إيليا جزائري
“مدينة الأكاذيب؛ الغرام، الجنس، الموت والبحث عن الحقيقة في طهران” عنوان كتاب ألفته الصحفية الإيرانية-البريطانية “راميتا نوايي”. وقد طبعت الكتاب دار النشر “ويدنفلد ونيكلسن” البريطانية باللغة الإنكليزية في يونيو 2014.
وكانت “راميتا نوايي مراسلة مجلة “تايمز” في طهران بين عامي 2003 و2006. وفي روايتها شرحت مشاهداتها في طهران جسدتها في ثمان شخصيات وخصصت لكل شخصية فصل من الكتاب وهم: داريوش وسمية وأمير وبيجن وليلى ومرتضى وأصغر وفريدة.
وتصارح الكاتبة في بداية روايتها القارئ إلى أن الأسماء مستعارة ولكنها تشير إلى أن الرواية مقتبسة من قصص حقيقية.
الممنوعات
كل شخصية في الرواية تنحدر من طبقة اجتماعية مختلفة ولها حياتها الخاصة المنفصلة تماما عن الآخرين، حيث “داريوش” جاء إلى إيران بغية تنفيذ خطة أوكلتها إليه منظمة سرية لاغتيال قائد شرطة طهران ولكن كشفت السلطات أمره فاعتقلته وفي السجن أعلن براءته من المنظمة.
وأما “سمية” هي فتاة متدينة تتزوج من شاب يسكن في حي خراسان بطهران إلا أنها سرعان ما تكشف أن زوجها على علاقة بنساء أخريات، و”ليلى” “بائعة هوى” لها علاقات حميمة مع القاضي الذي تولى البت في ملفها، و”أصغر” شخص غبي و…
وسائر الشخصيات في الرواية أيضا لها ضلوع بالـ”ممنوعات”؛ أحدهم عضو في ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري لكنه خضع لعملية تغيير الجنس وآخر مدون اعتقله الأمن وأودعه السجن.
الجنس الخفي في المدينة
الكثير من قصص الرواية لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالجنس وتسعى الكاتبة رواية هذه الممارسات الممنوعة في مجتمع إيران المعقد من زاوية مختلفة، ثمة فتاة تسكن جنوب طهران شوهدت برفقة شاب خارج البيت ولهذا السبب أصبح زملاؤها في الصف ينادونها بالـ”مومس”.
و”رجل دين” يدعي بأنه يذهب لزيارة مقدسات دينية باستمرار، لكن زوجته كشفت بأنه يذهب إلى تايلندا لملاقاة “بائعات الهوى”…
وتستعمل الكاتبة في روايتها ألفاظا شعبية دارجة باللغة الفارسية وتشرحها للقارئ الناطق بالإنجليزية في قسم الملاحظات.
ولم تتردد “راميتا نوايي” في خوض تفاصيل العلاقات الحميمية لتقرب القارئ من شخصيات روايتها وتشرح له ظروفهم الاجتماعية. وفي قسم من الرواية توضح بعض الأساليب المتبعة في العلاقات الجنسية في طهران.
القارئ الغربي
وتحاول الكاتبة أن تكشف عن الوجه الخفي لعاصمة إيران للقارئ الغربي ولهذا اختارت شخصياتها من بين فئات اجتماعية وثقافية مختلفة. ومن ضمنها أتباع للنظام الإيراني، كأولئك الذين يبكون لمجرد مشاهدة صورة للمرشد.
وتضم الرواية شخصيات متنوعة فمنهم من حمل السلاح ضد النظام الإيراني ومنهم شخصيات تنتمي لميليشيات النظام. وتسعى الكاتبة أن تعطي الصورة التي تريد رسمها بنظرة مستقلة دون تحيز لهذا أو ذاك.
وفي هذه الرواية المعقدة تسعى “راميتا نوايي” أن تتحدث عن تفاصيل مشاهداتها في طهران، المدينة التي تركتها في أيام الصبا وعادت إليها بعد عقود. هذه التفاصيل قد تكون مملة للقارئ الإيراني، وتبدو له مكررة ولكن الكاتبة هنا تخاطب القارئ الغربي.
طهران وشارع “ولي عصر”
تشير الكاتبة بأنها تحب طهران وتهدي الكتاب إلى “الطهرانيين”. وفي الوقت نفسه تحاول أن تشرح كيف يعيش الناس بازدواجية في هذه المدينة الكبيرة نتيجة للظروف المجتمعية وضغوط النظام الحاكم وكيف تتناقض حياتهم الخاصة عندماه يعبرون عن أنفسهم في الشارع خلافا لما يعيشونه في بيوتهم حيث يلجأون في الكثير من الأحيان إلى الكذب والتمثيل.
يبدأ الكتاب بتوصيف شارع “ولي عصر”- أطول شارع في طهران – وتاريخ نشأته فتتحدث “راميتا نوايي” عن حبها وحب الطهرانيين لهذا الشارع وتشرح كيف يربط شقي المدينة، الفقير والثري، ببعضهما.
وفي نهاية الكتاب أيضا تتحدث الكاتبة مرة أخرى عن شارع “ولي عصر” كي تكمل الحلقة التي بدأتها وتروي أيضا قصة الأشجار التي تم اقتلاعها في هذا الشارع.
من الخيال إلى الواقع
وقد يلمس القارئ في الرواية الهوة بين الواقع والخيال رغم أن الكاتبة تؤكد أن جميع شخصيات الرواية مقتبسة من الواقع المعاش وكافة فصلولها، هي حصيلة مقابلات أجرتها مع أشخاص فسردت قصصهم.
-_____________
*العربية