة والذكريات؛ لذلك استخدم الباحثون ومضات ساطعة من الضوء الأزرق، بغرض تحفيز الخلايا العصبية في منطقة الحصين عبر تشجيع المسارات العصبية في هذه المنطقة.
بعد عملية التحفيز بالضوء، فإن الفئران التي كانت تملك أعراض فقدان الذاكرة، بدأت تبدي خوفًا لدى إعادتها من جديد إلى الأقفاص ذات الأرضية المكهربة، في دلالة على عودة ذاكرتها من جديد.
ذاكرة المصاب بألزهايمر تختبئ ولا تختفي
ويوضح البروفيسور سوسومو تونيجاوا، رئيس فريق الأبحاث، في تصريحاته لمجلة التايم الأمريكية، أنه في الوقت الذي يعتقد البعض في أن الذاكرة قد اختفت أو ضاعت، فإنها لا تزال موجودة في أعماق دماغ الإنسان، وأن الموضوع كله يتركز في الوسيلة التي يمكن أن تعيدها من جديد.
ويذكر تونيجاوا، أن هذه الطريقة التي استُخدمت مع الفئران، تعتبر طريقة هجومية وغير آمنة عند استخدامها على البشر. لكن من جهة أُخرى أوضح أن هذا البحث، أثبت أن المبدأ نفسه موجود، مُؤكدًا أنه أُثبتتت إمكانية استعادة الذكريات المفقودة، لدى مريض الزهايمر، يبقى فقط أن نبحث عن طريقة علاجية آمنة ومناسبة للاستعمال مع البشر.
مرض ألزهايمر
مرض آلزهايمر، هو مرض مزمن يصيب الأعصاب، متسببًا في تحلل تدريجي لخلايا الدماغ العصبية. ويتميز بأنه يبدأ ببطء ثم يزداد سوءًا مع مرور الوقت. الزهايمر مسؤول عن 60 – 70% من إجمالي حالات الخرف وضعف الذاكرة التي تصيب الإنسان.
الأعراض المبكرة الأكثر شيوعًا لهذا المرض، تتمثل في صعوبة تذكر الأحداث الأخيرة، وهو ما يعني فقدان الذاكرة قصيرة المدى، ومع تقدم المرض يمكن أن تتضمن الأعراض مشاكل مع اللغة وحدوث ارتباك للشخص، وتقلب المزاج، وفقدان الدافع، وعدم القدرة على رعاية الشخص لنفسه، والانسحاب التدريجي للشخص من أسرته والمجتمع المحيط به نحو الانعزال.
ومع تقدم المرض يبدأ الجسم تدريجيًا في فقدان قدرته على أداء وظائفه الحيوية، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى الوفاة. وهنا يجدر الإشارة إلى أن سرعة تدهور المرض من بدايته حتى الوفاة تتفاوت من شخص إلى آخر، لكنها في المعتاد تكون بين ثلاث إلى تسع سنوات.
حتى الآن لا يعرف ما هو السبب الحقيقي لهذا المرض، ولا تزال قدرتنا على فهمه ضعيفة. ويعتقد العلماء أن 70% من عوامل الخطورة تكون عوامل جينية تتداخل فيها عدة جينات. وتشمل العوامل المسببة الأخرى وجود تاريخ من إصابات الرأس والاكتئاب وارتفاع ضغط الدم.
ويرتبط تطور المرض مع ما يسمى اللويحات والتشابك (plaques and tangles) الموجودة في الدماغ. وتستند عملية تشخيص هذا المرض على البحث في التاريخ المرضي والبحث المعرفي مع الإشاعات المختلفة واختبارات الدم لاستبعاد أي أمراض محتملة أخرى. وقد يحدث في البداية بعض الالتباس في الأعراض المبكرة للمرض مع أعراض الشيخوخة الطبيعية عند كبار السن.
ومن أهم طرق الوقاية من هذا المرض، ممارسة الرياضة وممارسة العمليات الذهنية المختلفة، بالإضافة إلى تجنب السمنة. ونؤكد هنا أنه لا توجد حتى هذه اللحظة أدوية معينة أو مكملات غذائية يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بهذا المرض في المستقبل.
وحتى هذه اللحظة، فلا يوجد أي علاج يمكن أن يوقف تقدم المرض أو يقوم بعكس أعراضه، هذا على الرغم من بعض التحسن المؤقت في الأعراض الذي يمكن أن يشعر به بعض المصابين بالمرض. وعادةً ما يمثل مرضى الزهايمر عبئًا على المحيطين بهم، وذلك لحاجتهم لرعاية دائمة ومستمرة مما يسبب بعض الضغوط النفسية والاجتماعية والمادية.
يؤكد العلماء على أن التمارين الرياضية باستمرار، ربما تكون عاملًا مُفيدًا في تحسين بعض نتائج المصابين بالمرض. وهناك أدوية مضادة للذهان يمكن استخدامها بغرض علاج بعض الأعراض المتعلقة بالحالة النفسية أو السلوكية للمرضى، لكن هناك الكثير من المتخصصين الذين ينصحون بتجنب مثل هذه الأنواع من الأدوية؛ وذلك لأن فائدتها المرجوة ضئيلة جدًا مع زيادة المخاطر الخاصة بالوفاة المبكرة.
في عام 2015، بلغ عدد المصابين بألزهايمر حول العالم، حوالي 48 مليون شخص. غالبًا ما يبدأ هذا المرض مع كبار السن فوق عمر 65 عام، وهناك نسبة من 4 إلى 5% من الحالات هي حالات تظهر بها الأعراض في عمر مبكر نسبيًا. وقد تسبب هذا المرض مع أمراض الخرف الشبيهة في وفاة حوالي 486 ألف شخص حول العالم عام 2010. والزهايمر هو واحد من أكثر الأمراض تكلفةً مادية.
وأخيرًا، فإن هذا المرض سُمّي نسبةً إلى عالم النفس والطب الشرعي الألماني ألويس ألزهايمر، والذي كان أول من وصف هذا المرض عام 1906. وكان هذا الطبيب قد شخص أول حالة مصابة به عام 1901، وكانت امرأة تبلغ من العمر 50 عامًا وتدعى أوغستي ديتر، وقام الزهايمر بمتابعة حالتها حتى توفت عام 1906، حين قام بنشر أول تقرير متكامل عن المرض ووصفه.
________
*ساسة بوست

شاهد أيضاً

كيف تعلمت الحواسيب الكتابة: تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الأدب

كيف تعلمت الحواسيب الكتابة: تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الأدب مولود بن زادي في كتابه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *