*ترجمة: أحمد الزبيدي
لم يعد بعيدا ذلك اليوم الذي يمكن للروبوتات أن تتجول فيه بحرية داخل أجسادنا والمقصود بذلك نوع من الروبوتات النانوية صغيرة الحجم للغاية يمكن تناولها على شكل حبوب ثم ترسل داخل الجسم لتؤدي عدة أغراض ووظائف. والمعروف أن الروبوتات النانوية هي أدوات المستقبل وهي اليوم في مرحلة التطوير والتجريب ومن المتوقع أن تستخدم في العديد من المجالات العلمية مثل الطب والبصريات والفيزياء والإلكترونيات والكيمياء. وسوف تساعدنا على تطوير تقنيات التصنيع الجديدة والرعاية الصحية والحفاظ على بيئة نظيفة.
ويعتقد العلماء أن نوعا من الروبوتات التي يمكن ابتلاعها مثل حبوب الدواء تعد ثورة في علاج أمراض الجهاز الهضمي،.
وقام فريق من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة شيفيلد، ومعهد طوكيو للتكنولوجيا بإدخال جهاز قابل للطي في معدة وهمية ووجد أنه كان قادرا على طرد وإزالة الأجسام الغريبة مثل البطاريات. ويعتقد الباحثون أيضا أن الروبوتات يمكن تحويرها لتتمكن من إيصال الأدوية إلى داخل الجسم ويمكنها أيضا إجراء عمليات جراحية في المناطق التي يصعب الوصول إليها في المعدة والأمعاء وغيرها من أجزاء الجسم .
هذا الجهاز يمكن إدخاله في حبة دواء تبلع ثم تصل إلى المعدة فيذوب غلافه.
ويخرج الروبوت الذي يقوم بمجرد تمديده، بالالتفاف حول بطانة المعدة عن طريق حركة ” انزلاقية”، مسيطر عليها من قبل المجالات المغناطيسية التي يتم التحكم بها من خارج الجسم.
ووفقا لفريق الباحثين،.يتم ابتلاع ما يقرب من 3500 بطارية بطريق الخطأ في الولايات المتحدة كل عام، ، أي ما يعادل حوالي عشرة كل يوم.
وفي حين يتم هضم البطاريات بشكل طبيعي في كثير من الأحيان، فإن حدوث اتصال لها لفترات طويلة مع الأنسجة في المريء أو المعدة، يمكن أن يتسبب في إحداث تيار كهربائي ينتج هيدروكسيد ويتسبب في إحداث حفرة في الأنسجة.
كما إن بطاريات الليثيوم الدائرية الصغيرة تشكل خطرا خاصا على الأطفال الصغار، حيث يمكن ابتلاعها بطريق الخطأ. وفي حين لا توجد أرقام محددة عن عدد حالات كهذه في المملكة المتحدة، فان المعروف أن ابتلاع البطاريات قد تسبب في وفاة بعض الأطفال. في التجارب التي أجراها الفريق الذي يقوده معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، يلتف الروبوت الذي اطلق عليه اسم (اوريغامي )حول بطارية الليثيوم قبل أن يلتصق بها
وبمساعدة من مغناطيس خارجي، يتمكن الروبوت من سحب البطارية خارج الجسم . ويقول العلماء إن الروبوت، وأي أجسام غريبة مكلفة بإزالتها، يمكن أن تترك الجسم عن طريق سحبها نحو الأمعاء ثم يتخرج بشكل طبيعي. يقول دانييلا روس، أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: “من المثير حقا أن نرى الروبوتات الصغيرة هذه تقوم بهكذا تطبيقات هامة في مجال الرعاية الصحية”. “ومن الصعب حقا السيطرة على وضع الروبوت داخل الجسم إذا تم إرفاقه بسلك وقال البروفيسور روس انه كان متشككا في البداية في ضمان قدرة الروبوت على إزالة البطاريات الى ان ما عرضته الباحثة شوهي مياشيتا، وهي تعمل الآن استاذة في جامعة يورك، تجربتها الشخصية “فقد اشترت شوهي قطعة من اللحم ووضعت بطارية فوقها”،.
“في غضون نصف ساعة كانت البطارية مغمورة تماما في قطعة اللحم وجعلني ذلك أدرك أن من الممكن تطبيق ذلك
“إذا حدث وان وجدت بطارية داخل جسمك، فحتما سوف ترغب بالتخلص منها في أقرب وقت ممكن”.
وقال البروفيسور روس إن الهدف النهائي هو تطوير أجهزة استشعار على الجهاز حتى يتمكن من أداء المهام تلقائيا، دون الحاجة إلى وحدة تحكم خارجية.
وقال الدكتور مياشيتا ان المرحلة المقبلة ستكون اختبار الروبوت (اوريغامي) في معدة الحيوانات مثل الأبقار قبل الانتقال إلى التجارب البشرية. ومن المأمول ان يكون الجهاز متاحا للاستعمال الاكلينيكي خلال فترة تتراوح بين ست وثماني سنوات.
ويعدّ مجال الروبوتات الطبية من الفروع الجديدة الواعدة، فهو يعتمد على الروبوتات المصغّرة للدخول إلى جسم المريض وإجراء جميع أنواع العلاجات، ونذكر هنا بعض الروبوتات التي قد نشهدها وهي تجول في أحد الأجسام بالقرب منا. إن الهدف الأول للطبيب هو معرفة المرض الذي يعاني منه مريضه، وفي حين كان ذلك يتضّمن بعض التخمين في الماضي، فإن الروبوتات المصغّرة داخل الجسم ستجعل من ذلك إجراًء أكثر دقة عما قريب. ويمكن لروبوتات صغيرة بحجم الذبابة أن تدخل مباشرة من خلال شق عبر الجلد وهي تحمل مستشعرات وأدوات تشخيصية يمكنها الكشف عن علامات المرض. و يجري تطوير روبوتات صغيرة لمهاجمة البكتيريا الناقلة للأمراض ولإزالة البقايا التي تسدّ الأوعية الدموية.
وهناك روبوتات صغيرة أخرى تشبه الغواصات الصغيرة لإزالة انسداد شرايين القلب. حيث يمكن لتراكم الدهون والكوليسترول أن يعيق تدفق الدم مما يؤدي إلى الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية. إلا أن هذه “الحبيبات الدقيقة” تقوم بتفكيك الدهون والكوليسترول مما يسمح للمثقب الجراحي بالقضاء عليها.
إن إحدى الاستخدامات الواعدة للروبوتات المصغّرة هي إعطاء الأدوية، مما يسمح للأطباء بإيصال الأدوية إلى مناطق محددة أو إلى خلايا يصعب الوصول إليها والتي تحتاج لهذه الأدوية. ويتم تطوير أحد هذه الروبوتات لعلاج السرطان. حيث إن هناك مشكلة كبيرة مع العلاج الذي يستهدف السرطان وهي أن حقن الأورام بالأدوية يؤدي إلى تمّزقها وبالتالي تنتشر الخلايا المريضة في الأماكن القريبة. لكن الروبوتات الصغيرة يمكنها تقديم الأدوية بأمان دون استخدام المحاقن التي تثقب الأورام.
كما يجري تصميم روبوتات الأسماك الدقيقة التي تتحّرك في محيطها بحركة تشبه حركة الأسماك، ويمكن للأطباء توجيه هذه الأسماك الدقيقة باستخدام حقول مغناطيسية نحو خلايا معينة، لتقديم الأدوية أو نقل الخلايا المنفردة في طريقها.
________
*المدى/
عن التلغراف
مرتبط
إقرأ أيضاً
-
-
الإنسان والمقدّس*حياة أبو فاضلوالمقدّس متعدد الوجه والمكان على سطح الكوكب وحوله في ما يحيط به من…