100 ساعة على الحدود


محمد سيد بركة


يرصد كتاب «100 ساعة على الحدود»، لمؤلفه علاء البدري، معاناة اللاجئين السوريين المشردين على الحدود الأردنية السورية، خلال رحلته إلى مدينة المفرق التي وصفها في صفحات كتابه بأنها مدينة الحزن والألم.
يوضح الكاتب أنه لم يكن يتخيل قبل التوجه للمخيمات الكائنة بمحافظة المفرق الأردنية الملاصقة للحدود السورية، التقاط كم من الحكايات الإنسانية التي تعد وفقا لتعبيره، وصمة عار ستسجل في تاريخ الإنسانية التي تتغنى ليل نهار بحضارتها وتطورها.
كما يرصد البدري عددا من الحالات الإنسانية التي واجهت الكثير من المآسي والمواجع، حيث يضم الكتاب 9 روايات حقيقية دونها بأسلوب السرد القصصي السهل؛ منها: فاطمة ، دارين ، أبو عبيده، سارة، ناقل الموتى. إذ يرويها أصحابها بعد رحلة هروب لم تقل في خطورتها عن معاناتهم في الداخل السوري من تشرد وقتل وتهجير.
يحكي البدري عن مأساة فاطمة فيقول: «فاطمة .. هذا هو اسمها الذي لا أستطيع أن أنساه رغم عامين منذ أن التقيتها هناك، في هذه المنطقة الحدودية النائية الموحشة التي تسكنها العقارب والثعابين، نبتت فيها أعشاب بين حجارة وصخور مائها القسوة والظمأ الذي لا ينحصر إلا في فصل الشتاء القارس.
وجدتها وهي عالقة مشردة على الحدود الأردنية السورية كلاجئة بلا مأوى بسبب دنس الكبار وشرور المؤامرات والسياسة التي أجبرتها أن تسكن خيمة بالية بلا وتد، ولم تجد غير العراء تتلحف به».
ويضيف: «أوجعتني كلماتها وهي تسرد لي قصة هروبها من القصف والتشرد والضياع.. تاركة أمها وأخوتها وجثة أبيها الذي قتل غدرا تحت أنقاض منزلهم العتيق دون أن تعرف مقبرة باسمه سيدفن بها، ولا أي مصير ينتظر أمها وأشقاءها الثلاثة: نادر ومحمود وعلي الذين حملوا السلاح مثل الكثير من الشباب هناك، رغم سنهم الصغيرة دفاعا عن قضية وطن أصبح بمرور الوقت مكانا وملتقى لصراع قوى الشر في العالم».
كما يرى البدري أنه عندما اندلعت الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد في عام 2011، لم يكن أي مراقب للمشهد السوري يتخيل وقوع كارثة بمثل هذا الحجم من الفظاعة.
إذ حصدت أرواح آلاف الأبرياء، ودمرت البنية التحتية وأغلب المدن والمباني التاريخية، إضافة إلى تدمير النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلد العربي العتيق، بفعل النظام وأطراف عدة أخرى لم تتورع عن القيام بكافة أعمال العنف بما فيها ممارسات الإبادة الجماعية والاختطاف والتعذيب.
ويوضح علاء البدري أن سوريا أصبحت مرتعاً للجماعات الإرهابية التي أتى أفرادها من شتى بقاع الأرض، وتحولت بمرور الوقت إلى حلبة صراع مصالح تتقاسمه دول وأجهزة مخابرات متنوعة. وتداخلت ملامح الصورة في بعضها البعض ولم يعد في الإمكان معرفة من يناضل من أجل الحق ومن يصارع من أجل أجندات خاصة.
وماذا بعد … ؟! ويشير البدري في خاتمة الكتاب التي عنونها بـ«ماذا بعد.. ؟!» إلى أن المأساة السورية، دخلت عامها الخامس مخلفة وراءها ألف حكاية وآلاف القصص المفجعة، لا تختلف في وجعها عن مآسي أبطال أطلالنا التي ذكرت مآسيهم في هذا الكتاب.
البيان

شاهد أيضاً

فصل من سيرة عبد الجبار الرفاعي

(ثقافات)                       الكاتب إنسان مُتبرع للبشرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *