*بديعة زيدان
لم يكن اللقاء عادياً، ذلك الذي جمع النجم الظاهرة محمد عساف، بكل من أبطال فيلم «يا طير الطاير» (The Idol)، المستوحى من قصة نجاحه، وأخرجه الفلسطيني هاني أبو أسعد، الذي كتب النص بالشراكة مع سامح الزعبي، في تورونتو، حيث كان التأثر بادياً عليه في الفيديو – الذي نشره «محبوب العرب» عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» و»تويتر»-، كما على كل من الأطفال: قيس عطا الله (عساف الصغير)، وأحمد قاسم (صديقه أشرف)، وعبدالكريم أبو بركة (صديقه عمر)، والذين، وكأنهم يحاكون حكايته، انتقلوا، بعد انتظار للتصاريح اللازمة، من قطاع غزة، ليجوبوا عدة مدن في الضفة الغربية، وبخاصة جنين، ودول عربية كمصر والأردن، والتي كانت مواقع للتصوير خلال تقديمهم لأدوارهم، برفقة هبة عطا الله شقيقة قيس، والتي قدمت دور شقيقة عساف نور، في الفيلم الذي حقق عرضه الافتتاحي في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي بكندا نجاحاً كبيراً، أخيراً، كانت نتيجته أن نفقت تذاكر العروض الأخرى له في المهرجان.
أبكوه وأضحكوه
عساف احتضن عطا الله وقاسم وأبو بركة، وقال لمن كان يصورهم بهاتف محمول: «هذا من قدم دور عساف الصغير وهؤلاء أصدقاؤه… أبكوني كثيراً، وأضحكوني كثيراً»، في حين لم يكن اللقاء أقل حميمية بالمخرج هاني أبو أسعد، صاحب الفيلمين العربيين الوحيدين اللذين تنافسا على «أوسكار» أفضل فيلم أجبني: «الجنة الآن»، و»عمر».
ونشر عساف عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، مقطع فيديو مدته ثمان دقائق، يظهره برفقة من جسدوا دوره ودور صديقيه وهو طفل صغير في فيلم «يا طير الطاير»، ومشاهد أخرى برفقة المخرج المبدع هاني أبو أسعد، وتوافد جمهور المهرجان لحضور العرضين الأول والثاني للفيلم، والاستقبال الحافل للجمهور العربي والأجبني لحظة وصوله لقاعة العرض في تورنتو، وكواليس ما قبل دخوله وفريق الفيلم إلى المسرح، حيث تواصل التصفيق والصفير لدقائق، وخاصة عندما طلب أبو أسعد من الجمهور الترحيب بعساف على خشبة المسرح.
كما كان نشر عساف واحدة من الأغنيات الخاصة بالفيلم، والتي غناها بصوته بعنوان «مهما صار»، ويقول مطلعها «وحده الوقت بيكشف أسرار… ما محا اسمك من عتبة هالدار».
ويقدم الممثل توفيق برهوم دور عساف الشاب، إضافة إلى نخبة من النجوم الفلسطينيين والعرب، أبرزهم المخرجة اللبنانية نادين لبكي، وعلي سليمان، وميساء عبدالهادي، ومنال عوض، وعامر حليحل، واشرف برهوم، فيما يظهر محمد عساف في مشهد صامت وحيد خلال إعلان فوزه بمسابقة محبوب العرب (Arab Idol)، والتي نظمتها ولا تزال شبكة «إم.بي.سي» الإعلامية.
ويروي الفيلم حكاية عساف وشقيقته نور، حيث يظهر كيف كانا يملكان شغفاً مشتركاً بالموسيقى، ويخططان لإيجاد طرق لشراء آلات موسيقية من أجل تكوين فريق مع صديقيهم أشرف وعمر .. نور هي أول من تدرك موهبة شقيقها محمد عساف في الغناء، وتدفعه والفريق لمواصلة مشوارهم نحو الحلم، رغم الواقع الصعب في غزة، وخاصة في المخيم حيث يعيش، ليتحقق الحلم، ويتحول صاحب «علّي الكوفية» إلى ظاهرة عالمية يشار إليها بالبنان.
وبسبب ارتباطه بالمشاركة في عروض الفيلم بمهرجان تورونتو، لم يتمكن عساف، من التواجد في مدينة هامبورغ الألمانية لتسلم جائزة «الباما» (Big Apple Music Award) كأفضل مطرب «جديد» في الشرق الأوسط للعام 2015، لانشغاله بالمشاركة كضيف شرف على المهرجان السينمائي في كندا.
ويرافق عساف مخرج العمل ونجوم الفيلم الروائي الطويل إلى حيث العرض الأول له في مهرجان دولي، مع الإشارة إلى أن النجمة الإماراتية أحلام تسلمت الجائزة بالنيابة عنه، بصفتها عضو لجنة تحكيم برنامج «محبوب العرب» (Arab Idol)، والذي فاز عساف بنسخته الثانية.
ووجّه عساف للقائمين على حفل توزيع الجوائز في هامبورغ (الباما)، كلمة مسجلة بالفيديو بثت عبر شاشة عملاقة في قاعة توزيع الجوائز، حيث وجّه، في أقل من دقيقة، الشكر للجنة تحكيم الجائزة، والجمهور الذي وثق بموهبته، وصوت له في هذه المسابقة، وعلى مدار عدة أشهر، موجهاً التحية لكل الحضور، ومتمنياً لإدارة الجائزة المزيد من التقدم، كما عبر عن أمنياته بأن يبقى على الدوام عند حسن ظن جمهوره الذي أحبه في كل أنحاء العالم.
واللافت أن «سفير فلسطين» كما يطلق عليه عشاقه، كان وجّه رسالة إلى الفلسطينيين عبر فايسبوك، عقب نجاح الفيلم في مهرجان تورونتو السينمائي بكندا، وعقب فوزه بجائزة «الباما»، قال فيها: لكم كل الحب يا حقيقة النجاح والأمل، وأشكركم من كل قلبي على دعمكم ومواقفكم التى كانت وما زالت هي سيدة النجاح، وكل ما وصلت اليه لم يكن إلا بتوفيقٍ من الله عز وجل ووقوفكم وثقتكم في موهبتي».
وأضاف: «أعدكم دائماً أن أبقى عند حسن ظنكم بي، وأعدكم ان أبقى كما عرفتموني بفني الراقي ذي الرسالة السامية، وان تبقى فلسطين الحبيبة هي بوصلتي… أحبكم في كل مكان من على هذه الأرض».
في حين أعرب جمهور محبوب العرب محمد عساف وعشاقه، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن سعادتهم بهذه الجائزة، التي تضاف إلى الكثير من الإنجازات العالمية التي حققها في فترة زمنية قصيرة جداً، وأحدثها عرض الفيلم المقتبس عن مسيرته «يا طير الطاير» (The Idol) في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي بدورته الاربعين.
وجدير بالذكر أن مخرج الفيلم هاني أبو أسعد يرى في فيلم «يا طير الطاير»، ما وصفه بـ»صورة رمزية للكفاح من أجل الحرية وتحقيق الطموحات والأحلام، والإيمان بأن لا شيء مستحيل أمام المثابرة والاجتهاد، وأن الفقر لا يحول دون الوصول إلى قمة النجاح والشهرة والمجد»، كاشفاً ان العمل يطرح قصة شاب وشقيقته، من خلال سعيهما إلى تحويل العقبات التي تواجههما في حياتهما إلى نجاحات وانتصارات، وجعل المستحيل ممكناً أمام الإرادة والإصرار، فيتغلّبان على الصعاب، ويتمرّدان على الفقر، ويواجهان القمع والاحتلال… ويسعى الفيلم إلى تحويل البشاعة والقبح إلى جمال وتميّز، مركّزاً على أن الإرادة قادرة على صنع المستحيل.
_______
*المصدر: الحياة.