محمد زكريا توفيق
“الاحساس بالظلم، هو سبب الثورات”.. أرسطو.
لكن الدواعش ليسوا ثوارا. فالتوحش يختلف عن الثورة. مقولة إن المظلوم يصبح ظالما، ليست هي التفسير الوحيد للتوحش. هناك تفسير آخر للتوحش. وهو، عندما تسقط الدولة ويسقط معها النظام والقانون والمجتمع المدني، يكون هناك مصدر واحد لبقاء وسلامة الفرد. هو الانتماء للجماعة أو العصابة.
سواء كانت الجماعة دينية، عنصرية، سياسية، عشيرية، أو لمجرد الولاء لقائد عصابة مفتري، هنا يعتمد بقاء الفرد أساسا على ما توفره له العصابة من أمن.
الحرب يصطلي بنارها الجميع. هي أيضا تصهر أفراد العصابة معا في بوتقة واحدة. هذه اللحمة، تخفف شيئا من الرعب والكرب المصاحبين لانهيار الدولة. الانتماء للجماعة، يعطي شيئا من الثقة في النفس لمن فقد بيته ووضعه ومكانته في المجتمع.
عندما يندمج الفرد في الجماعة أو العصابة، ويصبح جزءا منها، يصبح كل ما يفعله هو فعل الجماعة. هنا يكون مستعدا للقيام بأشياء مريعة، لم يكن يتخيل أن يقوم بها من قبل بمفرده ؛ بذلك يصبح ضمير الفرد، هو ضمير العصابة أو الجماعة التي ينتمي إليها. لأن الفرد بات والجماعة شيئا واحدا، طالما يواجهان نفس الخطر الخارجي. هنا تكون الجماعة أو العصابة هي سبب التوحش، لا الفرد وحده.
انظر إلى وجوه شباب داعش وهم يعتلون الشاحنات، يلوحون بالأعلام السوداء، ويرسمون ابتسامات عريضة على وجوههم. يلوحون قبضتهم في الهواء، بعد أن قاموا بذبح من يخالفونهم في العقيدة.
ما تراه هو تأثير الكيمياء الحيوية الناتج من اتحاد هرمون أوكسيتوسين مع هرمون تستوستيرون. الناتج، أشد فعالية من مخدر الكوكايين أو الخمور.
المخدر الطبيعي الذي يسري في أدمغة هذه المخلوقات البائسة، يرفع الحالة المزاجية للفرد، ويعطيه الأمل والطاقة العدوانية نيابة عن الجماعة ،لأن شخصية الفرد تذوب كلية في شخصية الجماعة، يكون الفرد مستعدا للتضحية بنفسه في المعارك أو لتفجير نفسه والانتحار في سبيل الجماعة. مثل عالم النمل، الشغالة لا قيمة لها بمفردها. أنا جزء من الجماعة، لذا يجب أن أموت في سبيلها.
عندما ينصهر الأفراد في جماعة، يرتفع منسوب هرمون الأوكسيتوسين في الدم. النتيجة هي نشوة طاغية على حساب الالتزام بالقيم الإنسانية. وطظ في القيم الإنسانية..هنا يصبح من السهل على الفرد موت ضميره وانتزاع الشفقة والرحمة من قلبه، فلا يرى غير أعضاء جماعته. ذبح أبرياء لا ينتمون إلى جماعته شيء طبيعي، لأنهم ليسوا بشرا أو بني آدميين مثله.
الأفراد داخل الجماعة أو العصابة، يفعلون أشياء فظيعة تقشعر لها الأبدان. لمجرد أن قادتهم أمروهم بفعل ذلك. في راوندا، بدأت عمليات الإبادة الجماعية عندما أعطى القادة أوامرهم عبر موجات الراديو.
أطاع الأفراد هذه الأوامر، وتحولوا إلى أناس متوحشين. قاموا بقتل أصدقائهم وجيرانهم وأقربائهم، لمجرد أنهم لم يكونوا ينتمون لجماعتهم.
الجيش السوفيتي، عندما غزا ألمانيا عام 1945، قام باغتصاب النساء الألمانيات بناء على أوامر قادتهم. جنود داعش، قاموا بذبح المسيحيين العزل واليزيدين، لأن قادتهم وأئمتهم قالوا لهم إن هذا ما يأمرنا به ديننا الحنيف.
القادة ورؤساء العصابات هم المسؤولون عن هذا التوحش. لذلك، يمكن أن يتوقف التوحش إذا أرادوا ذلك. وهذا ما تم في راوندا بعد الضغط الدولي على المسؤولين.لكن المشكلة هي أن مصلحة القوى الكبرى تقتضي استمرار ما يحدث في العراق وسوريا وليبيا ومصر وتونس واليمن، لأسباب سياسية واقتصادية واستراتيجية. هذه القوى، تحرص على ضمان استمرار مصالحها. وطالما هذا هو الوضع، سيستمر التوحش وداعش وأخواتها في المنطقة.
من السهل اتهام الدين بأنه السبب في تحول الشباب إلى متطرفين. لكن التطرف سببه الحقيقي سيكولوجي لا ديني. علم النفس يعطينا التفسير الوافي الذي نبحث عنه لتطرف وتوحش هؤلاء الشباب.
ما يغري الفرد بالانضمام إلى صفوف داعش، سببه سيكولوجي. بذلك، يحس الفرد بكيانه وأهميته واحترام الآخرين له، وهو الأمر الذي أظهرته داعش في دعايتها بمهارة. يفقد الفرد إحساسه بأهميته وآدميته لعدة أسباب. منها الفشل الشخصي في الدراسة أو العمل أو الحب، أو الخزي الناتج من الضغوط الاجتماعية والفوارق الطبقية.
فمثلا، النساء اللاتي يقمن بتفجير أنفسهن، كن في الغالب مطلقات لا ينجبن. إحداهن كانت مشوهة بالحروق عن طريق أهلها، عندما اكتشفوا علاقتها الجنسية برجل غير زوجها.
الفشل الاقتصادي في الغربة، والتشهير والتمييز بالنسبة للمهاجرين إلى الدول الأوروبية، هي أسباب أخرى. وقد يكون الاحساس بأن أخاك في الإيمان يعاني من الذل والهوان في كل مكان.
الفكر المتطرف لداعش، يزكي فكرة الغبن الواقع على المسلمين في كل أنحاء العالم، لكي يجذب ويجند لها الجهاديين من كل الدول.
هذا يفسر لنا لماذا يترك شباب زي الورد، حياتهم العادية ومستقبلهم الواعد لكي ينضموا إلى مثل هذه الجماعات التكفيرية.
التطرف العقائدي في مثل هذه الظروف، له تأثير قوي. هو علاج سريع للشعور بالدونية، وطريقة أكيدة للتغلب عليها. يتم ذلك عن طريق استغلال النوازع البشرية الدفينة في النفس من عنف وجنس.
هنا يخبرنا الرئيس الأميركي أوباما، لا فض فوه، ورئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون، أن أفعال داعش ليست إسلامية. كما أن ما يزيد على المئة من رجال الدين الإسلامي، قد وقعوا على خطاب مرسل إلى أبوبكر البغدادي أمير مؤمنين داعش.
يبينون له بالآيات والأحاديث أن ما تقوم به داعش خطأ بين، ولا يمت للإسلام بصلة من قريب أو بعيد. فضلا عن أنه يلحق العار والخزي بالإسلام والمسلمين والعالم أجمع. وهي محاولات فاشلة تشبه النفخ في القرب المخرومة.
فهل داعش ظاهرة دينية أم سيكولوجية؟ من وجهة النظر السيكولوجية، التطرف والعنف يأتيان من استغلال حاجة الانسان الأساسية بمهارة، حاجته للشعور بأهميته وإيجاد معنى لحياته الخاوية.
عقل الإنسان لا يقبل الغموض وعدم اليقين. منذ فجر التاريخ وهو يقابل هذا الغموض وعدم اليقين بابتكارات وتفسيرات معقولة، تريح الخاطر وتهدئ النفس وتمحو القلق. وما أن وجدت هذه التفسيرات، يظل متمسكا بها ولا يفرط فيها أبدا. من هنا جاءت الأساطير وقصص الأديان.
في عام 1972، يقترح عالم النفس، جيروم كاجان، أن حل المسائل غير اليقينية التي نواجهها، هي عماد وأساس تفكيرنا وسلوكنا. عندما نفشل في إشباع رغبتنا في المعرفة، ينمو لدينا دافع قوي للوصول إلى تفسير لما يحدث، أي تفسير. المهم يكون لدينا تفسير وخلاص.
هذا التفسير، في رأي كاجان، يقع في مركز كل الدوافع الأخرى داخل النفس. الهدف هو محو ضغوط عدم اليقين والمجهول من نفوسنا.
ما نبحث عنه، هو “الإغلاق المعرفي”. وهو مصطلح عالم النفس الاجتماعي “آري كروجلانسكي”. يعرف برغبة الفرد في إيجاد جواب شاف لما يعتريه من غموض معرفي.
أي البحث عن اليقين في عالم أبعد ما يكون عن اليقين. وحسب مبدأ هيزنبرج، هو عالم “عدم اليقين” بجدارة. عندما نواجه بالمجهول وعدم اليقين، نحتاج إلى جواب وتفسير بأسرع ما يمكن. وعندما نجد هذا التفسير، نغلق الفهم عليه ونرفض أي تفسير غيره. من هنا جاء الاسم، “الإغلاق المعرفي”.
حاجتنا الملحة للإغلاق المعرفي، أي لإيجاد جواب لما يعترينا من مجهول، تجعلنا ننحاز في اختياراتنا ونغير في ترتيب أولوياتنا وميولنا. أنظر إلى ما يفعله رجال الدين بنا. لديهم جواب وتفسير لكل سؤال. هم ملوك الإغلاق المعرفي.
فنتعجل في الفهم، ونكتفي بفروض وشواهد ومعلومات أقل مما يجب. ونصبح منحازين لأول تفسير يقابلنا، ندافع عنه بحياتنا وأموالنا وعيالنا. ونصبح منغلقين داخل الصندوق، لا نريد أن نخرج منه.
ظاهرة “الإغلاق المعرفي”، تزداد في أيام الكروب والحروب والضغوط والتعب والضوضاء والأزمات. عندما تنهال علينا المعلومات الغامضة كالسيل، ولا نجد تفسيرا منطقيا لها.
في عام 2010، حاول كروجلانسكي ربط ظاهرة الإغلاق المعرفي بالإرهاب. قام بعمل خمس دراسات عن الموضوع، فوجد أن مجرد الحديث عن أعمال الإرهاب والتفجيرات، تزيد من ظاهرة الإغلاق المعرفي عند عامة الناس. لهذا تنشأ الإشاعات الكاذبة، وتموت ببطء أثناء الأزمات.
حاجة المتطرف للعنف، تنبثق من حاجته للإغلاق المعرفي وحاجته لتحقيق ذاته. حاجته لليقين ومحو الغموض من حياته. إنه يريد أن يشعر بمستقبل أكيد. يريد أن يعرف ما يجب فعله وأين يذهب لكي يفعله.
موجات الهجرة غير المسبوقة، والأزمات الاقتصادية والحروب والأنظمة السياسية غير المستقرة، تركت ملايين الشباب بدون عمل. الفقر والبطالة والقلق، تولد عدم اليقين والرغبة الشديدة في البحث عن جواب. ينشأ عنها أيضا ظاهرة الإغلاق المعرفي. التطرف الديني هو الجواب الشافي المعافي للحاجة لليقين الذي يبحث عنه هؤلاء.
هنا ينقسم العالم إلى ثنائيات مانوية. جنة ونار، ضوء وظلام، خير وشر، مؤمنين وكفار، نظام وفوضى، إلخ. هنا العالم كله، إما أبيض أو أسود. لا يوجد شيء رمادي اللون.
التطرف الديني، يربط الأفعال بالنتائج. يعد بمستقبل لمن لا مستقبل له. هذا شيء هام لشباب ضائع في مرحلة حرجة من حياته. شباب تتلاطمه الأمواج، في بحار تئن فيها الرياح، ضاع فيها المجداف والملاح.
في بحث للمؤسسة الوطنية للعلوم مع وزارة الدفاع الأميركية، وجد أن هناك علاقة قوية بين الحاجة للإغلاق المعرفي والتطرف. هذه العلاقة موجودة أينما تنظر.
في المغرب، إسبانيا، الفيليبين، فلسطين، إيرلندا الشمالية، أو سرلانكا. الفرد الذي يبحث عن فكر مغلق، أو إغلاق معرفي، يتبنى أفكارا متطرفة.
يكفرون الآخرين الذين لا يؤمنون بأفكارهم. يحتقرونهم ويشعرون أنهم مرخصين لإبادتهم بكل الطرق الممكنة.
بالإضافة للإغلاق المعرفي، تقدم داعش إلى أتباعها هدية سيكولوجية لا تقدر بثمن. عندما تنضم لداعش للجهاد ضد الكفار، تصبح بطلا وشهيدا إذا قتلت. أنت بذلك تقايض حياتك بشيء أهم من الحياة نفسها، البطولة والشهادة والحور العين.
شباب الغرب ينضمون إلى الجهاديين، لأنهم يبغون شيئا أهم من حياتهم التافهة. هل تتخيل حياة بدون هدف أو معنى؟
شعور المسلمين بالهزيمة والإهانة الدائمة في فلسطين والبوسنة وأفغانستان والعراق. الشباب اليائس، العاطل، والذي يعيش بدون هدف وبدون مستقبل، ينجذب بسهولة لإغراءات داعش.
لا شك أن طريقة تجنيد داعش لأفرادها طريقة مدهشة. فقد زاد عدد أفرادها من 10000 إلى 31500 في عدة شهور فقط. 12000 عنصر أجنبي، منهم 3000 من الغرب.
نجاح داعش في تجنيد الشباب يرجع إلى معالجتها السريعة لشعورهم بالضياع، وإعطاء الفرد منهم معنى لحياته. بالإضافة لاستغلالها أفضل استغلال للميول العدوانية للفرد وحاجته الجنسية.
البحث عن معنى للحياة، هو شيء عام. كل منا يبحث عن معنى للحياة بدرجة ما. وليس هناك ما يخجل في ذلك. على العكس، قد يؤدي هذا البحث إلى أعمال إنسانية عظيمة. لكن الأعمال الإنسانية هذه، شاقة وتتطلب الوقت الكافي والصبر والتفاني والصراع الدائم لتذليل العقبات.
أما طريق العنف والجهاد، فهو طريق سريع للمجد. هو نفس الطريق الذي أغرى الشباب في العصور الوسطى للانضمام للحروب الصليبية. وجعلهم ينضمون للمجاهدين في أفغانستان. هو الآن يغري آلاف المقاتلين الأجانب للانضمام إلى صفوف داعش في سوريا والعراق.
العالم اليوم لا يحترم إلا الأقوياء. لا مكان للضعفاء وقليلي الحيلة. الدول تصنف حسب الأقوى عسكريا، وليس الأرقى حضاريا وإنسانيا. لذلك إلتجاء داعش إلى فرض أفكارها بالقوة المسلحة، له ما يبرره.
داعش تستخدم الجنس كنوع من التكريم للمقاتلين. في عالم الحيوان، الذكر يحوز الأنثى عن طريق قهره لباقي الذكور. الذكر الأقوى، هو الذي يفوز بالأنثى.
الجنس شيء بدائي وأساسي لتحقيق الذات ونقل الجينات الوراثية لأجيال قادمة. الهرة عندما تحبس ويمنع عنها الطعام، تضعف وتموت.
لكن إذا منع عنها الجنس وقت حاجتها له، تثقب سلك النافذة، وتلقي بنفسها من عال إلى الطريق. حقا لقد استخدمت داعش استراتيجية الجنس أحسن استخدام.
الجنس هو الطريق الأهم لتأكيد أهمية الإنسان. لأنه الطريق لاستمرار اسم الشخص وجيناته وانتقالها للأجيال القادمة. داعش تستخدم الجنس لمكافأة أفرادها وتشجيعهم على العدوان والتوحش.
أقامت داعش مراكز، تسجل فيها أسماء النساء الراغبات في الزواج. النساء والبنات العراقيات السبايا يجبرن على ممارسة الجنس مع الجنود المنتصرة. يعشن في مواخير تدار بالنساء المجاهدات.
الشباب المأزوم جنسيا، يوعد بجنة حسية يمارس فيها الجنس بدون حدود. اغتصاب الكافرات يعتبر شيئا حلالا مباحا. فضلا عن أنه يعتبر قهر للمرأة على يد الرجل.
كما أن الشهيد يكافأ بالحور العين الاثنين والسبعين، كل منهن لها سبعون وصيفة. بذلك يكون إجمالي العدد 5040 أنثى، هن نصيب المجاهد القتيل المكبوت جنسيا أصلا في حياته الفانية.
على الأرض، هناك من تتمنى الزواج من المجاهد لنصرة الإسلام. كما أن داعش تقوم بحث أو إجبار النساء على الزواج من المقاتلين تحت اسم جهاد النكاح. بالإضافة إلى اغتصاب الكافرات، وهو شيء عادي مسموح به، بل تشجعه داعش.
ربما تقول إن هذا شيء مريع بالنسبة للنساء. لكن الغريب أن بعض النساء يجدن أن الزواج من المجاهدين وتربية أطفال أيتام سوف يصبحون جنودا في جيش الإسلام عندما يكبرون، هو المجد والفخار بعينه. كله في سبيل نصرة الإسلام. مثل هذه النساء، لسن أقل تفاهة وخواء من رفاقهن المجاهدين.
في كتابه الهام، “الحضارة وسخطها”، يخبرنا سيجماند فرويد كيف تقوم الثقافات، عن طريق بناء النظم الأخلاقية، بكبح جماح الرغبة البدائية في ممارسة العنف والجنس المدفونة داخل نفوسنا. بذلك يمكن أن تستمر المجتمعات وتتعايش سلميا.
هنا تستغل داعش الرغبات البدائية للنفس البشرية، وتحول المدنس إلى شيء مقدس. هي تطلق بذلك قوى متحفزة من عقالها، تحول القتلة إلى شهداء ومجاهدين لنصرة الدين.
ويبقى السؤال، كيف نحارب هذا الفكر العفن والعقول الخربة. تحليل وفهم ظاهرة داعش شيء ضروري. من الناحية السيكولوجية، يجب أن يكون لدينا خطة سيكولوجية مناسبة.
الإغراء بالحداثة والتسامح والتعايش السلمي لن يجدي مع الدواعش. ولا حتى أسلوب الإقناع والمنطق يمكنه أن يأتي بنتيجة مرجوة.
الحرب ضد التطرف، يتطلب استخدام نفس القوى السيكولوجية التي جعلت التطرف شيئا جذابا في نظر هؤلاء. إذا كانت البساطة والحاجة للإغلاق المعرفي هي السبب، فعلينا استخدام نفس الأسلوب.
فلا يفل الحديد إلا الحديد. إذا كان الوعد بالمجد والبطولة والهدف النبيل هو السلاح المستخدم، فعلينا تقديم أشياء مشابهة ووعود بالمجد والبطولة ولكن في أطر مختلفة.
يمكننا تجنيد الشباب للكفاح ضد المرتدين والخوارج الداعشيين، الذين ألحقوا العار بدينهم وأظهروه بمظهر بشع. يجب محاربة التطرف، بتطرف مضاد أكثر جرأة وعلانية. عن طريق قادة لها كاريزما ومصداقية. في نفس الوقت، حرب داعش عسكريا شيء واجب وضروري.
النصر العسكري على داعش، سوف يحطم صورتها في أذهان الشباب على أنها جيش الإسلام الذي لا يقهر والمؤيد من الرب وملائكته.
ويبين أن من ينضم إلى صفوفها من البؤساء، لن يجني من وراء ذلك سوى الخزي والعار، والموت القبيح في الصحراء مترامية الأطراف. يترك فيها جيفة عفنة، ولن يجد من يبكيه أو يترحم عليه.
المعركة، هي معركة إعلام وفكر إلى جانب المقاومة العسكرية. فيجب أن تسود حضارتنا وإنسانيتنا وقيمنا ورسائلنا وما نعيش من أجله، لا رسائل داعش. القصة كلها سيكولوجية ولا يجب أن يقوم بها المرتزقة أو الهواة أو غير المتخصصين.
ميدل ايست أونلاين