*طلال سلمان
I ـ زيارة لطيف جمال عبد الناصر في منزل حمدين صباحي
قال مصطفى اللباد: ألن تذهب إلى «الخال»؟
وقصدنا إلى منزل حمدين صباحي في «المهندسين»، وهو الحي الذي التهم بعض الجنبات الخضراء لقاهرة الأمس. دخلنا العمارة العالية التي يشغل بعض طوابقها الأرضية فرع للبنك المركزي، فلم يسألنا أحد من الرجال الجالسين في المدخل عن وجهتنا. إذاً فهم ليسوا حرساً «للزعيم» يتفحصون «نوايا» الداخلين والخارجين.
قرعنا الجرس، ومرت لحظات قبل أن يفتح الباب وتطل منه السيدة صباحي مرحبة وتتقدمنا إلى الصالة ذات المقاعد التي تكاد تتهالك تحت ضغط الاستخدام اليومي الكثيف. على الجدارين المتقابلين لوحات لبعض هواة الرسم، في حين ترتفع صورة لجمال عبد الناصر إلى جانب المدخل، وفي الشرفة الضيقة كرسيان سنفهم في ما بعد أنهما مخصصان للمدخنين.
كان واضحاً أن مدمن السهر قد استيقظ الآن فقط. هي ضريبة القيادة في زمن الشدة. دخل حمدين علينا مرحباً، وغابت زوجته لتعد القهوة والشاي. ليس في البيت خادم أو خادمة. ليس ثمة «زلم» يقومون على خدمة «الزعيم». رجل كهل وزوجته المضيافة: ـ عندنا ولد وبنت، ولقد تزوجا، وبقينا وحدنا…
وكاد يضيف: نمضي شهر عسل الوحدة..
اللباس بسيط. البيت بسيط. المفروشات بسيطة وإن مسها شيء من القدم. المنطق بسيط، اللغة بسيطة. لا ادعاءات. لا عبارات مفخمة بكلمات ذات رنين. الحقيقة لا تحتاج الفذلكات اللغوية. الارتباط بالناس، بطموحاتهم وآمالهم، بثورتهم على واقعهم، برفضهم الظلم والإبعاد عن القرار المتصل بشؤون حياتهم، يعبر عن ذاته بكلمات بسيطة. لا بد من شرح للأمور الأخرى: العلاقة بين السلطة والمحكومين. استخدام الشعار الديني في الشأن السياسي. توظيف الله في خدمة الرغبة في السيطرة على الحكم.
أخذت أتلفّت بحثاً عن جواب لسؤال «طبيعي»: كيف اتسع هذا الصالون برياشه البسيطة لنحو خمسة ملايين من الناخبين الذين أعطوا أصواتهم لمن ذهب إليهم بخطاب جمال عبد الناصر؟ أكيد أنهم يسكنون في بيوت مشابهة. أكيد أنهم يعيشون الحلم ذاته. أكيد أنهم يلجأون إلى الماضي المثقل بالإنجازات ومواقف الكبر التي صارت أحلاماً، في مواجهة بؤس الحاضر.
لا يدعي حمدين صباحي أنه يملك الأجوبة عن الأسئلة جميعاً المعلقة منذ زمن بعيد في الغياب المفجع للقائد العظيم الذي استقر منذ دهر في منزلة بين الحلم والتمني. إنه يسأل أكثر مما يجيب. واضح الشعور بمسؤولية الكلمة: الخطابة الحماسية التي تعتمد الشعارات ذات الدوي لم تعد مطلوبة. وصلنا إلى لحظة مواجهة الحقائق المرة بالمسؤولية. الأوضاع في مصر صعبة جداً. الديون ثقيلة الوطأة، الاحتياجات لا تحصى. الدولة على وشك الانهيار، تكاد تعجز عن الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها، الحصار محكم، من الخارج ومن الداخل. أسوأ أنواع السجون أن تحتجز حريتك ومطامحك ومطالبتك بحقوقك المشروعة في وطنك داخل الشعار المثقل بالإيحاءات الدينية. حرام هذا الاستخدام المبتذل للمقدسات. إنه يداني الكفر.
لا تشارك الزوجة التي ينضح وجهها طيبة في الحوار، لكنها تلقي، بين الحين والآخر، وعبر انهماكها بواجب تكريم الضيوف، بكلمات بسيطة تنضح حكمة وعزماً: إنها حقوق الشعب الذي يكدح ويعرق ويسهم بكل طاقته في بناء مصر، ولكنه لا ينال أبسط حقوقه فيه. من بنى كل هذه الإنجازات التي نفخر بها؟! من بنى مصر، حقيقة؟! وإلى متى يظل صامتاً، وقد أضيف الآن إلى الظروف الصعبة القهر بالشعار الديني؟ ألسنا جميعاً، مسلمين ومسيحيين من المؤمنين؟ وهل نحن، وفي مصر تحديداً نحتاج من يعرفنا بالدين؟ مصر الأزهر، مصر أول من نادى بالتوحيد وفيها أقدم الكنائس في العالم تحتاج من يهدي أهلها إلى الله؟
يعود حمدين إلى طرح الأسئلة التي يفترض أن «الميدان» هو المسؤول عن تقديم الأجوبة عنها. الحق بيِّن والباطل بيِّن. لقد أسقط الميدان حكم المجلس العسكري الذي ثبت أنه متواطئ مع الإخوان. لقد تمكن المجلس العسكري من مخادعتنا، واستغلال نقص الخبرة السياسية عند شباب الميدان فمهد لوصول الإخوان إلى السلطة، ما سهّل عليهم بعد الوصول إلى الرئاسة أن يسيطروا على مواقعها كافة. لم نكن مستعدين كفاية. كنا بحاجة إلى الوقت وإلى فسحة للتلاقي على الأرض وخارج التمني.
كيف العمل، والشعارات القومية قد أصابها ضرر عظيم نتيجة الممارسات الخاطئة بل المدمرة التي اندفعت اليها بعض الأنظمة التي كانت تستر طغيانها بشعارات العروبة والحرية والاشتراكية؟ ثم كيف العمل مع أهل النفط الذين تقدموا بثرواتهم الهائلة إلى موقع القيادة مستغلين فشل الأنظمة ذات الشعار القومي واحتياجات شعوبهم التي أفقرها الظلم وحطم معنوياتها القهر والحكم الديكتاتوري؟!
ـ كيف السبيل إلى إعادة الاعتبار إلى العروبة التي ذبحها حكام العسف؟ ها هو جمال عبد الناصر يملأ الساحات بصوت الحادي: هيا تقدموا. أنتم الشعب فلتكن إرادتكم هي العليا. ارفعوا رؤوسكم وتقدموا إلى حقوقكم، حقوق الأمة.
ـ كيف السبيل إلى تنقية «الناصرية» من أخطاء «النظام الناصري»… بل كيف يمكن استنقاذ جمال عبد الناصر من المتاجرين به على الضفتين: حكام القهر يتلطون بأخطاء بل وخطايا من استغلوا صورته بعد غيابه لتبرير تسلطهم، ومن عظّموا أخطاءه ليبرروا خطاياهم وأعظمها الصلح.
ـ لكن ما يفرح أن الميدان قد تجاوز كل هذه الأضاليل والمخادعات وعاد إلى الأصل: إلى العروبة كما جسّدها جمال عبد الناصر متحدياً بها نظامه الذي كان «نقيضه» إلى حد كبير.
ـ ها قد جاء زمن الجهاد الأفضل. لقد كان إسقاط حكم الإخوان سهلاً بفضل أخطائهم بل خطاياهم التي مسّت المصريين في إيمانهم، في شرفهم، في رزقهم اليومي، في تطلعهم إلى الحرية… وحسم الجيش الأمر بانحيازه إلى شعبه ومواجهته الحاكم الظالم.
ـ ها نحن أمام فرصة جديدة استولدها الشعب من قلب الصعوبة. ها نحن أمام التحدي الأخطر والأعظم أثراً في تاريخنا. ها نحن مطالبون بأن نكتب التاريخ الجديد للأمة.. والغلط ممنوع. إن عبد الناصر يحيط بنا ويمنعنا من الانحراف أو التراخي أو التسليم بالهزيمة قدراً.
خرجنا من الشقة ذات الأثاث الذي أتعبته الأيام وجلسات المناقشة الطويلة حول: متى وكيف وبمن؟ وهل الأمة جاهزة أم أن أثقال الهموم قد أنهكتها فاستسلمت لحكام السوء؟
وكانت تتردد في الشارع أصداء كلمات جمال عبد الناصر: ارفع رأسك يا أخي، فقد مضى عهد الذل والاستسلام للطغيان.
[[[
في الفندق كنت أستعيد لقاءاتي مع هذا الكهل المملوء حماسة، والذي يتدفق متحدثا بإيمان عن الجماهير وعن قدراتها غير المحدودة، وعن أن غيابها المفجع يمكّن للطغيان.
كيف استطاع حمدين صباحي أن يستقطب جمهوراً يقارب الخمسة ملايين صوت في انتخابات الرئاسة، وهو لا يملك مالاً، وتنظيمه الناصري لا يضم أحداً من أصحاب الثروات، وليس خلفه دولة أو دول تدعم ترشيحه وتنفق على حملته الانتخابية؟!
أهي صورة عبد الناصر واستذكار سيرته، بالانتصارات والنكسات فيها؟! أهي صورة الذين تعاقبوا على الحكم بعده فخربوا ما بناه وأفقروا من جعلهم يستغنون عن شفاعة الزعماء والوجهاء ومستغلي السلطة؟! أهي ذاكرة الجمهور الذي كان مكتفياً فأذلته الحاجة، وكانت بلاده القائد الشرعي لهذا الوطن العربي وانتهت رهينة المساعدات الأميركية المشروطة بالموافقة الاسرائيلية؟!
وأخطر ما في حمدين صباحي أنه لا يقيم في الحلم. بل هو بين الناس، لأنه منهم ومثلهم.
… وبيت حمدين صباحي هو أخطر بند في برنامجه الانتخابي.
II ـ حفلة طرب مع صدى هدير الملايين في «ميدان» المحروسة
ها هي القاهرة التي تستدعي أهلها فيها ومن حولها بين المحيط والخليج إلى الثورة… يطل عليها الزميل الوافد اليها من خارج همومها واهتماماتها ويهتف بمزيج من الانبهار والضيق: هذه ليست مدينة.. إنها عالم هائل الاتساع والتمدد. صحيح أنها أم الدنيا.. دنيا الفقراء.
والقاهرة التي لا تسمعه تواصل التمدد مقتحمة الصحراء من حولها والتلال الرملية لمنطقة الهرم التي يدلعها أهل «مصر» فيسمونها «جبلا»، لا تعرف لها بداية أو نهاية باتساعها الهائل الذي يتعب النيل وهو يسعى ليروي ظمأ ملايين الملايين الذين لا يكفّون عن التوالد أو التكاثر في ظل الفقر والفرح والإيمان الصوفي الذي يأخذ إلى الله والأولياء الصالحين… ثم إلى الثورة الأجمل من حلم.
بين المطار و«الميدان»، مقصدنا، مدن شتى، بعضها جديد شعبي الطابع بُنيَ على عجل، والبعض الآخر في القلب الملكي فخم المظهر يواصل مقاومة الزمن والريح وقد بدا عليه التعب، ومن حول القلب أحياء كانت أنيقة تحيط بها الحدائق فاقتحمها التزايد السكاني وانبثقت في جنباتها العمارات الشاهقة الارتفاع والتي تسكن في كل منها قبيلة متعددة المنبت.
هرب أهل الطبقة الوسطى إلى جوار الهرم، فنبتت مجموعة من الأحياء الأنيقة يحيط بكل منها سور لا تفتح أبوابه إلا بالرموز. و«يخترع» أهلها الجدد حياة خاصة غير التي ألفوها واستقروا عليها خلال سنوات الشباب والكهولة. لقد ابتعدوا عن الضجة والزحمة، فباتوا يشكون من وحشة السكون.
أما جبل المقطم فقد تحول إلى مدن واضحة التمايز: القطامية لأغنياء المصادفات القدرية وسماسرة السلطان، وفي الطريق إليها المساكن الشعبية التي بنتها الدولة ثم العشوائيات التي تتزايد كما الفطر في كل محيط القاهرة.
كان «الميدان» قلب المدينة. صار الميدان قلب الشعب، ينبض بحب الحياة، حياة الملايين التي تقبل على الحياة بشغف، ولكنها تطلب الكرامة.
قال الزميل الذي جاء يتعرف إلى الثورة في مصر: طفنا حول الميدان وكأنه مزار. لأنفاس البشر قداستها أيضا، لآمال البشر، لطموحاتهم إلى الحياة بعزة، قداسة أعظم. نظر إلينا أهل الميدان. لم يجدوا على وجوهنا ملامح السياح. كنا سمر الوجوه مثلهم، وكانت آمالنا تبرق في عيوننا، وقرأوا تمنياتنا في أن ننضم إليهم. تقدم أحدهم يستنطقنا فهب إليه الآخرون مستنكرين: ألا تقرأ الوجوه؟
لم نكن بحاجة إلى السؤال عن أسباب الاعتصام، لكن الرغبة في أن نسمع أجوبتهم تحديداً دفعتنا إلى طرح الأسئلة حول المستقبل: إلى أين من هنا؟ إلى أين تريدون أخذ مصر؟
رد أسرعهم بديهة: نريد أن تسترد مصر ذاتها. لقد مر عليها زمن وهي رهينة.
قالت زميلة له: إننا نحاول تصحيح أخطائنا في الثورة الأولى. لعلنا كنا ساذجين. لعلنا أحسنا الظن في «الآخرين» الذي جاؤوا بغير دعوة للانضمام إلينا في الميدان. ربما كنا ساذجين. ربما أخذتنا الفرحة بالإنجاز. لقد نجحت دعوتنا إلى الاحتشاد من أجل إسقاط النظام بأكثر مما توقعنا. تعاظم الحشد بأكثر مما كنا نحلم، وكان طبيعياً أن تخترقه قوى تخالفنا الرأي والمنهج والغاية… وحدث ما حدث، وقعنا في الكمين. وسُرقت منا الثورة بتواطؤ المجلس العسكري مع الإخوان. ها نحن نستعيدها الآن، ولن نسمح بسرقتها منا مرة أخرى.
تقدم منا كهل يسألنا: من أين الإخوة؟ من الشام، شام الله في ملكه أعانها الله وأنقذها من مأساتها التي نعيشها جميعا هنا.
نبر شاب: بل إننا نحن من سينقذها. لن تقف الثورة عند الحدود التي يشترك في حراستها أهل الطغيان والعدو الإسرائيلي.. الثورة هي الحل لمشكلات الأمة جميعاً…
قالت صبية سمراء تلمع عيناها في قلب وجهها الذي يظلله شالها:
ـ من الأسف أن إسرائيل هي أكثر من فهم أبعاد تحركنا. ان الثورة هي التحرير، والتحرير يعني فلسطين، وإسرائيل تدرك أن ليس للثورة حدود. نريد فقط بعض الوقت.
كان الزميل مبهوراً، وحين وجد الكلمات أضاف يقول:
ـ أحاطت بنا جمهرة من الشباب فجرفتنا حماستهم. قال بعضهم: إننا نعشق بيروت فهي قد انتصرت على النظام الطوائفي الذي نتابع محاولاته لاغتيال روح لبنان… وثورتنا ستعيد بيروت إلى دورها المميز في خدمة الثقافة والوعي. إنها حافز عظيم للتقدم. ثورتنا ستقهر الطائفية.
ما أغنى كتاب «الميدان». ما أعظم التجربة التي شهدها والتي ستملأ روايتها صفحات من التاريخ الإنساني الحديث. ما أعظم الفقراء والناس البسطاء وهم يمسكون بقدرهم ويستعيدون حقهم في صناعة حياتهم.
وقالت زميلة تعمل لشاشة لم يعرف أصحابها ما يكفي عن مصر: هنا يُصنع غدنا. هل تستطيع أن تنسى صورة الملايين من المصريين والمصريات الذين احتشدوا هنا فاستولدوا مصر الجديدة التي ستكون، مرة أخرى، القيادة والقدوة معاً!
سكتت لحظة ثم عادت تقول: في الفندق، وعلى الشاشات طالعتنا صور التفجير الإجرامي في الضاحية الجنوبية، ثم تهاطلت التصريحات المستنكرة، وكان بينها من يوقع ضحايا بين اللبنانيين أكثر من السيارات المفخخة.
[[[
من طائرة العودة أخذ يتأمل ميادين القاهرة وضواحيها مستكشفا مواقع الحشد في عاصمة المعز: سبعة ملايين إرادة تجمعت هنا. سبعة ملايين قلب وعقل وتصميم.
قال جاره: وسّع دائرة الرؤية لتتسع للثلاثين مليوناً من الذين أخرجهم الغضب من بيوتهم ونزلوا إلى الميادين ليصنعوا التغيير؟ من يستطيع أن يواجه إرادة كل أولئك الملايين؟! لكن علينا أن نشهد لشباب «تمرد». لقد لمسوا في وجدان الناس موقع القرار. إنهم مجموعة من الفتية الذين لا يختلفون عن أقرانهم الذي نصادفهم في الطريق أو في مقاهي الرصيف. لكن إيمانهم بالناس كان عظيماً، ولذلك لبوا نداءهم. هم لا يعرفونهم، لكنهم شعروا بهم ينطقون بما كانوا يخافون أن يجهروا به. لقد لمسوا مكامن الإحساس بالقدرة فيهم. لقد أشعروهم بأنهم أكرم من أن يُذلوا. لقد استفزوا إرادتهم… وعندما خرج الناس إلى الشوارع استعادوا شعورهم بالكرامة. وحين تعاظم حشدهم أيقنوا أنهم أقوى من أي طاغية. وحين هدرت أصواتهم بالكلمة المقدسة تزلزلت الأرض وإذا الطغيان ضعيف بجبنه، وإذ هو مثقل بخطاياه لا يقوى حتى على الهرب.
كانت القاهرة تمتد بلا حدود في ظلال الأمل بالغد الأفضل.
IV ـ من أقوال نسمة
قال لي «نسمة» الذي لم تُعرف له مهنة إلا الحب:
ـ المحب ساذج مهما ارتقى به العلم. والمحب أناني ومغرور وان ادعى أن الحب يطهّره ويجعله ملاكا. هل يتمتع الملائكة بنعمة الحب؟! هل قرأت شعراً لملاك؟ هل استمعت إلى موسيقى منشية أبدعها ملاك؟! مع ذلك أحب أن أكون الملاك الحارس لحبيبي ومعه كل العشاق… فتلك هي ذروة الحب والقداسة معا.
________
* كاتب وصحفي-رئيس تحرير السفير اللبنانية