في هبوب الريح

خاص- ثقافات

*طلال حمّاد

سأعْتَكِفُ..
لأكْتُبَها
” الريح شديدة في الخارج”..
والشبابيك تصطفق..
لكنّ الحرائق تضطرِمُ
فمن سيكتبها بعدي
وكيف لا أفعل الآنَ..
وهي روايتي؟
لن أغلق الباب..
سأسدل الستائر فقط..
**

“الريحُ شديدَةٌ في الخارِجِ”
وأنا على الشُرفَةِ
أودُّ لو أتَعَلَّمُ الطَيَران
فربَّما تحمِلُني الريحُ
إلى مأوايَ
ومأوايَ محاصرٌ بالفئران
تقرِضُ كُلَّ شيءٍ
حتّى الذِكرَيات
رُبّما ـ رُبّما مرّةً أخرى
عندما تراني
تخشاني
وتفرُّ
تفِرُّ
لتأكُلَها الحيّات
أينَ هِيَ الحيّات؟
هل قضَت المُدُنُ المَدَنِيَّةُ
على كُلِّ الحيّات؟
هيهات!
***
سقفٌ من الزينكو
كلّ ما أذكُرُهُ
من سمائِيَ الأولى
كلّما هبَّتِ الريح
سَقَطَ السَقْفْ
****
في مهبّ الريح
ما بين سماء مضطربة
وأرض غائمة
يتأرجح عصفورٌ..
يحسبه الرائي نشواناً..
والعصفورُ ذبيح
*****
سيقتلونك، خذ مكاني،
قال الشاهد، وانتحى جانباً ممكناً
كي أتّقي الرصاصة الطائشة
وفي اللحظة التالية،
سقط الشاهد الذي
أخذتُ، منْذُ حينٍ،
بقيّةً حيّةً
من شهادته
وعندما التفتّ، رأيتُ
بأنّ الرصاصة لم تخطئني، عمداً، لتقتُله
وإنّما لأنّ ريحاً لم تَكُنْ طائشَةً
هَبَّتْ، عَلى حينِ غَرَّةٍ،
لِتَحْرِفَ الرَصاصَةَ القاتِلَة
عَنْ طَريقِها
******
في الريحِ
تصطفِقُ الأبواب
ما بينَ الأبوابِ
أنا وأنْتِ
والموجُ عالٍ
فلنَسْبَحْ مَعاً
في هذا التيّارِ
إلى أنْ نَبْلُغَ السَطْحَ
لِنَقْفِزْ
امسكي بي
سأمسِكُ بِكِ
لِنَبْدو كَسَمْكَتَيْنِ
مُتَّحِدَتَيْنِ
تَفْعَلانِ
ما لا يَفْعَلُهُ البَشَرُ
لكَيْ يَنْجو أحَدُهُم
يُلْقي بِشَعْبٍ كامِلٍ
في أتونِ حَرْبٍ
مُهْلِكَة
قَدْ تُصيبُ شُعوباً أخرى
بِعَدْوى التَقَوْقُعِ
والاحْتِماءِ
من لَفْحِ الريحِ
بِأنْ تُغْلِقَ الأبْوابَ
في وَجْهِ الهارِبينَ
مِنَ المَوْتِ
إلى مَنْفى
يُشْبِهُ في غالِبِ الأحْيانِ
مُخَيَّماً لِلاجِئينَ
أو مُعَسْكَراً
للرَهائِنِ
لكنْ.. دائِماً
في مَهَبِّ الريحِ
لِتَهُبَّ الريحُ
ولْتَصْطَفِقَ الأبْوابُ
ما يُهِمُّ
أنْ تَصْطَفِقَ الأبْوابُ
في مُخَيَّمٍ لِلاجِئين؟

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *