الوحش( فنتازيا) /مسرحية فى فصل واحد

*تأليف : فيلزونى هيرنيكو / ترجمة :  د.محمد عبدالحليم غنيم

الشخصيات :
تا – روا –  فاولى-  أشباح .

    ( يمكن تمثيل هذه الأدوارر جميعاً من خلال كل الشخصيات النسائية ومع ذلك ينبغى أن تكون كل شخصية مختلفة  عن الأخرى . ويجوز لـ ” تا ” أن تكون ذكراً وروا وفاولى نساء . يجب أن تلبس كل من تا و روا ملابس ذات ألوان متكاملة . أما الأشباح فتلبس أقنعة على وجوهها، وأوراق موز جافة على أجسادها. وكل واحدٍ منها يحمل هرواة حرب . أو يمكن أن يلبسوا كما يوصف فى النص .)

   ( خشبة المسرح مكدسة بقشور ثمار جوز الهند الفارغة والمتنوعة  و شلالات جوز الهند المحترقة ، وقطع من أخشاب الوقود ، وأغصان  أشجار جافة وأوراق هنا وهناك . مقعد خشبى متداعٍ تحته عجلة دراجة مكسورة ، إلخ .

    الوقت ليلاً . أصوات إطلاق نار وصراخ وأقدام تسرع وعويل يمكن سماعه من بعيد . بمجرد أن تتلاشى الأصوات ، يرتفع القمر . تُرى المتسولة تا وهى جالسة فوق المقعد تأكل . بجوارها سلة مصنوعة من أوراق جوز الهند الأصفر تحتوى على مايلى : نصف علبة فارغة من الأسماك ، وفرشة أسنان ونصف دالو (عشب للأكل فى المناطق الاستوائية) ، ونصف رغيف خبز وبعض الماء فى زجاجة بلاستك ، بقايا كارى ، أربعة ليمونات ، إلخ .

  بالكاد ترى روا فى الجهة اليسرى من المسرح وهى تحك ساقها ، بعد فترة قصيرة تزحف حيث المقعد ، فتنفزع تا .)

تا : من أنتِ ؟ ماذا تعملين هنا ؟

روا : أنت أحضرتينى إلى هنا ، تذكرى ؟

تا : لا ، لا أستطيع أن أتذكر . على أية حال ، لا أريدك هنا .

روا : لكن ماذا أستطيع أن أعمل؟

تا : لا أعرف . لماذا لا تعودى ؟

روا : لا أستطيع .

تا : لمَ لا ؟

روا : لا شيء يمكن أن أعود إليه . فوق ذلك لقد ولدت هنا .

تا : لا يوجد  هنا ما يكفى من الطعام لاثنين من البشر .

( تسحب تا سلة الطعام و تتحرك بعيداً )

روا : لن آكل كثيراً .

تا : ذلك ما تقولينه ، لا أصدقك .

روا : أقول الحقيقة ,

تا : و أنا كذلك .

روا : ماذا عن القوانين ؟ لا يمكنك أن تتجاهلى القوانين ؟

تا : ما القوانين ؟

روا : لقد اتفقنا على القوانين .

تا : يمكننى اختيار تجنب القوانين . ( مع جو من السخاء ) لكن لأننى شخص نزيه وعادل. سألتزم بالقوانين .

 ( تتخذ روا موقف المصارع . تقترب تا و تمسك روا من الأرداف . تغضب روا و تقول ” حمقاء ” تناشد الجمهور . تمسك كل منهما بالأخرى من وسطها ، وتصرخان تا ( مرة ) روا ( ثانية ) فولو ( ثلاثة ) ثم يتصارعان . ينبغى أن تكون مباراة المصارعة هذه دعابة من أجل الجمهور ، لكن تؤخذ على محمل الجد بالنسبة إلى “تا” و “روا ” تفوز “تا ” و تذهب إلى السلة . تجلس على الأرض و تأكل . تسير روا بعيداً حتى آخر الجهة اليسرى من المسرح . و بها كدمات وهى ساخطة . تحدق روا فى “تا ” و هى تأكل للمرة الثانية . )

روا : أنا جائعة .

تا : ينبغى عليك أن تفوزى ,

روا : هل أن ينبغى أن يكون ذلك فى المصارعة ؟ ماذا عن كرة القدم ؟

تا : ماذا عن الرجبى ؟ دورى الرجبى ؟

( تضحك لنفسها )

روا : لا . أكره الرجبى . فوق ذلك ، فوق ذلك ليس لدينا أى كرات ؟

تا : أليس لديك ؟ ( تضحك )

روا : ماذا تقصدين ؟

تا : لماذا لا نحسب أسنان كل منا ؟ ( تضحك ) بدون ضحك ؟

روا : لا .

تا : ( وقفة . لكى تنظر حولها ) هل تعتقدين أننا فقط من تبقى ؟

روا : لا أعرف . لماذا لا نذهبين و تكتشفين ذلك ؟

تا : ماذا ستفعلين ؟

روا : سأكون الحارسة  …مهما يحدث .

تا : لماذا لا تذهبى أنت و أبقى أنا ؟

روا : أنا فكرت فى ذلك أولاً .

تا : و ما الضير فى ذلك ؟ أنا فكرت فى ذلك ثانية .

روا : أنت لست منطقية .

تا : أنت لست محبوبة .

روا : أنا . لست محبوبة ؟ ( تضحك غير متوقعة الإجابة ) لماذا طلبت منى أن أحضر ؟

تا : هل طلبت منك أن تحضرى ؟

روا : أى ذاكرة لك . أنا سعيدة جداً لأننى لم أكشف قلبى لك .

تا : كان ذلك من الحكمة . شكراً لك .

روا : أنت لا تهتمين بى . هل تهتمين ؟

تا : فى واقع الأمر . لا أهتم .

روا : لم لا ؟

تا : انظرى لنفسك و انظرى إلىً .

روا : لدى عينان و أنف واحدة و أذنان ، و أنت كذلك .

تا : لا أقصد ذلك .

روا : ماذا إذن ؟

تا : بشرتك مختلفة اللون ، و شعرك ، و الأشياء التى تحبى أن تأكليها ، و الملابس التى تلبسينها و لون عينيك .

روا : أنت …

تا : أنا لا . أنا فقط واقعية . الجمهور يتفق معى  . ( إلى الجمهور ) نعم ، أعرف أنكم توافقون . أما أنا فلا.

روا : ماذا لو أن الجمهور يعتقد بتفاهة ذلك ؟

تا : لا يعنينى ماذا يعتقد الجمهور . لو سمحت لهم بأن يقرروا لى ، فسوف أفقد السيطرة .

روا  : ماذا عنى أنا ؟ لقد ولدت هنا ؟

تا : لا تقولى ذلك !

روا : أنا آسفة . هل أهنتك ؟

تا : نعم . هل تعرفين من أنا ؟ ( مترفعة على روا )

روا : من تكونى ؟

تا : أنا هو أنا . و أنا و أنا فقط .

روا : ( و هى لا تراه افى الواقع ) أنا أرى .

تا : ( تخرج ليموناً من السلة ) خذى .هيا نقوم بأعمال الشعوذة . من يعلم ؟ ربما تهزمينى فى هذه اللعبة .

رو : الشعوذة ليست لعبة .

تا : هى كذلك . لقد اعتاد أبى أن يلعبها .

روا : ليس أبى . لم يسبق لى أن لعبت ذلك من قبل .

تا : لا يمكنك أن تلومينى على ذلك . هيا  .

( تصرخان : تا و روا و فولو ، و بعد ذلك تلعبان بالليمون . تفوز تا بعد أن يسقط ليمون روا على الأرض ، تتجه تا نحو السلة و تخرج منها فرشة أسنان و تبدأ فى غسل أسنانها ثم تعطى روا قطعة صغيرة من الخبز من السلة )

تا : هيا ، خذى هذه .

روا : ( فى دهشة ) شكراً لك .

تا : أنتِ لم تعرفينى جيداً . أليس كذلك ؟

روا : ( وقفة ) لماذا تريدين أن تنظفى أسنانك ؟

تا : ( متوقفة و مبتسمة للجمهور ) لكى أستطيع أن أحتفظ بابتسامتى المعروفة .

روا : لأجل ماذا ؟

   ( تضحك تا كى تبرز ابتسامتها للجمهور ، بقدر الإمكان ، ينبغى أن تذكرنا أسنان تا بدراكولا . تتحرك روا خلسة وتصل إلى السلة و تمعن فيها النظر )

تا : ابتعدى .

( تقفز روا برشاقة إلى الجانب الآخر من خشبة المسرح )

تا : أليس لك أية أقارب يعتنون بك ؟

روا : كان لى . لكنهم قتلوا جميعاً او انتقلوا بعيداً .

تا : يبدو و جهك مألوفاً . هل أنت قريبة لـ…

( تنظر تا حولها و تهمس فى أذن روا ، فتومىء الأخيرة بالموفقة )

تا : حقاً ؟

روا : لماذا تريدين أن  تعرفى ؟

تا : هل كنت فى الحفل ؟

روا : ( تنظر حولها خلسة ) نعم . كنت أقوم بتقديم المشروبات . أنت أمسكتِ بى عندما بدأ إطلاق النار ، و أخذتنيى إلى الخارج . وعندئذ جرينا …

( تنظر حولها كما لو كانت خائفة )

تا : و بعد ذلك ؟

روا : كان هناك انفجار … ذلك كل ما أعرف .

تا : لكن زوجى ، كان معى فى الحفل ، هل رأيته ؟

روا : كان هناك الكثير من الرجال ، أى منهم كان زوجك ؟ ذلك القبيح ؟

 ( تضحك )

( تطارد تا  روا حول المقعد . تحمل شتلة جوز الهند محترقة و تقذف بها نحو روا ، فتخطئها )

تا : كنت سكرانة .

روا : الآن أنت متزنة .

تا : كنت سكرانة ، كنت أنا السبب فى الانفجار ، لست مسئولة عن تصرفاتى . أحببت زوجى .

روا : أحببت زوجى ، لكنه هرب .

تا : هل كنت متزوجة ؟

روا : نعم ثلاث مرات .

تا : لماذا ثلاث مرات ؟

روا : و لم لا ؟

تا : بالطبع ( تسير تا على الأرض ، بارتباك ) هل قلت أنك  كنت متزوجة !

روا : نعم .

تا : من رجل ؟

روا : لا ، من كلبى .

( تضحك )

تا : حقاً ؟

روا : من غيره ؟

تا : إذن أنت متزوجة من كلب .

روا : ( مؤكدة، عدم  أهلية تا) كنت متزوجة من رجل .

تا : أنت امرأة إذن .

روا : هل تودين أن  ترى بنفسك ؟

تا : ( بسرعة ) لا . أنا مسيحية .

روا : أأنت كذلك ؟ لم ألتق أحداً من قبل .

تا : خذى نظرة جيدة إذن .

تجلس و تبتسم )

روا : أذلك  ما يمكن أن تحكيه ؟

تا : نعم . بالابتسامة .

روا : أرى .

تا : إذن أنت امرأة ؟

روا : هل يمثل هذا أهمية لك ؟

تا : نعم ، إتفاق عظيم . إنها مسائل معقدة .

روا : تقصدين ، عندما طلبت منى إذا ما كان يمكن أن أدفئك ، فكرت أننى كنت رجلاً ؟

تا : قلت لك ، كنت ثملة .

روا : لا أصدقك .

تا : كفى عن التعامل معى كطفلة ! أعرف أن لدى ذاكرة سيئة ، لكن لا تعاملينى هكذا .

روا : ليس مجرد ذاكرة سيئة . رائحتك جيدة !

( تلتقط تا العجلة و تقذف بها نحو روا التى تقفز فوقها و هى تحاول أن تتجنبها )

 أنا خائفة . أريحينى .

تا : اذهبى بعيداً . لا أريدك هنا .

روا : أنا وحيدة .

تا : و أنا كذلك .

روا : عناق ؟

تا : لا . ابقى هناك .

روا : أنا جائعة ساعدينى .

تا : القوانين .

روا : أنا جاهزة .

( تقف متحدية )

تا : هيا نلعب رست . نعم ؟

روا : نعم ( تصيحان ” تا روا فولو ” و يتصارعان . تفوز تا مرة أخرى ) ليس هذا عدلاً . يدك أكبر من يدى .

تا : و أنت يدك أصغر . الصغيرة جميلة .

( تضحك )

( تقضم تا قطعة من بقايا الخبز من السلة .و تشرب أيضاً )

روا : ليس ذلك عدلاً . لماذا ينبغى أن تكونى المسيطرة طوال الوقت . ألا تجدين تلك السلة ثقيلة ؟

تا : بالطبع هى ثقيلة . لكن هذه موهبتى . أحمل العبء عن الآخرين . لكنى لا أمانع فى الواقع .

روا : أرغب أن تسمحى لى بعمل هذا .

تا : ماذا أقول لك . إذا استطعت أن تثبتى أنك أفضل فى الحديث ، فلسوف أسمح لك بحملها .

روا : هل تقصدين إلقاء الحديث ؟

تا : نعم .

روا : أى نوع من الحديث ؟

تا : حديث الحب .

( تضحك )

روا : الآن هذا ليس عدلاً . لقد كان لديك المصلحة دعينا نقذف عملة .

تا : هل معك عملة ؟

روا : ( تفتش فى جيبها ، لكنها لم تستطع أن تجد شيئاً ) لا شىء. لم تعد تساوى شيئا فى هذه الأيام على أية حال . هل معك أية عملات ؟ دعينى أفتشك .

تا : ( سريعاً ) ابتعدى ! لا تلمسينى ! أنا لا ألمس . ( تقلد إطلاق النار ) بانج بانج ! ( تُخرج عملة من إحدى جيبوبها ) ها هى العملة .

روا : تماماً كما ظننت .

تا : ماذا كنت تعتقدين ؟

روا : ( وقفة ) هيا نسأل الجمهور . من أين يأتى هذا الرجل بالعملة ؟

تا : المرأة !

روا : ( بارتباك وذهول) بالطبع . امرأة … ماذا كان السؤال ؟

تا : رؤوس أو ذيول ؟

روا : رؤوس بالطبع . الرؤوس أفضل من الذيول .

تا : أنا قلت قبلاً .  بالطبع . الرؤوس أفضل من الذيول .

تا : أنا قلت قبلاً .

روا : لا أنت لم تقولى .

تا : أنا قلت رؤوس أو ذيول .

روا : نعم . و أنا قلت رؤوس .

تا : نعم أنا قلت رؤوس أولاً .

روا : إذا لم تعطينى الرؤوس فسوف أحتكم إلى الجمهور .

تا : من فضلك لا تفعلى . سوف توقظيهم . الرؤوس لى ، والذيول لك. إذا فزت فيمكنك حمل هذا العبء . لكننى أحذرك . إنها ثقيلة جداً على كتفين بدون عضلات .

روا : أعتزم أن أحملها فوق رأسى .

تا : ماذا ؟

روا : لا عليك .

تا : مستعدة ؟

روا : هل تخططين أن تقذفى العملة بنفسك ؟

تا : بالطبع . أنا المسيطرة . أليس كذلك ؟

روا : لكن القواعد .

تا : حسنا . أوافق .

روا : لديك روح السماحة .

تا : شكراً لك . أعرف أن ذلك كان واضحاً ، لسوف أذهب أبعد من ذلك حتى . هيا يمسك كلانا العملة ، رمز الاحترام المتبادل لهواجس كل منا .

روا : كم أنتِ نبيلة ، سأبقى مدينة لك دائما !

.

( تصفقان يديهما معاً بالعملة فى الوسط وتصيحان تا روا فولو ، ثم تقذفان بالعملة فى الهواء تسقط على الأرض و تجرى كلتاهما نحوها لترى )

روا : إنها رؤوس .

تا : هى كذلك .

( تزمجر تا مثل حيوان متوحش ، تأكل روا بشراهة . تقفز تا فوق المقعد )

تا : من الطبيعى أن أشعر بخيبة الأمل ،  لكننى أهنئك على نجاحك . حظ سعيد مع الحمل .

( ترفع روا السلة و تحملها بعيداً بالطريقة التى اعتادت تا عليها . تدهش روا لقدرتها على حملها لكنها تغتصب ابتسامة . تسمع الموسيقى ، بينما ، تُظر الأشباح و تحيط بــ  روا و تا مثل رقصة حب . تا التى تتراجع إلى الجانب الآخر من المسرح، تراقب روا من خلال المنظار [ مستخدمة يديها لهذا الغرض ] يجب أن تتكون الرقصة من أشخاص يرتدون ملابس مشرقة ومتناقضةوبالأحرى أشباح ، ينبغى أن يرقص الأشخاص كما لو كانوا مراسلين صحيفة يجرون وراء نبأ مثير . كما يجب أن تكون الموسيقى مليئة بالنشاز كلما اندمج الراقصون ، ويقاتل كل منهم الآخر فى لوحة متغيرة الألوان . يختفى الراقصون مع نهاية الموسيقى ، و تبقى روا و تا وحدهما على خشبة المسرح . تحدق كل منهما فى الأخرى )

روا : لماذا لم توقفيهم .لقد كنت خائفة .ألم ترى كيف أحاطوا بى ؟ كان لابد أن تساعدينى.تحدثى

( صمت ) إذا لم تتكلمى ، فسوف أرحل . و سوف آخذ هذه السلة معى .

تا : لا . لا .لا يمكنك أخذ ذلك . يمكنك أن تذهبى إلى مكان تحبينه ، لكن لا يمكنك أخذ هذه معك .

روا : ساعدينى إذن . أحتاج إلى مساعدتك .

تا : العملة أخذت قرارها. إنها لا تريدنى بعد الآن . لقد تم نبذى .

روا : رجاء . مجرد كلمة منك لإعادة الثقة . ( صمت ) رجاء ، المساعدة ، المساعدة ، أنت خنزيرة .

تا : لقد أسأت إلىً . أعتذر !

روا : ساعدينى !

تا : أعتذر ! أشعر أننى مجروحة بعمق لقد أُهنت . كيف استطعتت أن …

روا : رجاء … أحتاج إلى حمايتك .

تا : أعتذر !

( فى غضب . تُوقف تا روا وتسقطان على الأرض . تتصارعان لفترة من الوقت ثم تهمدان من التعب ، تقف تا أولا ثم  تقذف بالعملة بعيداً )

تا : أعترض على استخدام العملة .

روا : لكنها عدل .

تا : العملة أجنبية .

روا : لكنها عادلة .

تا : هراء .

روا : ماذا ؟

تا : أنا قلت هراء. استخدمى شيئا ما محليا . وإلا سوف تنتقم آلهتى .

روا : لكن العملة هى الوسية الأكثر عدلا . إنها العدل .

تا : لا تقولى هذه الكلمة مرة أخرى !

روا : (تنكمش مرتعدة) آسفة ، يا ريس ( صمت ) ما هذا ؟ انصتى .

) صوت شخص ما يتألم فى الكواليس . يعلو الصوت ، وفى الأخير يكون شخص (فاولى  ) فتظهر وهى مصابة بالكدمات وتبدو مريضة . لا ترى تا الشخصية  حتى بعد حديثها التالى )

تا : أوه أحضرى جميع أرواحك . قومى . قودينى طوال الطريق شمال ، يمين ، شمال يمين …

( تسير تا بخطوات عسكرية لفترة . ترى تا فاولى فتسرع نحو روا ، تجتمعان معا  فى الركن وتنصتان )

فولو : مرحبا ً .

( تمد منديلها لكن لا استجابة  )

لقد  بحثت عنكما فى كل مكان ، لقد كنت قلقة عليكما .

( تتراجع كل من تا و روا أكثر )

 .. ألم تتعرفان علىّ ؟

تاو و روا معاً : من أنت ؟

فاولى : ماذا تقصدان ؟ أنتما هربتما وتركتمانى لكنى تبعتكما ، وعندئذ سمعت الجدال و … وها أنا هنا . ألستما سعيدتين برؤيتى ؟

تا وروا : لا ، اذهبى بعيداً . لا يوجد هنا غذاء يكفى الجميع .

فاولى : غذاء ؟ لكننى لا أريد غذاءا .

تا وروا : كاذبة !

فاولى : لدى رسالة لكما معا  ..

تا و روا : ( مغلقتان أذنيهما ) لا نريد أن نسمعها.

فاولى : لكنكما فى حاجة إلىّ . (صمت )  أيمكن لنا أن نكون أصدقاء على الأقل ؟

تا و روا : لا نريد صداقة . ليست مع الغرباء على أية حال .

فاولى : لكن يمكن لنا أن نعتاد على العيش معاً .

تا و روا : كاذبة ! ما اسمك ؟

فاولى : ليس لى اسم . أنا مجرد صوت ( تا وروا يتصرفان مع ذلك بذهول ) هل مازلتما تتذكرانى ؟

تا و روا  : لا . اذهبى بعيداً !

فاولى : رجاء . انصتا لى .

تا وروا : لقدتم إغلاق آذاننا. لا يمكنا أن نسمعك.

فاولى : ( صارخة) هل يمكنكما أن تسمعانى الآن ؟

تا و روا : بالكاد … صوتك ضعيف … خافت

فاولى : ( صارخة ) رجاء انصتا إلىّ . لقد أتيت لكما برسالة . إنها نفس الرسالة .

( وقفة )

على كل منكما أن تعتنى بالأخرى .

(صراخ . تطارد تا وروا فاولى ، فتخرج بسرعة )

تا :  أنا جائعة . أعطينى بعض الطعام .

روا : سيكون عليك أن تفوزى  .

تا : لقد صرت عجوز ومتعبة … لم يتبقى لدى طاقة للمصارعة .

روا : سيئ للغاية . سيكون عليك أن تموتى من الجوع .

( تمشى تا وتحاول اتنزاع السلة )

روا : القوانين . كان لديك اعتقاد فى القوانين .

تا : أنا لا أهتم بالقوانين ! لقد كنت هنا أولاً .

روا : لكننى صاحبة السلطة ، فزت بالعدل وبأكثر الوسائل عدلا  .

تا : ( بمزيد من التهديد )  اعطينى السلة .

روا : لا . إنها لى  .

تا : أريد السلة !

روا : لا . إنها لى

 تا : أريد السلة .

روا : أنا صاحبة السلطة . لو لمستينى فلسوف أحتكم إلى الجمهور . (إلى الجمهور ) ألم أفز بهذه السلة من خلال العدل وبأكثر الوسائل عدلا  ؟ أليس كذلك ؟ ليس كذلك  ؟

تا : ( إلى الجمهور ) لقد كنت هنا أولاً .

 ( وقفة . صمت )

تا : هيا نقذف بالعملة مرة أخرى .

روا : ألم نقم بذلك على نحو صحيح ؟ لا .

تا : إلى الجحيم بالعملة !

روا : لكن القوانين ، إنها كل ما تبقى لنا ،  لا قوانين ، لا عدالة .

تا : لا تقولى هذه الكلمة مرة أخرى ! سوف أقتلك لو قلت ذلك مرة ثاينة !

روا : إنها أملنا الوحيد …

تا : لا يوجد أمل …. بالنسبة لك !

روا : ( وقفة . فجأة تنزل الحقيقة على روا ) إذن لقد  كنت ضالة . لقد كنت مضللة ( ترتجف فى خوف ) أنا .. أنا .. هل يمكن أن تحملى السلة لفترة من الوقت ؟ يبنغى أن …

( تشير روا إلى أنها تريد أن تتقيأ )

تا : ( بشكل مرضى ) لو كان لى  أن أساعد ، فأنا جاهزة .

روا : شكراً لك .

( تتخلى روا عن السلة وتدير ظهرها للجمهور . تمسك بمعدتها فى ألم شديد )

تا : ( تتحدث بشكل خطابى  ) لو كانت مساعدتى ملحة فى وقت الأزمات . ينبغى أن أقدمها لك . كيف يمكن أن أقف وأنا مكتوفة الأيدى أتفرج  بينما أختى …

    ( فجأة تقفز تا فوق رأس روا . تتصارعان بينما تترك السلة فى منتصف المسرح ، أثناء المصارعة  يظهر الوحش ، ويتوجه نحو  السلة . ينبغى أن يكون الوحش ضخماً وقبيحاً ، بلا لون ، وبشعا !

    عندما تدرك تا وروا أن حياتهما فى خطر، تنسيان خلافاتهما وتهاجمان الوحش ، بعد صراع كبير يُقتل الوحش . منهارتين ، تحدق تا و روا كل منهما فى الأخرى بينما يصيبهما التحول . يسترخى جسداهما ، ويختفى الاستهجان ويحل محله إشراق وجهيهما ]

روا : لقد قتلنا الوحش ّ.

تا : أشعر بالاختلاف .

روا : ثمة شيء ما تغير فىً داخلى  . لم أفهم .

تا : ولا أنا أيضاً .

( وقفة )

 لقد قتلنا الوحش .

[ تنظر كل منهما إل الأخرى باعتزاز و تتصافحان . ثم تحملان سلة الغذاء و تضعانها بينهما ، ثم تطعم كل منهما الأخرى ]

[ النهاية ]

 

 

 

المؤلف : فيلزونى هيرنيكو

Vilsoni Hereniko (من مواليد 13 أكتوبر 1954) فى جزر فيجي ، كاتب المسرحي ، مخرج سينمائي وأكاديمي. ، وقد حصل على درجة البكالوريوس في الفنون عام 1975وشهادة الدراسات العليا في التربية من جامعة جنوب المحيط الهادئ في عام 1979، وعلى درجة الماجستير في التربية من جامعة نيوكاسل أبون تاين، و في عام 1991، حصل على درجة الدكتوراه في الأدب واللغة في جامعة جنوب المحيط الهادئ. وهو الآن أستاذ في جامعة هاواي في مركز دراسات جزر المحيط الهادئ، حيث يدرس الأدب والمسرح والسينما. نشر هيرنيكو أول مسرحياته في منتصف 1970، بما في ذلك مسرحيات: لا تبكي ماما، طفل لافا ، اختيار سيرا ، والوحش. وقد حصل على جائزة الكتابة إليوت قادش عن إجمالى مساهمات فى الأدب عام    1997 . من أبرز أعماله المنشورة فى المسرح:

    1-  مسرحيتان، 1987.

    2-   الوحش وغيرها من المسرحيات، 1989.

    3-  عذراء الماضي في الجنة: كوميديا جادة.

* تم عرض هذه المسرحية  لأول مرة  في جامعة جنوبالمحيط الهادي في أكتوبر 1987. وقد أخرجها المؤلف نفسه .

** فيجي :دولة في أوقيانوسيا  ، فيجي أو رسمياً جمهورية جزر فيجي هي دولة جزرية في ميلانيزيا في جنوب المحيط الهادئ تبعد  نحو 2000  كلم،  شمال شرق الجزيرة الشمالية لنيوزيلندا، عاصمتها : سوفا ، وعملتها الدولار ، ولغتها الرسمية : الانجليزية ، والفيجية ، والفيجية الهندية . وعدد سكانها : 881065 نسمة .

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *