قطط وأسماك (قصّتان قصيرتان)

(ثقافات)

قصتان قصيرتان
( قطط وأسماك- لأننا رائعون وشجعان) 
تأليف : كوزالي مانيكافيل
ترجمة : د.محمد عبدالحليم غنيم

1-       قطط وأسماك
وقف الرجل على جانب الطريق ، و أخذ يخرج قططًا بيضاء من فمه ، تتلوى كل واحدة في يده مثل عقرب ممسوك من ذيله، تبعثر معظمها يجري في الطريق، كادت تصدم  إحداها بسيارة، بينما انكمشت أخرى وذهبت  لتنام في إناء الزهور، أخرج الرجل خمس قطط ثم انحنى بشدة وبصق على الرصيف.
قلت :
–        مرحبًا .
على الرغم من أنني كنت متأكدًا من أنه لن يرد ، لقد قلت مرحبًا لأي شيء، الحافلات و الأطفال الذين يحملون أكواز الآيس كريم في الطريق، فلم يرد أحد. هز الرجل يده و كأنه لا يريد شيئًا، وأن ليس لديه وقت. سألته :
– لماذا تفعل ذلك ؟
– أفعل ماذا ؟
– تخرج القطط من فمك .
– لماذا، هل لديك حساسية من القطط ؟
– لا .
– هل تضايقك ؟
– لا ، في الواقع .
– هل تريد أن ترى شيئًا ما ؟
وقبل أن أجيب، بدأ الرجل في إخراج شيء ما من بين أسنانه الأمامية. قال وهو يحمل بين يديه سمكة ذهبية صغيرة :
– أعتقد أن هذه لك .
لقد ماتت سمكتي منذ حوالي أسبوع ولكنني كنت قد تركتها في الوعاء، لربما لم تكن ميتة حقًا، قلت :
– هذه ليست لي .
– بالتأكيد هي لك.
– لا، كانت سمكتي سوداء اللون.
نظر الرجل إلى سمكته وعبس .
سألته :
– هل ستقوم بإخراج القطط مرة أخرى .
– لا.
– ألن تأتي وتفعل ذلك غدًا ؟
– لا أعتقد ذلك.
عندئذ شاهدته و هو يسحق السمكة في قبضته مثل قطعة من الورق، انتابني شعور لو أنني قلت له أن تلك السمكة ملكي، لكان كل شيء قد اختلف.

2-       لأننا رائعون وشجعان

     استند جوبين  إلى الحائط ومنديل ملطخ بالدماء فوق عينه اليسرى، دون أن يظهر عليه اليأس أو الألم، في الواقع ، بدا وكأنه شخص ينتظر الحافلة . فكرت أنه ينبغى علينا أن نذهب إلى الطبيب، لكن جوبين قال أنه لا جدوى من ذلك، لأنهم قد أخذوا عينه معهم.
تساءلت فى نفسى عما سيفعلونه بعين جويين – قال شخص ما أنهم كانوا فنانين لذلك لا أحد يعرف ماذا يمكن أن يفعلوا بها، ربما يضعونها في عروة القميص مثل زهرة الأقحوان . لو كانوا نشطاء في مجال حقوق الإنسان لأعادوها إليه .
قال جوبين :
– هل تعلم ما الذي كانت جدتي تقوله لي، تقول اجلس في الشمس يا جوبين، واجعل ظهرك مستقيمًا، فكر في الله وأسلافك ذوي الشعر الكثيف والبصر الحاد ليباركونك، وكل شيء سيكون على ما يرام .
تخيلت جوبين وهو طفل صغير، شعره الجميل الملتصق على جبينه وعيناه الكبيرتان اللامعتان ، تبدوان أكبر من وجه ، قلت :
– هذا لطيف .
– لا ، في الواقع ، أصبت بضربة شمس .
قلت :
– يمكن لنا أن نعيدها مرة أخرى كما تعلم. أستطيع أن أقدم لهم قطعة كيك أو قطة صغيرة أو أي شيء من هذا القبيل… ولربما احتفظوا بها في الثلج وعند ذلك يمكننا اللجوء إلى الطبيب لكي يخيطها مرة أخرى ،أو ربما ما تزال هناك ألا تعتقد ربما …
هز جوبين رأسه وأحكم وضع المنديل فوق عينه، أتكأت على الحائظ، وتسائلت عما سيكون الأصعب، استعادة عينه أو إيجاد مكان للجلوس فيه تحت الشمس .

================
المؤلفة : كوزالى مانيكافيل/ Kuzhali Manickavel (Tamil: குழலி மாணிக்கவேல்) : كاتبة هندية تكتب بالانجليزية ، ولدت فى كندا وعاشت هناك حتى سن الثالثة عشرة من عمرها ،ثم انتقلت لتعيش فى قرية صغيرة ذات معبد كبير فى جنوب الهند .تكنت القصة القصيرة والمقال، صدرت لها أول مجموعة قصصية عام 2008 م تحت عنوان : Insects Are Just Like You And Me Except Some Of Them Have Wings  . أما مجموعتها الثانية فعنوانها : Things We Found During the Autopsy
د.محمد عبدالحليم غنيم
السبت 12/11/ 2022م

شاهد أيضاً

رواية “قناع بلون السماء”…ملامح الهوية الفلسطينية بين التحقق والذوبان

(ثقافات) رواية “قناع بلون السماء”…ملامح الهوية الفلسطينية بين التحقق والذوبان  صفاء الحطاب تذهب بنا رواية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *