إما صمت وإما كلام بخيل


*نجم عبدالله كاظم


لا أظن أن الثقافة العربية قد قدّمت ما يوازي الحدث والظرف وهي الواقعة بمأساوياتها ودموياتها وسوادها. وهذا برأي يأتي ممّا أنا شخصيا أراه في الطبقة الثقافية العربية من سلبية ربما يقلّ نظيرها بين النخب الثقافية في العالم، مع أن مرجعيتها أو سببها، موجود في شخصية المثقف ولا سيما المبدع في كل مكان، لكنه مركّز في شخصية المثقف أو المبدع العربي إلى حدّ شبه مَرضيّ، أو حتى مرضي، أعني بذلك حب الذات الذي يتقدم لديه على كل فرد وعلى كل شيء.
وإذا ما استثنينا جزئيا بعض مثقفي بعض البلدان العربية في بعض حراكهم، فإن الغالبية العظمى توزعت ما بين الصمت عمّا يجري أو الكلام عنه بخجل، والمشاركة في سلبيته.
وسأعطيكم مثالا على سلبية النخبة الثقافية العربية من النخبة الثقافية في بلدي؛ نعرف أن منتسبي الجامعات العراقية، من أساتذة وموظفين وطلبة، قد سكتوا عن كلّ ما أصاب العراق والجامعات من خراب، ولم يبادر منهم، إلا القليل جدا، بانتقاد ما يجري وبالدعوة إلى الإصلاح.
ولكنّ هذه النسبة العظمى خرجت أخيرا كما لم تخرج من قبل وبحماس واندفاع غير مسبوقين لانتقاد الحكومة وسلطات التعليم العالي وجامعاته، ولكن كل ذلك ردّا على نية الحكومة، وبسبب ظرف البلد الحرج، لقطع نسبة من رواتبهم، وقد رفعوا الشعار المخزي “رواتب الأساتذة الجامعيين خط أحمر”، وبما يعني أن للحكومة ولوزارة التعليم العالي أن يفعلوا ما يشاءون بشرط ترك الرواتب على حالها.
أعتقد أن حصة الأدب النسوية تزداد باستمرار ليست في السنة أو السنتين الأخيرتين فقط، بل منذ أكثر من عشرين سنة، ولا سيما في الكتابة الروائية، وكمثال على هكذا تقدم وتوسع وازدياد نشير إلى صدور أكثر من 400 رواية نسوية عربية خلال عقدين هما السبعينات والثمانينات، بينما اقترب من هذا العدد ما صدر منها خلال عقد واحد هو التسعينات، وأعتقد أن ما يقارب ضعف هذا العدد قد صدر خلال السنوات التي مضت من القرن الجديد.
أفضل الكتب التي قرأتها خلال عام 2015: في الرواية “سعيدة هانم ويوم غد من السنة الماضية” للعراقية ميسلون هادي، و“ألماس ونساء” للسورية لينا الحسن، و“مملكة الفراشة” للجزائري واسيني الأعرج، و“أعالي الخوف” للأردني هزاع البراري.
وما قد يكون مشتركا في ما بين هذه الروايات أو ما بين معظمها، إضافة إلى تميزها الفني، أنها خاضت في الممنوع أو المسكوت عنه ولا سيما ما يتعلق منه بالمـرأة وما تتعرض له من قمع وتحميلها أعبـاء الحياة. إضافة إلى هـذه الـروايات، ومـن بين أهم الكتب التي قـرأتها هذا العام كتاب “السرديات المضادة” للدكتور معن الطائي.
ربما يصعب تقديم أفضل روايات عربية صدرت هذا العام، ولكن لا بأس في أن أعطي عناوين صدرت ضمن أفضل روايات عراقية تحديدا، هي: “لا أبطال في طروادة” لإبراهيم البهرزي الشاعر المناضل الذي يقبع في سجون العراق، و”الكافرة” لعلي بدر، و”سعيدة هانم ويوم غد من السنة الماضية” لميسلون هادي.
الكاتب الذي خيب أملي هذا العام هو يوسف زيدان في روايته الصادرة عام 2014 “جُوّانتنامو” التي لم يستثمر فيها كما يجب موضوعها المهم والخطير والحساس، وفي مواقفه الأخيرة من القدس التي استمعت إليها وإلى طروحاته بشأنها فوجدتها مفتعلة تماما، ولا تقوم على الوقائع والتاريخ والنصوص بقدر قيامها على الألفاظ والتسميات، الأمر الذي جعلني أقرأ في مبادرته هذه طموحا مبكرا إلى جائزة نوبل التي نعرف أن إحدى بواباتها لأدباء العالم الثالث، إضافة إلى تميّز الكاتب، هي خرق المسكوت عنه في تراث أمة الأديب وثقافتها ولغتها ودينها ومجتمعها أولا، وعدم رفع إسرائيل واللوبيات الصهيونية واليهودية بطاقة حمراء أمامه.
________
*العرب

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *