د. عريب محمد عيد
خاص ( ثقافات )
أغير عليك، نعم أغير، ولكن لا أغير عليك كأيّ امرأة، لأنّني لستُ أيًا منهن فرادى، ولستُ شبهًا لهن زمرًا، وما كنّ لي مع ما أنا عليه مثلا، ليس كبْرًا أو خيلاء أو تباهيًا؛ إنّما تصريحٌ منك بفرط أنوثتي التي أنطقتها بعدما كانت جسدًا أخرسًا، وردّ اعتبار لكينونتي إذا تجاهلتها غفْلا أو متعمِّدًا، وإصرارٌ على تفوقي على بنات جنسي عقلا وعلمًا وفكرًا ومنطقًا وجسدًا، هذا اعتراف سمعته منك في لحظات مضت أنسًا، غنيتني للحياة نشيدًا، وشدوتَ بي لحن حبّ يعلن معنى الوجود لاثنين احترقا نارًا ثمّ خُفّف عنهما فغرقا بحرًا.
لن أقول إنّني أغير عليك ضعفا أو قلّة حيلة؛ لأنّ الغيرة على الحبيب – في اعتقادي- فضيلة، فأنا لك وأنت لي، كلمة قالها القدر في قضاء سلّمنا له راغبين، ولم نكن له فقط ذاعنين، فكيف اليوم تدير وجهك ناظرًا أخرى وأنا معك؟ ألا معنى لمشاعري لديك؟ ألا عتبَ عليك؟ وأنت الآمر الناهي المطاعُ زوجًا وحبيبًا في غيابك وبين يديك؟ عجبًا أتعصني في هواك لمرور فاتنة تلوّح بطرف ردائها العاري، أو تبسم بثغر خلا حياءً أو تتمايل سنبلة جوفاء مشيًا متبخترًا؟ أفتتبعها عينًا لا تفارق حتى يتلاشى الجسدُ وخياله؟ أتعتقد مع كلّ هذا أنّني مازلتُ معك؟ لا، لستُ معك، فنظرتك ليست عابرة، هي ديدن حياة عشتها صبيًا فتيًا ورجلا ناضجًا، وما غضبي إلا لقلّة احترام مشاعري التي داعبتْ أحاسيسَك زمنًا طال أو قصر، وبهذا تراجعٌ مبطنٌ – ولو للحظة- عمّا صرّحتَ به وبما اعترفتَ ولمَا اخترت؟!
سيّدي … أعلمُك أنّ في هذا إساءةً لك من قبل ومن بعد؛ فأنت القاطفُ زهرة ربيع يانع والمنتقي من بساتين الحلا ما تدعي وما ادعيت، وأنت الحارسُ المقيمُ على حفظها ورعايتها وأسرها في حضنك وقيدك المصون الذي ارتأيت، فقد حملتها على أن تؤدي فرائض الطاعة والولاء لرجل شرقيّ الطبع غربيّ الهوى، وأنت من تباهيت بها واختلت وتعاظمت، فنظرتك الآن انسحاب وعجز واعتراض، فأولاهما وثانيهما ضعف وثالثهما سخط.
سيّدي… انظر لما لك وعندك وبين يديك، وحدّق بجوهرتك ولا ترنو لحجارة تتلألأ زيفًا فتعشى عيناك أو ترمد، واقنع ولا تتفحّص غيري؛ فالغير لغيرك، وما لك فيّ لا حظ للغير فيه؛ فلمَ إذن أغير؟؟ ولمَ بعدها تنظر؟ وما لك غيرُ الغير فلك أنْ تغير؛ ولكن لا حاجة عندي للغيرة لمغايرتي الأخريات.