برونوِن والاس /ترجمة: أحمد كاظم سعدون*
خاص ( ثقافات )
المرأة التي في هذه القصيدة
تعيش في ضاحية
مع زوجها وطفليها الإثنين
تنتظرُ رسائل البريد كلّ يوم
ومرَّة في الأسبوع تصلها رسالة من عشيقها
الذي يعيش في مدينة أخرى
يكتبُ عن زهورٍ وضياء شمسٍ على سريره
متوسِّلاً: تعالي
أحتاجِكِ والمرأة تتناول الهاتف
لتتصل بالمطار
ستغادر بعد الظهر
حقيبتها جاهزة
مع قليل من الثياب
لكن المرأة في هذه القصيدة تذكَّرت
وهي في صَدَدِ اِتصالها
قِدرِ مَرَق اللحم
وأنه الخميس
فَكَّرت بملامح وجه زوجها
إذ يقرأُ ما خطَّته يَدها
بجسده حزيناً مُتَكوِّراً جهة السرير الفارغة
توقفت عن الاتصال
وبدأت بتقطيع البصل
من أجل قِدر مَرَق اللّحم
لكنّ الهاتف خلف ظهرها يأخذ شكلاً مُلِحّاً
ورقم مكتب الحجز يتردَّد في رأسها
في غضون ساعة سيأتي طفلاها من المدرسة
بعد ذلك سيعود زوجها
سيُقَبِّلُ عنقها من الخلف بينما هي تُمعن في تَثخين المَرَق
مُتَيَقِّنةً من أنها ستَضحك خلال العشاء
وتُثَرثِر إذ تمشي مع عشيقها
على شاطيء ما
أضافت البصل إلى المرق
مُستديرةً نحو الهاتف
لكنها فكّرت بدرس بيانو بِنتها
وموعد ابنها مع طبيب الأسنان
وإذ تقف هناك
وسط مطبخها النظيف
بيدين مُتدلّيتين إلى جانبها
يمكن لنا أن نتخيلها وهي تشيخ
مُتَمنّيةً حدوث شيء،أيّ شيء
أن نتخيلها وقد جُنَّت
ربما مُتَكوّرةً لأيام في خزانتها
بينما تذبلُ حولها ثيابها كجلود مُهمَلة
أو ربما سَتجوب الشوارع بسيارة زوجها ليلاً
مُلتَقِطةً أولاداً مُراهقين
لتُضاجِعهم في المقعد الخلفي
يُمكِننا أن نتخيل جسدها مُلقى
في بِركة مُوحلة قرب مكان ما طرف المدينة
المرأة في هذه القصيدة تُزعجنا بهاتفها عديم الجدوى
ورائحة البصل
نَعتني بها كما بمريضة مُنهكةٍ
تستلقي على سرير في مكان ما
غير عارفةٍ بحياتها وهي تَقْطُرُ قطراتٍ مَحسوبة
نُريد أن نفكّر بالموت
سكتة مُفاجئة أو خلاصٍ عبر قَفزة من على حافة جسر
راسمين قوساً بعزم
المسدس المُصوَّب بدِّقة
جهة الرأس اليُمنى
نريد أن نكره هذه المرأة
لكننا في الأغلب نكره أن نعرف
أننا في لحظات كهذه أيضاً
ستَنقَضُّ أصابعنا المُتَصلّبة
مُمَزِّقةً أفكارنا مِراراً
حيث نقفُ وسط يوم عاديّ
كالمرأة في هذه القصيدة
شاعرين بموتنا الشَخصيّ
يصعدُ فينا ببطء
*شاعر ومترجم عراقي