لحظة فيضان


نضال حمارنة *

خاص ( ثقافات )


بدوتَ لي متعباً ..
استيقظَ من نومٍ عميق
إثرَ معركة أو غزوة
تتشبث بملابسكَ ..
تمطّها .. لتغطي كاحل قدمكَ
كي لا تغويني
ساعتها لم يكنْ ينقصكَ سوى
عمامة (لوركا)
ومجموعة من الغجر لتحتفي
بأريحيتكَ .
داهمتني :
” ممكن .. أسحبكِ من الحفرة ؟!”
لم تكتفِ بردٍّ تطاير فوق أصابعي .
اقتربتَ ..
ثابرتَ على شرح حكاية ( مُمكِنكَ)
رفعتني نحو الحافّة .
أزحتَ عن وجهي غبار التردد ،
وانتظرتَ اهتزاز شفتي .
تمرجحَ فوق زنديَّ الكلام .
فدسستَ رأسكَ الوجيع في خاصرتي .
امتزجت رائحتي بآهتكَ .
ورأسي الأسيف يترنّح
في حِمَى قاسيون
جبلي الحيّ .
لِمَ هشّتْ عظامي وتماديتُ في الرِّقة
يحتشدني ذهول الرغبة !
لِمَ تلاشتْ جمراتي
وأنا في حضن الشفيف ،
في حضرة الجليل الرهيب !
لِمَ استعصَ داخلي
كامرأة منكوبة بفقد السخاء !
تقاومُ عويل المنافي
وانهزامات أيامها وشحّها وخيبتها
في لحظة غدق .
امرأة لَوَتْ دموعها إلى الداخل
وسدتْ منافذها .
حجبتْ السعادات عن رجل من دمها ..
ثمَّ ..
غرزتْ
في قرحة قلبها ذنباً
يتطاول مع الأيام .
هل أتجرأ ، وأتقنُ شرح اللحظة ؟!
أطيرُ نحو أوراقي ..
نحو انفلات قهري .
كم أحقدُ على الكتابة ؛ لأنها تُعبّرُ عني
أكثر من أعضائي .
كنتُ ..
أخنقُ اشتياقي بطيف المرارات
وأنتَ ..
ممتلئ بصهد الشهوة ..
ارتشفتَ (قمر الدين) يترقرق
فوق ركبتي .
حنوتَ على سني المكسور .
أدخلت أصابعكَ بين ضلوعي
بعنف ..
ضغطتَ على رئتي
أخرجتَ هواءً رتيباً .
ثمَّ .. نفحت في صدري
رائحة الرغيف
فغدوتَ (عيشي وملحي)
تحضّني في لحظة جسارة على طي
فصل التماهي
والتوحد معكَ .
……
……
كُنَّا في ضوء الشمس
لاجئان نحتفل عند الحافّة
مدموقان بعجين اللهفة
نتكشّفُ أشعارَ غجر منبوذين ..
نتخلقُ إيقاعات فقد قادم ..
نُستعادُ موسيقا أندلسيّة أليمة ..
نختلسُ .. ونخترسُ .
تبحثُ في الأخاديد
عن دروب المتاهة
تحتَ طفولة ثيابي .
أهدهدُ سرب جفنيكَ
أساكنُ زقزقة الرغبة
وصبابات لا تنتهي .
حنينُ عينيكَ
سلسبيلان زاحفان
يتعانقان
عند غمزة ذقنكَ
دلتا تنهمرُ فوق الحافّة
تملأ حفرتي .. تفيض وتفيض ،
تجرفُ أسنان منفى يأكلني ،
تفصدُ لحائي المقفول على نفسه
وتُدخل مياهها في شقوقي .
يورق إهابي
يرفعني الغمر
تجتاحني صاعقة استدراجاتكَ .
أشفُّ ناراً
ألُمُّ شجري المحروق
أصعدُ .
…….
…….
…….
تغزلني دوامة الطوفان
تجاهدُ كي تُغْرِقني فيكَ .
كنتُ أعرفُ ..
أنكَ لو عبرتني لن أصيرَ امرأتكَ .
ها .. أنا .. ذا … أنغمرُ
كالمفعولِ المُطلق
يختزنُ جسمي طمي دلتاكَ .
فيطغى ( أمل دُنقل) :


” ( ها هُم ” الحكماء” يفرّون نحو السفينة
….. ها هُم الجبناء يفرّون نحو السفينة
بينما كنتُ … … … ) .


مقطع من قصيدة ” مقابلة خاصة مع ابن نوح ” للشاعر المصري أمل دُنقل .

* أديبة من الأردن

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *