*د. بليغ حمدي إسماعيل
خاص ( ثقافات )
فِي حَضْرَةِ أعْوَامٍ مُنْصَرِمَةٍ مَسَاحَاتٌ بَعِيْدَةٌ ؛
مِن الدَّهْشَةِ ، والمُوسِيقَى ، وهَوَسِ اللُّغَةِ المَنْسِيَّةِ،
وقَلِيْلٍ من الحِكْمَةِ ، ونُدْرَةٍ من خَوْفٍ ،
أقُولُ لِي مُنْفَرِدًا : اطْمَئِن ، فأناً مِلْكُكَ أبَد الوَجْدِ ..
فِي حَضْرَةِ أرْبَعِين عَامَاً خُطُوطٌ مُضْطَرِبَةٌ ؛
أشَارِفُ القَصِيدَةَ .. فَتَكْتُبُنِي عَصِيَّةَ التَّأوْيِلِ ،
وأعَانِدُ عَدسَةَ الكَامِيرَا .. فَتَلتَقِط لَحْظَةَ حَيَاءٍ ،
وأسْرِقُ الدَّهشَةَ مُنْفَرِدَاً .. فأَتَجَلَّى صُعُودَاً…
************
فِي حَضْرَةِ أرْبَعِين عَامَاً آنَ الوَقْتُ لِأبْوَابٍ أخْرى ؛
أنْ أزْهَدَ فِي الرَّحْبِ ، وللدَّهْشَةِ اتِّسَاعٌ ،
أنْ أقَاوِمَ بَرِيدِيَ الإليكْتِرُوني ، فأعْصِفُ بِالنَّوْمِ،
مُضْطَرِبَاً أجِئُ .. وأسْتَدِيْرُ للصَّهْرِ ….
فِي حَضْرَةِ أرْبَعِين عَامَاً تُؤْلِمُنَا أسْئِلَةُ الأمْسِ ؛
مَن سَرَقَ ذِكْرَيَاتِنَا مِنْ صُنْدُوقِنَا السِّرِّيِّ ؟
وَمَا الذِّي دَفَعَنَا للسَّاحِلِ ونَحْنُ نَخْشَى المَوْجَ ؟
هَاكُمُو حَوَائِطُنَا المُصْمَتَة .. فَمَنْ يَجْرُؤ عَلىَ النَّقْشِ ؟ ..
************
فِي حَضْرَةِ أرْبَعِين عَامَاً تَأْتِيَ الوُجُوهُ أكْثَرَ غَضَبَاً ؛
تَنْفَضِحُ اللَّذَّةُ فِي شَكْلِهَا المَرِيْرِ ،
ويَخْطُو القَلْبُ مُتْعَبَاً كَالحَاجِبَيْنِ ،
تَشْهَقُ الرِّئَةُ بالمُثَنَّى ، وجُمُوعِ التَّكْسِيْرِ النَّادِرَةِ ..
*************
فِي حَضْرَةِ أرْبَعِين عَامَاً يَقِيْنٌ ؛
مَا عَادَ الصَّبِيُّ كَعَادَتِهِ أَجِيْرَاً للَوَقْتِ ،
هُوَ فِتْنَةٌ ، وثَمَّةُ خَتِمَةٍ مِن الصَّحْوِ ،
اليَقِيْنُ أنِّي مُبْتَدَأٌ ؛
هَارِبٌ مِن تَمَامِ خَبَرِهِ ..
*************
آَخِرُ القَوْسِ رَجُلٌ يَسْتَقِيْلُ منْ سَماوَاتِهِ ،
لِيُمْطِرَ في جِهَاتٍ أُخْرَى أكْثَر عُزْلَةٍ ،
هَكَذا ، يُفَتِّشُ الرَّجُلُ عنْ قِرْدٍ وأغْنِيَةٍ ،
لِكَيْلا يَقْفِزَ مِنْ شُرْفَتِهِ ،
أوْ يَدْخُلَ نُعَاسَاً مُهَاجِرَاً من مَخَادِعِ الماَءِ ،
إلى عصَافِيْرِ النَّارِ …
آَخِرُ القَوْسِ
رَجُلٌ يَرْسِمُ دَائِرَةً تَجْهَلُ مَرْكَزَها ،
آَنَ أَنْ أضْحَكَ قَلِيْلاً ،
مِنْ رَجُلٍ يأْتِي ؛
يَتَرَنَّحُ مِنْ سَطْوَةِ القَصِيْدَةِ النَّاقِصَةِ ،
وَيَسْدِلُ أجْفَانَهُ عَنِ النَّهْرِ …
**************
مدرس المناهج وطرائق تدريس اللغة العربية
كلية التربية ـ جامعة المنيا