قطط


*يوليا غولبينوفتش/ترجمة: محمد الأسعد


1
هنا، حتى هذا القط – الذي أتذكر الآن نظرته البريئة، 
وسمته المعرفةُ بوسمها.
2
يشهدُ الله، بدأت بياتريس بالنمو،
جسدها، الأزرقُ بداية تحت فرائها الأحمر،
يشتعل الآن أصفرَ في ضوء الشمس.
بياتريس التي لم تكن لها عينان في البداية،
تحدقُ الآن كما لو أنها رأت الكثير،
كئيبة وحكيمة.
تجلسُ في مهبِّ الريح، تاركة لها أن تربّتَ عليها
تربيتة حبٍّ من أحدٍ ما غير مرئي.
3
أغسلُ الملابسَ، أعلّقها لتجفّ، أجمعها بعد ذلك مباشرة
يأتي الجيرانُ، يطلبون ريَّ أشجار الليمون الصغيرة
حرارة، ضبابٌ من البحر الذي لايمكن الوصول إليه.
حين يكون لدينا ماءٌ، أرويها، حاملة الدلاء
يأتي الأطفال ويطلبون اللعب مع القطيطة
أسمح لهم، وإلا قذفوا نافذتي بقشور الكرز
اعتنيتُ بقطيطة أخرى أيضاً،
تفتح عينيها كل صباح
إثر قفزة عن سياج حجري جرحتُ نفسي ثم عالجتُ قدمي
دمٌ على قرميد الأرضية
قدمٌ نازفة.
جئتُ ببطيخة وشققنا جسدها الصلب قطعة قطعة
مثل أيّلٍ صغير.
أقرأ في الخارج إلى أن يسود الظلام وتتعذر الرؤية
أحياناً أُدخّن. إنهم يرقصون في دائرةٍ حول المدرج
نصغي إلى الصلاة ثم نأوي إلى الفراش.
4
تتحوّلُ وجوهُ القطط إلى أقنعة
لا ينطبق الفكُّ على الفكِّ
عيونٌ عسلية، غابة، ماءٌ
تنظرُ من دون أن تميّز
أجمعُ الدمى المتناثرة.
5
القططُ لا تزال تعيش في الخليل 
تتجول شاردة الذهن
تستغرق في النوم على أرائك الشوارع
القطط لا تزال توقظها ضجّة السوق
لا أكثر من ذلك.
إنها تظهرُ أمامَ عتباتِ البيوت
التي لم تعد موجودة
بدلاً من المضيفاتِ بعباءتهن الخلابة
اللواتي اعتدن الترحيب بساعي البريد
وقد ضيّقن عيونهن في ضوءِ الشمس 
وخلفهن مائدة إفطار، صخب أطفال
أحذية مقلوبة 
منتثرة أسافلها أعاليها.
6
حين تميل الشمسُ إلى الغروب
يلعبون في الحديقة
كعادتهم
بين الأعشاب الطويلة
النهار في آخره.
7
ومن دون وجود أية أقدام للّحاقِ بها بعد الآن
تصعد القطط وتهبط الدرجات
تنحدر وتتسلق
بطيئة ومستغرقة في التفكير،
تدير رؤسها إلى هذا الجانب وذاك الجانب
القطط تسير بخطوات ملهوفة دافئة.
وحين تتسلقُ إلى نافذة الحمّام
تنظر خلالها
هي لا تستحم.
القططُ تشعرُ إحداها بلهفة الأخرى
ولكنها لا تتوحد في لهفتها
إنها تحلمُ أحلامَ لهفةٍ لا صلاتٍ بينها
إنها ترفع رؤوسها نحو المصلّين مساءً
ولا تجرجر أقدامها نحوهم
والحليبُ يتساقط من أذقانها.
* شاعرة من ليتوانيا/ عن العربي الجديد

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *