هوامش على أفراح صغيرة خارج الحدود[i]

(ثقافات) 

هوامش  على  أفراح صغيرة  خارج  الحدود[i]

عبد القادر بوطالب

هل تعلم أنه أحيانا؛ أحيانا كثيرة، أتمنى لو أن لا أحد يعرفني؛ وأصير شيئا منسيا، لا شيء يربطني  بهذا العالم؛  وبذكريات الناس. وأن أظل غريبة؛ أبتسم للغرباء، غريبة بين الغرباء، وأن تكون أنت وحدك فقط من يعرفني، ويعرف اسمي وحروفه على جسدي،  وأن تكون معي هنا وهناك، و أن تغيب وتعود، وتجدني  في انتظارك؛ أكتب لك، حيث تركتني.

          أكتب لك كيف كنت  تدللني، وتصرخ في وجهي، “لن أسامحك إن فعلت ذلك معي، لن أكلمك ليوم كامل”، بيد أنني لا أستطيع أمام إصرارك وإلحاحك علي؛” لا تحاول معي مرة أخرى”، فما يربطني بهذه الحياة  عيناك حين تفتحهما على عيناي، عيناك لا تكذبان، ونظل هكذا حتى ننام سوية على حين غرة. لا تتركني وحدي في الظلام.

لا تقلق علي. وحدي في الظلام أراك بالوضوح الكافي.

 أعدك أنني سأنهض من جديد، وألملم أشلائي، أحتاج أن أغرس وجهي في قميصك وأبكي كطفلة… أتذكر  كم كان الخوف والتردد يستبدان بي، لقد كان كل شيء بيننا يشبه  الأضداد، يبعدنا أكثر، ويكبلنا بالأصفاد حتى لا نفترق. غير أن روح تلك الطفلة التي كانت تسكنني، والتي كانت تردد ترانيم حفظتها عن زليخة حين سخرن منها نسوة مصر، كانت تلح علي بالذهاب أبعد مما كنت تتوقع مني؛ كنت أحاول أن أثبت لك أن في كل لمسة؛ وفي كل انزلاقة من لساني على عرضي كتفيك كنت أتحلل وأذوب وأشعر أن جسدي لم يعد لي، وأنه  أصبح منك.

أتذكر كل اللحظات التي مرت في لمح البصر في شريط خاطف يجمع أزمنة متقاربة وأماكن متباعدة، تلك اللحظات التي وهبتني حين كنا على الحدود، وتلك التي كنا  فيها خارج الحدود، وتلك التي كانت داخل  الحدود.

 

بت أستعيد هذه اللحظات حين يقترب مني طيفك في الظلام، واقترب منك أكثر لأتنفس بعمق، وأحس بالحياة تعود إلي، وأعيش تجربة الركض في غابة؛ لا أحد فيها سواي، أركض كما لم يفعل أحد من قبل، وأصيح  بأعلى صوتي:  فلتذهب كل الحدود  إلى الجحيم.

[i] -النص الأصلي لهذه الهوامش (هامش1 ) نشر تحت العنوان التالي :  افراح قصيرة خارج الحدود بموقع الأوان، أنظر الرابط التالي:   https://cutt.us/TaIJm

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *