*علي جازو
عندما نجد أنفسنا في المكان الخطأ، نظن أننا نستعمل اللغة الخطأ. هذا ما يتبادر إلى ذهننا، وهذا ما نتوقّع حصوله عادة؛ نتلكأ، ونتعثر، ثم سرعان ما ننتبه، فنصحح الجهة والكلام.
لكنْ هل من مكان خطأ أصلاً؟ وهل، لذلك، من درب وحيدة إلى الكلام الصحيح؟ أليس التعثر والتلكؤ من قوام الشّعر نفسه؟ بذلك ألا يكون الخطأ باباً إلى الكلام الجديد.
***
نحن نتكلم على الدوام حتى عندما لا نتكلم. الكلام حيّ كالنَّفَس، كالحركة، وكالنظر إلى الخارج المحيط. لعلّ قدرة الأدب هي هنا، أي في الكلام وهو على عتبة أن يكون، على الشفة كما يُقال. هكذا يكون الأدب استباقاً للكلام قبل أن يتحول إلى لفظ ونطق سائدين، ولعل الأخير هو أحد أشكال الكلام، لا الكلام كلُّه، طالما أن الكلام عملٌ لا يتوقف حتى عندما نكون مقيمين في أرض الصمت.
***
المكان ليس المادة التي تحيط بنا وحسب، إنه الفضاء الذي نحيا وندور داخله ونتشكل منه وبه. ما نقوله عن المادة والفضاء يصلح أن نقوله عن الرحم والصلة بين المكان والإنسان. المكان شبيه بالأمّ الأولى، الأم الدائمة، حيث كل شيء يولد، ولا يتوقف عن الولادة الراعية.
***
هل كنت أتحدث عن الحماية طالما تحدثت عن المكان – الأمّ؟ أليست الصلة هنا هي صلة الرحمة والعطف والحماية والرعاية. من منا يرعى الآخر، من منا أمّ الآخر، نحن أَمِ المكان؟
***
نقول إنها اللغة الأمّ، اللغة الأولى. حالما نكبر تولد لغات عديدة داخل أفواهنا كما لو أن حليباً جديداً بدأ ينفذ إلى جسدنا ويغمر برائحته كياننا.
***
لا يستقيم الخطأ والقول السليم. لكن الخطأ أيضاً قول، إنه نافذة داخل الهواء، بل لربما هو النافذة المفتوحة على الدوام حيث يأتي عبرها كل شيء إلينا كما لو أنه القدر الذي لا رادّ له والاختلاط الذي لا مفر منه.
***
يسبقنا المكان، دائماً يسبقنا.
***
عندما يخطأ أحدنا يُوصَف بالطفل والجاهل. مردّ الخطأ هنا هو الطفولة. الأخيرة هي مكمن الجهل وبداية الخطأ. لا نعرف من أين أتى هذا الحكم. ألا يقال أيضاً عن أحدهم إنه “طفل كبير”! أليس هذا مديحاً للخطأ واحتفاء بالجهل. ألا يكون الجهل شيئاً أرحب من العلم الذي يبدو قاصراً وضيقاً على الدوام؟
***
من أين تأتي قواعد اللغة. لا شك أنها ثمرة جهد كبير. إنها شيء من مادة السلالة والخصب. تركة ووراثة وفن. ما يجعل القواعد جديدة هو الأخير أي الفن. كلما كان هناك إخلاص للفن كنّا أقرب إلى عمل القاعدة، أي الإرث النامي والمتجدد على أفواهنا.
***
ألا يتكلم المكان؟ أليس هو الشاهد على كل شيء، بل هو الشاهد الكامل والعارف والنزيه؟
***
ألا يتكلم أولئك الذين لا يجيدون الحديث مع الآخرين؟ ألا نرغب في سماع كلماتهم وهي تبزغ في صمتهم من دون أن تصل إلينا؟ أي عالم أخضر هناك إذن؟ أي عالم لم يطأه أحد بعد.
***
كيف يمكن للغة أن تشبه المكان، أن تكون ابنة مكانها، لكن من دون ألفة جاهلة؟ قبل أن نتكلم يبنغي أن ننظر ونرى. حينها قد نعثر على لغة المكان هذه.
***
لكنْ هل من مكان خطأ أصلاً؟ وهل، لذلك، من درب وحيدة إلى الكلام الصحيح؟ أليس التعثر والتلكؤ من قوام الشّعر نفسه؟ بذلك ألا يكون الخطأ باباً إلى الكلام الجديد.
***
نحن نتكلم على الدوام حتى عندما لا نتكلم. الكلام حيّ كالنَّفَس، كالحركة، وكالنظر إلى الخارج المحيط. لعلّ قدرة الأدب هي هنا، أي في الكلام وهو على عتبة أن يكون، على الشفة كما يُقال. هكذا يكون الأدب استباقاً للكلام قبل أن يتحول إلى لفظ ونطق سائدين، ولعل الأخير هو أحد أشكال الكلام، لا الكلام كلُّه، طالما أن الكلام عملٌ لا يتوقف حتى عندما نكون مقيمين في أرض الصمت.
***
المكان ليس المادة التي تحيط بنا وحسب، إنه الفضاء الذي نحيا وندور داخله ونتشكل منه وبه. ما نقوله عن المادة والفضاء يصلح أن نقوله عن الرحم والصلة بين المكان والإنسان. المكان شبيه بالأمّ الأولى، الأم الدائمة، حيث كل شيء يولد، ولا يتوقف عن الولادة الراعية.
***
هل كنت أتحدث عن الحماية طالما تحدثت عن المكان – الأمّ؟ أليست الصلة هنا هي صلة الرحمة والعطف والحماية والرعاية. من منا يرعى الآخر، من منا أمّ الآخر، نحن أَمِ المكان؟
***
نقول إنها اللغة الأمّ، اللغة الأولى. حالما نكبر تولد لغات عديدة داخل أفواهنا كما لو أن حليباً جديداً بدأ ينفذ إلى جسدنا ويغمر برائحته كياننا.
***
لا يستقيم الخطأ والقول السليم. لكن الخطأ أيضاً قول، إنه نافذة داخل الهواء، بل لربما هو النافذة المفتوحة على الدوام حيث يأتي عبرها كل شيء إلينا كما لو أنه القدر الذي لا رادّ له والاختلاط الذي لا مفر منه.
***
يسبقنا المكان، دائماً يسبقنا.
***
عندما يخطأ أحدنا يُوصَف بالطفل والجاهل. مردّ الخطأ هنا هو الطفولة. الأخيرة هي مكمن الجهل وبداية الخطأ. لا نعرف من أين أتى هذا الحكم. ألا يقال أيضاً عن أحدهم إنه “طفل كبير”! أليس هذا مديحاً للخطأ واحتفاء بالجهل. ألا يكون الجهل شيئاً أرحب من العلم الذي يبدو قاصراً وضيقاً على الدوام؟
***
من أين تأتي قواعد اللغة. لا شك أنها ثمرة جهد كبير. إنها شيء من مادة السلالة والخصب. تركة ووراثة وفن. ما يجعل القواعد جديدة هو الأخير أي الفن. كلما كان هناك إخلاص للفن كنّا أقرب إلى عمل القاعدة، أي الإرث النامي والمتجدد على أفواهنا.
***
ألا يتكلم المكان؟ أليس هو الشاهد على كل شيء، بل هو الشاهد الكامل والعارف والنزيه؟
***
ألا يتكلم أولئك الذين لا يجيدون الحديث مع الآخرين؟ ألا نرغب في سماع كلماتهم وهي تبزغ في صمتهم من دون أن تصل إلينا؟ أي عالم أخضر هناك إذن؟ أي عالم لم يطأه أحد بعد.
***
كيف يمكن للغة أن تشبه المكان، أن تكون ابنة مكانها، لكن من دون ألفة جاهلة؟ قبل أن نتكلم يبنغي أن ننظر ونرى. حينها قد نعثر على لغة المكان هذه.
***
أليس المكان مثله مثل الكلام شيئاً ينمو في الداخل ويتجه صوب الخارج؟ لكن المكان ثابت دائماً والكلام متحرك. بهذا ألا يكون الكلام روح المكان؟
_______
*العربي الجديد