مَتى يَفْتَحُ الأعْمى عَيْنَيْه؟

خاص- ثقافات

*طلال حمّاد

كجنديّ لم يعد إلى بيته..
الحرب لم تنته بعد..
وقف إطلاق النّار هشٌّ..
ونحن في انتظار ذخيرة جديدة..
الليل طويل..
الليْلُ أعمى
والأعداء يحفرون أنفاقاً من تحت الخنادق ليخندقونا من تحت..
ما الذي سيحدُثُ.. لو فاجأنا الأعداء بالموت
هل سنصرخ؟
هل سنهرب؟
أم سنبكي.. أننا سنموت كالخراف إذا داهمها الذئاب؟
سنعدّ ذخيرتنا من حجارة خنادقنا
قبل أن تهوي فوق رؤوسنا
كما تهوي السماء الآن
قذائفاً.. من طيران لا نعرف بالضبط مصدره
مسخرة
لو أنّنا سلّمنا أنفُسَنا
إلى أعداءٍ يتقدّمون من أمامنا
أو إلى أعداءٍ يصرخون علينا
من الخلفِ
لنستمرّ في المقاومة
بلا عتادٍ أو ذخيرةٍ
وأسلحةٍ فسدت وهي تنتظر العناية الفائقة
مثلنا
كمرضى لا نتنفّس من رئاتنا
ولا نستجيبُ لدواء
ونحتاج كثيراً
إلى العلاج
**

في نبأ عاجل وسعيد
أعلن شخص ما
يشبه الجنرال في هيئته
وقد علّق لوحة من الفسيفساء على صدرِهِ
يقول الذين يعرفون بالفنون
أنّها أوسمَةٌ
لا يذكر أحَدٌ
من أينَ أتت إليه
ومن أيِّ سماء هَبَطت
ككائناتٍ عَجيبَة غريبة
عن مقتل مائةٍ من جنود العدوّ
حسبما جاء
في ذلك النبأ العاجل
والسعيد
على لسان من قيلَ إنّهُ الجنرالُ في هيئته
لكنّ السؤال الوحيد
في رأسِيَ العَنيد
ظلّ يبْحَثُ عن جوابٍ واضِحٍ وصريحْ
فأصيحْ
كيف استطاع هؤلاء المائةُ
من جنود العدوّ
أنْ (يدخُلوا)
من حُدودنا المُحكَمَة
إلى جُيوبِنا المُتْخَمَة؟
***
مهزومٌ
كحاكمٍ مُرتَبك
يسحَبُ جيشَهُ من الحدود
إلى شوارع البَلَدْ
بِلا سَنَدْ
لِيَشْتَبِك
مع الخيبَةِ
ممّا وعَد
مَدَد
مهزومٌ
ومُنْتَهَكْ
أنا المواطِنُ الذي
كم وقعتُ في الشَرَكْ
تماماً مثل البَلَدْ

****

في الحرب
لا يَجِدُ الأعْمــــى طَريقَهُ
ولا يَجِدُ ـ إنْ شاءَ
مَنْ يَدُلَّهُ
عَلَيْها
فَكُلُّ مَنْ يُحيطونَ بِهِ
بِما يُمْسِكونَ عَلَيْهِ
مِنْ أسْلِحَةٍ
بِلا ضابِطٍ
يَقودُهُمْ
عُمْيٌ
وَلا يَرَوْنَ
إلاّ المَوْتَ
فَيَضْطَرُّ الحَزينُ
أنْ يَباتَ
في الظَلامِ
إلى أنْ
تَتَوَقَّفَ الحَرْبُ
وَيَبْزُغَ النَهار
متى ستتوقَّفُ هذه الحرب؟
ـ بَعْدَما يَنْتَصِرَ الجُنون
وَيَفْتَح الأعْمى عَيْنَيْه!

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *