«موت صغير» تنفي المحاصصة الجغرافية

*ليلاس سويدان 

رغم ارتياح أغلب المتابعين لنتيجة الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» وفوز رواية «موت صغير» للروائي السعودي حسن علوان بها، لكن كالعادة تستعاد بعض الأسئلة عن المحسوبيات أو المحاصصة الجغرافية في توزيع حظوظ الفوز بالبوكر، فالرواية التي أجمع أغلب من قرأوها على تميزها واستحقاقها للفوز، إلا أن البعض رأى في فوزها فرصة لنفي فكرة التوزيع الجغرافي للجائزة، والذي كان يشير لفوز رواية «زرايب العبيد» مثلا، لكون أن ليبيا لم تحصل على الجائزة ولا مرة. لكن البعض أثار تساؤلا حول فوز السعودية ثلاث مرات بها، فعلوان هو ثالث سعودي يفوز بالجائزة منذ إطلاقها في 2007 بعد عبده خال عن روايته «ترمي بشرر» في 2010، ورجاء عالم عن روايتها «طوق الحمام» في 2011. إضافة إلى أن  الكاتبة الوحيدة التى فازت بجائزة البوكر في تاريخها هي الروائية السعودية رجاء عالم.

مجتمع سعودي متغير
الروائي حسن علوان كان قد علق على فوز روايته بقوله:
«الساحة الثقافية الفنية السعودية تمر في فترة نشاط في السنوات العشر الأخيرة ما يدل على أن هناك حراكًا فكريًا، أعتقد أن المجتمع السعودي يمر أيضًا بمرحلة تغيير كبيرة، فهناك العديد من المتغيرات الفكرية على وجه التحديد التي تثير الكثير من الأسئلة، وعندما تثار الأسئلة يجد الروائيون والروائيات فرصة لتكوين حقول معينة يتم من خلالها إعادة توجيه هذه الأسئلة بشكل فني وأدبي».
واضاف في فيلم أنتجته الجائزة العالمية للرواية العربية لموقعها:
«أحياناً يبدو مستغرباً أن تُكتب رواية عن ابن عربي بتلك الأبعاد الطاعنة في مشرقيتها بينما أنا مقيم في هذا الجزء البعيد البارد من العالم، في كندا. ولكن أفكر أحيانا في ذلك فأتهم الحنين أولا بشكل مباشر ثم أجد أن التلامس مع المختلف الغريب هو الذي يدفعني باتجاه ذاتي وتراثي وثقافتي القديمة».

نقد وتحف فنية!
أما رئيسة لجنة التحكيم د. سحر خليفة، ومن خلال كلمتها في حفل عن الفائز بالجائزة، فقد وجهت انتقادات الى روايات رشحها كتابها للجائزة متحدثة عن ابتعاد الجيل الجديد عن القراءة.
وقالت «عدد كتاب الرواية في هذا العصر يكاد يوازي عدد قراء الرواية وقد يزيد»، مضيفة ان بعض الكتابات «تسير الى اندفاع شبه غريزي للتعبير عن النفس في مجتمع لا يشجع على التعبير».
وتابعت «انها شكل من اشكال الثورة على القيود والتقاليد شجعتها تجربة وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بات كل مشترك كاتبا وناشرا متجاوزا كل الشروط اللغوية والفكرية واحيانا الاخلاقية».
وأوضحت أن عملية اختيار الرواية الفائزة «كانت صعبة جدًا لأن كل رواية بحد ذاتها هي تحفة فنية».

شغف السرد وسحره
ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية، قال عن الرواية الفائزة «تسحرك رواية (موت صغير) بانسيابيتها وانتظام سردها وهدوء حركتها الداخلية، فتجعلك تغوص في عوالم بطلها، ابن عربي، في حله وترحاله وكأنك هو في أزمان مضطربة تصارع مآسيها بصبر يتردد».
وأضاف «تتدفق الرواية بين يديك، وتجري وراءها بشغف أخاذ وإيقاع متوازن يشهد لكاتبها محمد حسن علوان بقدرة رائعة على حياكة السرد دون تزويق أو بهرجة».

سيرة متخيلة
يذكر أن رواية «موت صغير»، الصادرة عن دار الساقي، سيرة روائية متخيلة لحياة الفيلسوف محيي الدين بن عربي منذ ولادته في الأندلس في منتصف القرن السادس الهجري وحتى وفاته في دمشق.
أما الروائي حسن علوان فيقيم في تورونتو، كندا. وصدرت له أربع روايات قبل «موت صغير» هي «سقف الكفاية» (2002)، «صوفيا» (2004)، «طوق الطهارة» (2007)، و«القندس» (2011) التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2103، وفازت نسختها الفرنسية بجائزة معهد العالم العربي في باريس لأفضل رواية فرنسية مترجمة من العربية عن العام 2015.
كما أصدر علوان كتاباً نظرياً بعنوان «الرحيل: نظرياته والعوامل المؤثرة فيه» (2014). عام 2010، تم اختياره ضمن أفضل 39 كاتبا عربيا تحت سن الأربعين، وأدرج اسمه في أنطولوجيا «بيروت 39». كما شارك علوان في أول «ندوة» (ورشة إبداع) نظمتها الجائزة العالمية للرواية العربية في العام 2009 وكان مدرّباً على الكتابة في ندوة العام 2016.
____
*القبس الكويتية

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *