كُنّا أطفالاً


عبد السلام عطاري *


خاص ( ثقافات )
كُنّا أطفالاً
نشتاقُ للصَّباح
نركضُ إلى نَومِنا شوقًا 
نَرمي تَعَبنا على وسادَةِ الحُلم
بغبارِ السَّاحاتْ 
بعطر الشوكران، بعِطرِ الخرفيش والمُرّار 
كُنَّا أطفالاً
نلهو بِكُرات القماشِ نجمعُها
من حاويةِ زقاقِ خيّاطةِ الحَيِّ القديم
وخُيول الحَطبِ المَنهوبةِ
من حاكورةِ الشَّيخْ؛
جيادُ معاركِنا الصَّغيرةِ
لا منتصرَ غيرُنا فيها
كُنّا أطفالاً
نرسمُ الغَدَ بلونِ الأملِ
نَطير بجناحينِ من ريشِ
النُّعاسِ الخَفيف
وظلّهُا يرسمُ وجوهَنا
بحَجمِ الحُلم الّذي كانَ
كُنَّا أطفالاً
نَبحثُ عن يَومِنا 
قبلَ الغُروبْ في جيبِ السماء
كُنّا أطفالاً 
نحفظُ عن ظهر قلبٍ صوت أُمهاتنا
في المساء 
كُنّا أطفالاً
نشتاق للمطرِ الذي يجيء صدفةً 
ونحن على صهوةِ الوقت النسّاء وقَتنا
وجياد الزيتون وعروق اللوز 
نلمح لون التفّاح من بعيد 
كنّا أطفالاً
نعشق تهليلة الأمهات وصوت الله 
في مآذن العيد 
كنّا أطفالاً
نرمي فخاخ الحبّ 
على طريقِ المدرسة 
نجمعُ الوردَ في الظهيرةِ 
كلّما رنَّ جرسها 
نعود أدراج المصاطب 
بما تيسر من غمزة عينيها البِكرِ
واَرْخَينا حبال الإنتظار
كُنّا أطفالاً سعداء 
إذ كَبُرنا 
وعاد الذئب وليلى لم تُعد 
وما زلنا نعُدّ الليل
ونجمعُ صرّة الحكاية
من شوكة الصبرّ والصبّار
كُنّا أطفالاً 
نحفظ سِرّنا الصغير 
كيّ ينام الليل في حضنِ الليل
وتكبر الشمس في عين النهار.
__________________________
*شاعر وكاتب من فلسطين

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *