“نزلاء العتمة” أفضل رواية عربية



علي عبيدات*


خاص ( ثقافات )

الشارقة
فازت رواية “نزلاء العتمة” للروائي الأردني زياد محافظة بأفضل رواية عربية في الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب 2015، والتي تقام في الفترة ما بين الرابع والرابع عشر من نوفمبر، وتشمل جائزة الشارقة للكتاب الإماراتي، وجائزة أفضل كتاب عربي، وجائزة أفضل كتاب أجنبي، وجائزة الشارقة لتكريم دور النشر.

ويقدم معرض الشارقة العديد من الجوائز سنوياً، للمبدعين الذين أثروا المشهد الثقافي العربي بأعمالهم المتميزة، وسيتم تكريم الفائزين بهذه الجوائز خلال حفل افتتاح المعرض يوم الأربعاء المقبل، بحضور العديد من الشخصيات الرسمية والثقافية والفكرية، وممثلي وسائل الإعلام من كل أنحاء العالم.

نزلاء العتمة
صدرت رواية “نزلاء العتمة” مؤخراً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع بالعاصمة الأردنية عمان، والفكرة المحورية لهذه الرواية هي الحياة أولاً وثانياً وعاشراً، بقوالب عجائبية وتكنيك روائي حظي باهتمام العديد من النقاد. يقول فيها: “علّ ذلك يريح صدره من رطوبة منهكة جلبها معه، أو يتيح له النفاذ إلى جوهر الأشياء..”، كأن هذا الصدر صدر أمة كاملة، وكأن الرطوبة عفن تاريخ السيف والغزو والانتصارات والهزائم وباقي الثنائيات التي تلخص ما نحن فيه اليوم. ولعل النفاذ إلى جوهر الأشياء مردُّ الخلل وأصل الحل.

ضجت “نزلاء العتمة” بفانتازيا الموت، وهندسة المشهد الجنائزي والحيرة بين موتين بغير حياة ببدايةٍ سارتريّة (تقديم الموت على الحياة) ومنتصفٍ تنويري (الموسيقى بدل العويل والشعر كرد على الشتائم والشمع رداً على الظلام) ونهاية تفرع فيها إشراق النور (مصطفى ومن معه) وأفول الظلام (ياسين وأوباشه) على امتداد الفصول التي لو أخذنا كل واحد منها بشكل منفصل لكانت قصصاً قصيرة.

وفي “نزلاء العتمة”، لا تنتهي الثنائيات في عالمها الروائي الجدليّ، فالسردُ على لسان الحاكي المراقب والشريك (مرايا السرد) والشعريّة الغائرة بين ثيمات المونولوجات تنثر المقروء والمسموع بطريقة سينمائية تسابقَ إيقاعُ صياغتها مع رتم الحبكة وامتداد الذروة ورؤى الحل، بإيقاع سريع يقرأُ على مهل، فسرعة التلقي تسابق الإدراك البطيء، وتفرعات الرمز وتجاذب الصور والتئام الإسقاطات سبيلٌ من سبل التساؤل الذي لم يفارق بنية المشاهد منذ نثر التراب وحتى صمت الحاكي.

وفي “نزلاء العتمة” نرى دلالات الذئب والبحث عن الخلاص بينما ينداح الشخوص بين القبور ضمن هالة أسقطها محافظة على أبطال الرواية “الفضيل” كشيخ و”مصطفى” كسالك انتقى من خياراته الإجبارية الخيار الأقل وهماً والأقرب للتأويل ليتبع شيخه بوجدانيّة مفرطة وخوف شفيف، فالموت مريح جداً وقبو السجن أكثر راحة بينما يهدهدُ الفضيل وتحيك النسوة قماش الفاصل الزمني بين هذه الحيوات، والموتُ قميءٌ جداً بينما يستأسدُ الذئب رعباً ويترددُ صوت الرجل البغيض على مسامع مصطفى الذي سيقارع ياسين (رمز القوى الظلامية).

وفي “نزلاء العتمة”، يكون الشعور في ذروته والجسدُ في قمة إنهاكه، بعد أن أجهد الجسد لتسمو الروح وتستجلب الخلاص بقالب ضدية الصمت والنطق (اصمت لتعرف في الصوفيّة) فالفضيل (بطل الرواية) بردٌ وسلامُ شعورٍ ومعطفٌ وأمانٌ وثقةٌ واهتمام، أما المصطفى فتُصَافيه الحيرة وصافاه التساؤل، ليندلق القبول والانشداه والمشي والنصيحة والصوت والشرود والطريق والتوقيت والذاكرة والصرير ورائحة الدم والألم وأقبية السجن والرائحة، والحفل الجنائزي الذي غنى فيه محافظة أغاني الحياة رغم رائحة الموت التي تضوع في مدى المكان بشيء من الدهشة التي حافظ عليها منذ بداية الرواية وحتى نهايتها.

وتُلَخَصُ “نزلاء العتمة” بأموات يقارعون الحياة في قبور احتار القارئ فيها، فهل هي لموتى الحياة أم لقتلى البعد عنها؟ وثمة إصرارٌ مهولٌ على الحياة رغم أنف الموت الذي جدع محافظة أنفه على يد مَنْ تورقت قلوبهم بحب النور. نزلاء العتمة نشيد طويل شعاره “حيَّ على الحياة”.

شاعر ومترجم من الأردن.

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *