زاهر السالمي*
خاص ( ثقافات )
1. باستيت
=======
عيون متغايرة؛ واحدة زرقاء بَحْرية، وفي الأخرى يسيل عسل الغابة
في مرآتها يطوف الليل والنهار
ماسية، ذكية
طفولية، شقية
عيون تناديك
تنظر فيك
عميقاً عميقا
عيون نواس
جرو
لفافة من القطن
في حجم قبضة اليد
لم يتعود بعد على الإنسان. احتاج لخمس وجبات صغيرة من الحليب، إلى أن بلغ الشهرين، ثم إلى ثلاث، مع وجبات شبه سائلة.
عندما يلعق الحليب، أو يغفو في حضنك، كان يُصيخ السمع، وأنت تداعبه، ماسحاً على فروة رأسه، منادياً له بنواس. هكذا تَعرّفَ على اسمه،
هكذا أصبح يجاوبك. تواصل صوتي….!
لغة؛ في شكلها البدائي. نسق من المواضعات والتوافقات. لكن الأمر لم يتوقف على جواب نواس الصريح حين ينادى باسمه. رغم لا مبالاته حين لا يكون في حاجة إلى شيء. لم يتوقف الأمر بهذا الكائن على ردات فعله الواعية تجاه بعض الكلمات. كان يعي جيداً تغير نبرات صوتك: هل تناديه؟ تضرخ فيه؟ هل تداعبه أو تدعوه للعب؟ لم يتوقف الأمر…
فأين ذهبت بصاحبك يا نواس؟
في عامين، علّمتَ البشري، ذلك المتغطرس، كيف يسمع لك!
جمل صوتية، دقيقة، يطلقها نواس، ويتلقفها البشري: أنا جائع. أرغب في الخروج. شكرا. هل نلعب؟ تغيبتَ طويلا؛ اشتياق يا صاحبي…
نواس
صاحبي لمّا ينادي
نواس
أخرجُ من الأحراش
أو أقفزُ من جدار
نواس
يتلقفني
……..
……..
نواس؛ هذا اسمي
حين بلغتُ المراهقة، واشتدَّ شاربي، رغبتُ في الخروج، لأشمَّ الهواء، وأنظر الأصدقاء. تعنتَ صاحبي أول الأمر
كان يخاف علي
ربما من العربات، ذات اللا رائحة
تَمدد الزمن. تَطاولتُ، وأعجبتني الطلعات. صرت أغيب، ليوم، ليومين، لثلاثة… حتى ظَنّ أني لن أعود!
وحين أعود
أنادي
أنادي عليه
يُطلُّ
غير مصدق
آآه؛
ماذا فعلتَ يا نواآس؟
……………………..
……………………..
في غيابات تمُدُّ وتجزر
أستقبل صاحبي
والشوق يطفح
أعاتبه وألتصق
لا أخرج إلى نزهاتي
لا اتركه
حتى اتأكد
أنه
لن يغيب
مجددا
=============
2. المايسترو
شَبَّ على الموسيقى
تسيل في قمع جهازه السمعي
ينام محركاً ذيله
كأرجوحة
كموجة
كما عصا مايسترو
=============
3. تبادل ادوار
سأكمل الأسبوع متوحدا؛ هذا أجمل!
هكذا خاطبَ نواس، أطفأَ النور
ونام
لينطلق الهر
من نافذة المطبخ
بقلنسوته البيضاء وعينيه الماسيتين
حيث تبرق
المعارك
الليلية
==============
4. سجن
كانت أشرس ردات فعله حين تسجنه
السجن عزل في الفراغ، إلغاء
لكن السجن ليس فقط أن تقفل عليه
إذا ما أغلقتَ باب الغرفة على نفسك
تاركاً البيت
كاملا
له
يَحسبُ أنكَ أقفلتَ عليه
===========
5. حرب
الحروب كثيرة، والميادين شاسعة
لكن أشرسها
يقع
حين يحاول غريب
اقتحام البيت
كأنما
قنبلة صوتية
ضربت غلاف الارض
==========
6. تونة
إذا ما اختفت وجبته المفضلة
لثلاث أيام، يُضرب
عن الطعام
لا يقتات ولو قليلاً
من البسكويت الفاخر والحليب
طعام القطط الاستقراطية
ينزوي في ركن
ينام طول اليوم
وحين تحدثه أو تداعبه، يرفع
رأسه في تثاقل ورِع، يفتح عينيه
خارزاً عينيك:
“أنت؛ أنت سبب مجاعتي”
==========
7. صرصور
لا يأكل من القمامة، ولا يقتل ليأكل
لكن النمر الصغير
يحب أن يلعب
لا يترك ذبابة أو فراشة
ظلت الطريق، ودخلت البيت
يجري خلفها في مطاردة ماكرة
ينط حتى ارتفاع نصف متر…
الصرصور فهم اللعبة
بعد مطاردات طويلة خلف الابواب
وتحت عتمة الأرائك، يتماوت
أو يموت
يلكزه نواس، يلكزه
ناظرا إليك:
لماذا لا يتحرك!
==========
8. حمامة
كانت أضخم قنائصه…
أيها البربري
كيف قصَمْتَ عُنقها؟
==========
9. رعب
كان الجرو
ينام فوق السرير، إلى جانبك
بعد أن كَبُر، بعد أن جرّب افلام الرعب
الليلية
فضَّل السلامة
لم يترك السرير
احتلَّ زاوية قصية من الحافة
========
10. حجر العين
كائنان في عُلُوّ شفيف
يَغمز، فيجاوب
بغمزة
من تلك العين
الفيروزية