الْلُّغَةُ وَالْكِتَابَةُ

(ثقافات)

 

الْلُّغَةُ وَالْكِتَابَةُ

 

د. تغريد يحيى- يونس[1]

 

حِينَ تَعْصِفُ بِك هَوَاجِسُ الْكِتَابَةِ زَلَازِلَ وَأَمْوَاجَا
يَهْرُبُ حَرْفُك الْأَخِيرُ مِنَ الدُّوَاة
كُلُّ الْمُحَاوَلَاتِ لِاسْتِدْعَائِهِ
فِي عَجَلٍ، فِي أَنَاة،
عَلَى مَهْل
تَبُوءُ بِلَا حَرْفٍ
تُشْفِقُ الْحُرُوفُ مِنْ أَنْ تَنُوءَ بَهذَا الثِّقَل
يَسْتَحْوِذُ عَلى كَيَانِك إِلْحَاحُ الْأَفْكَار
تَهِمُّ/يِنَ بِإِطْلَاقِهَا كَلِمَات
لِتَسْتَقِيمَ السُّطُورُ وَتَفِيضَ الصَّفَحَات
يَتَمَنَّعُ الْحَرْفُ بِإِبَاء
يَتَحَصَّنُ فِي مَعَاقِلِ اللُّغَات
يُعْلِنُ أَنَّ الْفِكْرَةَ لَا تُمْسِكُ بِهَا الْكَلِمَات
تُؤَرِّقُك أَحَاسِيسٌ وَآهَات
مَبْعَثُهَا الْعَدَمِيَّةُ، لا الْفَنَاء
تَهْزِمُهَا/تَهْزِمِينَهَا بِحُلْمٍ يُعَاوِدُ الْخَيَال
عَبْرَ أَبْجَدِيَّةِ الْحُرُوفِ
حِينَ تَسْتَسْلِمُ لِمَغَازِلِ الْكِتَابَةِ
فَتَعِدُ بِأَبَدِيَّةِ الْبَقَاء

تَلُوذُ/يِن إلَى لُغَتِك الْأُولَى
تِلْكَ التَّي شَكَّلَتْ سَجِيَّتَك
وانْجَبَلَتْ حُرُوفُهَا فِي أَنَاك
صَارَتْ سَلِيقَتَك
تَتَخَلَّى عَنِ العِنَاد
تَسْعَى طَيِّعَةً

تَهِبُّ كَيْ تُسْعِفَ هَوَاجِسَ الْكِتَابَةِ لَدَيْك

مِنْ مَكَاِمِنِها فِي ثَنَايَاك
تَنْسَلُّ مُكَوِّنَاتُ النَّصِّ
تُعَبِّرُ عَنْ مَكْنُونَاتِك
تُؤْنِسُ وُحْشَتَك
تُضَمِّدُ جِرَاحَك
تُرَبِّتُ عَلَى مَخَاوِفِك
تُضِيءُ إِشْرَاقَاتِك
تَصْهَلُ لِأَفْرَاحِك
تَلِدُ مِمَّا اكْتَنَزَتْ فِي جُذُورِهَا وَالكُمُون
نُحُوتٍ مُبْتَكَرَات
مِنْ أَجْلِ احْتِوَاءِ بَعْضِ ذَاتِك،
جُلِّ ذَاتِك
لِتَتْرُكَ خَارِجَ حُدُودِ اللُّغَات
جُزْءًا عَصِيًّا عَلَى الْكِتَابَةِ مِنَ الذَّات

[1]  كاتبة وأكاديميّة

شاهد أيضاً

إنّه نصف خيمة: قصيدة جديدة من (زليخة أبو ريشة)

(ثقافات)   إنّه نصف خيمة زليخة أبو ريشة   إنه نصفُ خيمةٍ نصفُ سيارةٍ تعبر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *