اللحية

خاص- ثقافات

*كيفين سبيد/ ترجمة: د. محمد عبدالحليم غنيم

تريد زوجتى أن أطلق لحيتى . قالت لى :
– لو كنت أستطيع أن أطلقها بنفسى لفعلت .
– لكننى أعرف أن النساء يكرهن اللحى .
– لربما كنت أحسد اللحى .
فى صباح اليوم التالى لم أحلق لحيتى . فلم أبد اختلافاً كبيراً . لمست زوجتى وجهى و قالت :
– لأطمئن فحسب .
دخلنا إلى السوبر ماركت . فكنت أنا الرجل الوحيد هناك الذى بدون  لحية . كم من الوقت تأخذ هذه حتى تنمو ؟ سألت زوجتى عن ذلك ، قالت أنها ستأخذ وقتاً طويلاً من الآن ، لدرجة أنها لا تستطيع أن  تتذكر  .
فى كل يوم كانت لحيتى تنمو قليلاً. لم أستطع أن أشعر بأنها تنمو ، ولكنها كانت تنمو بالفعل . بدأت لحيتى تجعلنى أشعر بالحكة . أردت أن أحلقها و لكننى لم أكن أريد أن أحبط زوجتى ، ولم أكن أريد أن أغضبها أيضا .  قلت :
– إنها فى الواقع تشوكنى
– يا رجل عيب عليك ، أنت لا تعرف معنى الحكة إلا إذا كان لك مهبل .
قلت :
– لم يكن لى أبداً مهبل .
– لربما يكون لك فى الحلم ؟
– لا . لم يكن لى أبداً. و لا حتى فى الحلم . أعتقد أننى أتذكر ذلك . هل سبق أن كان لك أنت لحية أبداً ؟
– أنت تعرف أنه لم يكن لى لحية أبداً . لماذا تسخر منى هكذا ؟
يمكن لنا نستمر فى الجدال والنقاش حول أى شىء .
تناولنا طعام  الإفطار فى المطبخ . كان صباحاً مشرقاً ، و كان كلانا عاطلا عن العمل  ، لدينا بعض النقود فى صندوق الأحذية ، و لكنها ليست كثيرة . قالت :
– ماذا تريد أن تعمل اليوم ؟
– أريد أن أحلق لحيتى ؟
– لا . فقط من أجلى أعمل هذا المعروف الصغير.
– أنا فى الواقع لم أفهم ماذا يفيدك هذا ؟
– أنت تستمتع بهذا ؟ أليس كذلك ؟ أنت تتلذذ  بهذه اللمسة الصغيرة من سلطتك على . شىء بسيط جداً ، وقد تعودت أن تستخدم هذا للتلاعب بمشاعرى . اأنت السيد الأعلى  ، تتحول الى ستالين وماو حامل المحفة فى دور واحد ، أنت لا ترحم . آه ، دائما تنازعنى القوة ، منذ اليوم الأول من زواجنا .فى بعض الاحيان أعتقد أن لديك القدرة على تحويل كل شىء إلى حرب .
أخذت قضمة من خبزى . وأنا فى ذهول  .
– حسناً ، أوكيه ، لن أحلق. هذا أسلوبك . ربما لن أحلق على الأطلاق  .
– ياربى . أنت أخرق
قالت ذلك ، ثم وقفت و اتجهت إلى مكان آخر من المنزل .
بعد عدة أيام توقفت الحكة ، دونما سبب هكذا . تساءلت عن الحكمة وراء ذلك ، كانت أشبه بنهاية الجدب أو الوباء . لو كنت قرويا لأخذت إجازة و احتفلت بآلهتى .
و الآن لدى مشكلة أخرى ، لقد دخلت لحيتى مرحلة المراهقة . إنها مرعبة و ذات منظر زيتى . نصف مكتملة ، نوع من القرف . عندما أخرج من المنزل أشعر كما لو كان الجميع  ينظر إلى . من الطبيعى أن أشعر بذلك ، لكنى أعرف أن ذلك  ليس حقيقة . باللحية ، مهما يكن ، أعتقد أننى مصاب بجنون العظمة  ، و أن الناس ينظرون إلى حقاً.
قلت :
– أبدو مجنوناً .
– أه . لا أحد يعطيك زفت اهتماماً سواى أنا
– ما هذا الجحيم ؟
– أقصد ، لا أحد يهتم . كيف تبدو . إنهم لا يعرفونك . أنا الذى أعرفك ، أنا الذى  أحبك .
– إذن لماذا تفعلين  كل هذا معى ؟ لماذا تعذبيننى هكذا ؟
– أنت الذى تعذب نفسك كالعادة .
– أليس هذا نوعا من الاختبار ؟ أشعر بالفشل  ؟
– هل أظن أنك ربما فقدت جزءاً صغيراً من عقلك ؟
نظرت إلى القطة و قلت :
– كيف يمكنك أن تقفى هكذا ؟ كيف تحتملين هذا ؟
– لم تقل أى شىء و أبداً لم تقل أى شىء .
نشأت لدى زوجتى عادة جديدة ، ففى أى لحظة من اليوم ربما فجأة تحك وجهها فى لحيتى . فعلت هذا فى منتصف الليل ، فأيقظتنى ، و فعلت هذا فى الخارج أمام الناس لا يهم أين نكون . فهى لا تعطى اهتماما للغرباء بينما ارتعب أنا منهم . من يعرف كيف صرنا معاً ؟
ذات ظهيرة كنا نركب القطار عائدين إلى المنزل . كنا قد خرجنا إلى الجبال و كان هناك زحمة شديدة و كان علينا أن نقف فى النهاية المقابلة من السيارة . لففت ذراعى حول العمود و أغلقت عينى . أستطيع أن أشم رائحة أى شخص فى ذلك القطار . نفس الرجل الذى بجوارى كان يشبه غاز الميثان . شخص ضزظ بالقرب منى . حاولت أن أستغرق فى النوم . كنت فى منتصف الطريق هناك عندما حكت زوجتى وجهها فى لحيتى . وصلت إلى المنحنى و ضربت رأس زوجتى فى العمود . كان حادثاً غير مقبول من المحتمل أن يكون عن عمد . بدأت فى البكاء . فكرت أنه ربما بعض المسافرين الأشداء يندفع نحوى و يفتك بى . لم يفعل أحد . ربما فكروا أنها جاء ت من أجل حك نفسها فى لحيتى هكذا . و فكرت أنا أنه من المحتمل أن نتطلق .
عندما وصلنا إلى المنزل قلت :
– سأحلق لحيتى .
– أوه . لا . ليس بعد ما أريد . لا يمكنك أن تخرج الآن .
– هذا الشىء سوف يدمرنا . إلى متى سيستمر ذلك ؟
–       قرف شنيع هل أفعل كل شئ بالضبط فى هذه العلافة ؟ هل ينبغى أن احتمل هذ العبء أيضاً ؟
–       ما الذى تتحدثين عنه ؟
–       هل على أن أكبر لحييتك إذا أمكن .
قلت :
–       أنت مختلة العقل .
–       صحيح ، اللجوء إلى الشتائم كالعادة
–       اوكيه ، نعم . أعرف ما سيأتى بعد ذلك . أنا الأحمق وكل شيء هو غلطتى ، صحيح ؟ أنا دائماً الأحمق ، إنها دائماً غلطتى .
ضحكت :
–        ذلك خط قديم مرة أخرى .
–       الأن تنوى أن توسخ الحجة. هيا . أعرف كيف تقومين بذلك .
قالت :
–       انت لا تعرف خراء جاك

بدأت فى الضحك ، ثم توقفت . لم أكن أريد أن اضحك أردت أن أظل غاضباً أردت أن أسبب الألم لزوجتى:  أردت أن أحلق لحيتى .
قالت :
–  دعنا لا نتشاجر.
أمسكت بها وسحبتها نحو السرير ، مارسنا الحب كما لو كنا نواصل شجارنا . أعتادت أن تستخدم نفس التكتيكات فى كلا المجالين . ربما كنت أفعل  ذلك أيضاً ، إنه ليس ذلك النوع من الأشياء التى تلحظه فى نفسك
تعاركنا من أجل السيطرة ، أنزلتها تحتى وحصلت على كثير من التوجيهات كما استطعت من قبل أطاحت بى مراراً وحاولت خنقى بثدييها . واصللت على هذا النحو . سمحت لها أنا تأخذ طريقها لوقت ما ، ثم أخذت الزمام مرة أخرى ، لكنها بسرعة تخلصت منى .
نمت على ظهرى وراقتبها . فجأة استطعت أنا أرى شاربى . لم أكن قد لا حظته مطلقاً من قبل  ، لكنه هناك موجود أسفل تحت بصرى كان ملتصقاً بوجهى . لم أستطع أن اتخلص منه،  لمست زوجتى لحيتى وتأوهت . .دفعتها بعيداً ..
قلت :
–       من أجل الله ، لا تجعلى مثيرا من هذا الجانب  .
–       لقد فات أوان ذلك .
انتقلنا من وراء هذا إلى الجدل السخيف . أحياناً ينجح كلانا فى ذات الوقت .
قلت :
–       أشعر كأننى متنكر .
–       تعرفت عليك بالكاد أتطلع مباشرة فى وجهك . وتبدو إلى حد ما شخصا مختلفا . إنك تبدو – وقحاً .
– ألا تسمعى ما تقولين ؟ هذا الشعر الذى فى وجهى جعلك معتوهة .
–       أحب هذه،  إن لها شخصيتها الخاصة .
–       لديك هذه الطريقة  فى إهانتى مع الثناء . إنه تشرس على الجحيم .
–       أه ، كف عن الثرثرة فى أذنى حول ذلك .
–       هذه اللحية قائمة بيننا
–       ’’ إنها تشبه قريباً العلافة الغرامية ، تحدعينى تخوننى .
نظرت فى وجهى وقالت  :
–       ذلك جنون .
ظللت تنظر إلىّ .
–       يمكن أن تحلق لحيتك الأن .
–       هل تحصلين منى على وعد ؟ هل تعطينى بركتك ؟
–       دعنا نتجاوز ذلك . تخلص  من هذا الشئ الذى فى وجهك الأن .
–       آه .
رقدنا هناك بدون أية ملابس . أشرقت الشمس على جسدينا عبر النافذة . كان رجل البريد يقف عند النافذة ، يحشر الفوانير فى صندوق بريدنا ، نظر إلينا للحظة بدون أى تعبير محدد على وجهه ، ثم مشى بعيداً .
قالت زوجتى .
– من المحتمل أنه كان  يرى هذا النوع من الأشياء طوال الوقت .
قلت :
–       أنت أحببت ذلك .
–       حسناً ، لا  . لكن أظن أننى لم أمانع .
ثم قبلتنى على جبينى
ارتدينا ملابسنا وأعددنا شيئاً ما للغداء ، شعرت بالكسل الشديد نحو الحلاقة ، فتركت ذلك الأمر لعدة أسابيع أخرى .
( النهاية )
كيفين سبيد / : كاتب قصة أمريكى ولد فى نيويورك ويعيش الآن فى مدريد ويمكن التواصل معه عبر البلوج الخاص به : kevinspaide.blogspot.com

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *