عن رواية (عشبة ومطر ) للروائية الإماراتية وداد خليفة

(ثقافات)

عن رواية (عشبة ومطر ) للروائية الإماراتية وداد خليفة

قراءة : مجد يعقوب

بعد روايتين سابقتين تمحورتا عن الحياة البدائية التي كان يعيشها سكان الإمارات،  قبل اكتشاف النفط وبعده ، تفاجؤنا الروائية وداد خليفة بمناخ مختلف تماماً في روايتها الأخيرة (عشبة ومطر ) ، حيث تنتقل إلى الحياة المعاصرة لتشهد على التغيير الذي حصل في كافة المجالات ، الاجتماعية ، الاقتصادية ، الحياتية والأهم ما حصل عند الكثيرين الذين أصبحوا خاضعين لوطأة الاستهلاك بشكل كبير .

تدور أحداث الرواية بين ثلاث شخصيات رئيسية ، عشبة ، مطر ، وتيريزا

من خلال ما تبوح به كل شخصية على حدة ، تشتبك مجريات الرواية ببعضها لتتضح معالمها وما بينهما من حيوات وأفكار حتى تؤدي الرواية غرضها في إيصال رسالتها للقارئ.

عشبة………

والتي أطلقتُ عليها بدوري اسم (الأرض) بمعناها الواسع ، الحاضنة للجذور ، المتمسكة بأصولها وقيمها الراسخة ، السيدة الرصينة ، المتعلمة ، المثقفة ، المتقدة ذكاء وحكمة .

صاحبة العقل المتزن ،الراجح ،تفرق بين الغث والسمين ، التي لم تجرها ثروتها الكبيرة إلى عالم الاستهلاك والتقليد الأعمى ، التي كلما سمعت أصوات الأحفاد بألسنتهم الملتوية نحو الانجليزية وجهلهم بلغتهم الأم ، يصيبها الغثيان .

تقول عشبة عن سبب انعزالها وانطوائها: (نعم إنّها عزلتي الاختيارية المتزامنة مع عزلتي القسرية ، وإذا أردت مزيداً من الدقة ، فالأصح أنني منسحبة من مجتمعي ، حتى لا أتلوث بوحل الطفرات الاجتماعية التي خلخلت بنية مجتمعنا ، فكلما ولدت طفرة مفاجئة باعدتني سبعين ذراعاً ، فكيف يريدون من الاقتراب ونبذ الانزواء وكل الوجوه التي أعرف أصبحت مسطحة بلا ملامح أطوف بينها ، أفتش عن قسماتها ، التي مسختها المباضع والإبر ، ولا أرى سوى تورمات مقززة ، فقدت جمالية تطور العمر وانعكاسه .كيف لا يريدونني أن أنزوي ، وكل ذلك يثير مراراً بحلقي كرهت طعمه، وكرهت استهانتهم بعقلي ، كرهت العلاقات المبنية على المصالح التي حلت محل المحبة ، كرهت كل زيف وتقززت من كل تملق مبني على المادة).

عشبة التي يحفر في قلبها فخر انتماءها للعروبة ، صمتها وحزنها الممرض على ما آلت إليه بلدان الوطن العربي .

عشبة التي أحبت اقتناء الشالات النادرة الرهيفة المشغولة بأمهر الأيدي ، تعيش على الذكريات وصوت الإيمان الراسخ بكل ما قامت به وتسعى إليه من محاولات للمحافظة على لغتها وعقيدتها والاحتفاظ بمورثها حتى تعالى ذاك الصوت فوق احتمالها فقتلها .

ماء السماء

الابن الذي شب على يدي تلك العشبة ، والتي أرضعته تلافيف أفكارها ، فكان الابن الفخر لها .

مطر المهتم بالآثار كقيمة حضارية عتيقة ، يجوب بقاع العالم باحثاً عنها .

يؤكد من خلال بحثه الدؤوب ما فعلته الحروب من طمس لتلك الحضارات وسرقة آثارها مزينة بها المتاحف العالمية للآثار .

يقوده شغفه بها إلى الحب الذي يشبهه ليجده بين دفات آثار عتيقة لسيدة مجهولة ، يبحث عنها كما يبحث عن قطعة نادرة ، يسافر البلدان باحثاً عنها .

وتكون قطعة (الخلال) حجر الملتقى بينهما .

تريزا

السيدة المساعدة في بيت مطر ، التي وجدت إنسانيتها بينهم ، فكانت واحدة من العائلة بعد أن خذلها نكران عائلتها الأصلية لها .

تريزا التي تثقفت على يد العشبة ، تقوت بهم ، شدت أزر روحها بعد أن باغتها قلبها في شخص كشف لها عن نواياه (أطماع الأيدي العاملة) في التوسع والامتداد والمطالبة بالشراكة والتملك والاحتكار في كل شيء مع أبناء الوطن .

لمحة عن صاحبة العمل الروائي : وداد خليفة النابوده السويدي

دبي / دولة الامارات العربية المتحدة .

المؤهل العلمي :

بكالريوس علوم إدارية وسياسية / جامعة الامارات .

الخبرة العملية :

العمل في مجال التربية والتعليم، كمعلمة 18 سنة، ثم الانتقال للعمل في الإدارة المدرسية 5 سنوات .

الانجازات والجوائز :

حاصلة على جائزة خليفة للمعلم ، لعام 2000م

حاصلة على جائزة حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز لعام 2003م

إصدار كتاب بحثي بعنوان : تاريخ الخليج العربي ، بالاشتراك مع د. راشد أبو زيد / 1998

حالياً متقاعدة ومتفرغة للكتابة،

* رواية زمن السيداف. ( جزئين)

* رواية خبايا اللال  .

* رواية عشبة ومطر .

صدرت الرواية عن دار العين للنشر ، جاءت بمقاس قطع متوسط 350 صفحة .

شاهد أيضاً

رواية “قناع بلون السماء”…ملامح الهوية الفلسطينية بين التحقق والذوبان

(ثقافات) رواية “قناع بلون السماء”…ملامح الهوية الفلسطينية بين التحقق والذوبان  صفاء الحطاب تذهب بنا رواية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *