يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات)

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

حسن حصاري

منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟

منْ يُوقظ بِداخلي أصْوات ناياتٍ قديمَة

نامتْ بينَ كلماتي المُبْهمة، حِينَ

خَرَّ لِساني

حَجراً..

منْ

شرْفةِ

المَعنى؟

أنا مِثلكَ أيًّها الرِّيحُ المُتعبُ بالصَّفيرِ

وغُبار الحكاياتِ العِجافِ

لا وِجْهة لِي فِي أفقٍ ضيق يُلوِّحُ

 لِصمْتي..

 بِاليقظة.

وَأنا مِثلكَ أيُّها الصَّدى الخائفُ منْ،

 امتدادِ هَمْسكَ بِلا صَدى…

قادمٌ أنا، منْ هوامِش مُدنٍ مُهمِلة

لمَداخنِ بُؤسِها

أصدُّ عَني كُل مَنفذٍ لِلتحْليق بَعيدا

بَعيداً عَني.

فهلْ كانَ مُقدَّراً أنْ

أراني مُعلقا طيراً دَبيحا

بيْنَ ثقوبِ شِباك المَاضي

وَظلالِ الحَاضرِ

الغائبِ فينا.

 الصَّمتُ ..

ثقيلُ الوَطئ على العيْن النائمَة

حينَ يهُبُّ صَقيعا مُنتشيا بِفقْدِ

تفاصِيلنا الصَّغيرة للدفْء

نرُش مِلحَ الخُطواتِ عَلى

ثقوبِ الذاكِرة..

فلا الكلمَات العَابرة بالأمْنياتِ تكفي،

لإعادَة ترتيبِ هواءِ غُرفِنا البارِدة..

النافِذة اليتيمَة؛

مُغلقة بِاستمرارٍ في وجْهِ الجِدارِ الرَّطب.

المِصْباحُ الواهن تدلى بِلا لون،

فوْق مِزهريةٍ ذابلةٍ من

عطشِ الذكريات.

وَكرَاسي الخشبِ الأثريةِ تآكلتْ

منْ فرطِ النسْيان.

ينْبُث الصَّمت في الأعينِ

كفطرِ حديقةٍ بلا بَاب.

أجَرْجِرُ خيباتي منْ أحداقِ يوْمِياتي المُتلاشية.

أخشى الأماكنَ المُغلقة.

 لمْ أعُد أكبُر فيها إلا لأشيخَ سَريعا

طِفلا لا يتذكرُ سِوى

أرْجُوحتهُ الخَشبية المُكسرَة.

مَا كانَ عليَّ التفكِير فِي الكلام.

عُدتُ نِصفَ جُملةٍ مُبْهمة..

نِصفَ نظرةٍ بِلا مَدى..

نِصفَ حياةٍ بلا حَياة..

وارْتمي بِما تبَقى مِنْ جَسدِي الحَجَري

في غياباتِ جُبِّ الحَيْرة،

منْ صَمتي المُحتمَل

أنهُ صوْتُ ذاكِرةِ الحَنين إلى لغَة..

لغَة

بِلا

مَجاز…

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *