مقعد في الثلج وقصائد أخرى/جين هيرشفيلد

خاص- ثقافات

للشاعرة الأمريكية : جين هيرشفيلد/ ترجمة : د.محمد عبدالحليم غنيم

(1)

مقعد في الثلج

مقعد في الثلج

 مثل أي كائن آخر أبيض ومستدير

ومع ذلك مقعد الثلج

 دائما حزين

أكثر من سرير

 أكثر من قبعة ومنزل

يتشكل مقعد الثلج من أجل شيء واحد

 أن يحفظ

 روحا تنحني برشاقة لساعات

 ربما ملك

 لا تحمل الثلج

 لا تحمل الزهور .

(2)

كما تتحدث مطرقة إالى مسمار

عندما يفشل كل شيء

 يفشل بوقاحة

يفشل عن قناعة

 مثل مطرقة تتحدث إلى مسمار

أو مصباح  مهمل في وضح النهار .

قل واحدا

إذا لم يمتثل اثنان

 قل ثلاثة و إذا فشل ذلك ، قل حياة ،

 قل مستقبلا .

مفتقرا إلى المستقبل

 جرب دلوا

مفتقرا إلى الحديد جرب الظل .

إذا سقط صوتك وسقط وظل يسقط

مصطدما فقط بالهواء والصمت .

قل واحدا من جديد

لكن قل ذلك بثقة عظيمة

 مثل مسمار يتحدث إلى صورة

 مثل مطرقة أهملت في وضح النهار .

(3)

قصيدة ذات نهايتين

قل ” موت ” و سوف تتجمد الحجرة كلها .
حتى الأرائك ستتوقف عن الحركة .
حتى المصابيح .
مثل سنجاب أدرك فجأة أنه مراقب .
قل الكلمة باضطراد .
وستبدأ الأشياء في المضى قدماً .
تتخذ حياتك
النسيج  المخدد لشريط سينمائى قديم .
استمر في قولها ، احبسها لحظة بعد لحظة .
داخل فمك .
ستصبح كلمة أخرى .
مركز تسوق يدور حول جثة خنفساء .
موت شره يلتهم كل الأحياء .
حياة شرهة تلتهم كل الموتى .
لا يقتنعان أبداً و لا يشبعان أبداً .
كلاهما يلتهم و يلتهم العالم .
قبضة الحياة قوية مثل قبضة الموت .
لكن الراحل ، الحبيب الراحل ، أوه أين ؟

(4)

المندوب 

ذات يوم كان في تلك الغرفة فأر صغير .
و بعد يومين ، ثعبان .
الذى رآنى داخلة
انسل بجسده الطويل تحت السرير في خفة
ثم استكان مثل حيوان منزلى أليف .
لا أعرف كيف أدخل أم أغادر

فى وقت لاحق لم يجد المصباح شيئاً .
لعام شاهدت .
كما لو كان شيء ما – رهيباً  ؟ سعيداً ؟
حزين –
دخلت و بعد ذلك تركت جسدى .
لا يعرفون كيف دخل .
لا يعرفون كيف خرج .
إنها معلقة حيث لا تستطيع الكلمات أن تصل إليه .
يانم حيث لا يستطيع الضوء ان يذهب .
لم تكن الرائحة  لثعبان أو لفأر .
و لم تكن شهوانية أو متقشفة .
هناك فجوات في حياتنا .
لا يعرف عنها شيئاً .
من خلالها .
ترحل القطعان وهى تجأر بقوة.
طويلة الأرجل عطشى مغطاة بتراب غريب .

(5)

فى مديح التفاهة

بدون فلسفة .
مأساة .
تاريخ .
السنجاب الرمادى .
يبدو .
مشغولاً جداً .
الضوء مثل روح.
تصور .
من اللقبان بوش .
خضراء و عارية من الزخرفة .
يتسلق شجرة .
يتساوى ذلك و التاريخ .
حيث يعمل كليه بقوة .

(6)

شجرة

من الحماقة .
أن تنرك شجرة صغيرة .
تنمو بجوار المنزل .
حتى في هذا .
حياة واحدة .
سيكون عليك أن تختار .
فى وجود ذلك الهدوء العظييم .
هذه الفوضى من أوانى الحساء و الكتب –
فى ذلك الحين تنطلق بخفة أطراف أولى الأغصان نحو النافذة .
فى نعومة و هدوء و اتساع ، تخترق حياتك .

 (7)

شكي

استيقظ ، على شك بجوارك .
مثل ستارة نصف مفتوحة .
ألبس الشك .
مثل الكوب .
فى تردد إذا ما كان قد سط .
آكل الشك .
أعمل في شك .
اخرج إلى مقهى مشبوه مع أصدقاء متشككين .
أذهب للنوم و أنا أشك في نفسى .
مثل قطيع من الماعز .
ينام في شاحنة تفتقد الهدوء فجأة .
أحلم بك ، في شك .
ليليا –
ماذا يعنى الحلم .
إن لم يكن كل الذى في داخل –
يماير و غير واضح في سؤال ؟
اليدى اليسرى و اليد اليمنى .
شك ، أنت لى .
تمرى كنزة السالة وتوجد سكينتى و شوكتى .
الركبة اليسرى و الركبة اليمنى .
تسرع نحو الحافلة .
من أجل اجتماع سينتهى بالتأكيد قبل أن تصل .
أود .
أن أنمو في داخلك ،
مثل نافذة مزدوجة .
تستقر مذعنهو هى .
تحيئ بكرامتها و خيالها .
أشك أن أستطيع عمل ذلك .
تتحكم وزنك في ليالى و أيامى .
مثل مضيض ممن الرصاص معلق بانتظام .
فم النافذة المفتوح .
تمسك بى .
و أنا أجثو أمام مقاومتك و عنادك .
مقدمة ذلم الثناء الغاضب .
لا أقوى على العمل لكن أشك .
فى أنك قادر أبداً أن تسمع .

(8)

عالم رابع

صديق يموت .
حصان يموت .
رجل يموت مرات و مرات في الأخبار .
بدونهم .
مازال العالم الرابع مستمراً .
يستيقظ الثعلب الأحمر على جانبى الجبل .
غياب و غضب و حزن .
و قوة و فشل –
يمشى الثعلب عبرها .
يريد ، كما يجب أن يعيش .
طوال اليوم بارداً في الكل و حاراً في الشمس .

(9)

المحادثة

امرأة تتحرك عن قرب .
هناك شيء ما تريد أن تقوله .
تأخذك التيارات في إتجاه واحد ، غير اتجاهها .
طوال الليل تدرك وجودها .
تدرك المحادثة التى لم تحدث .
فى داخلها جبال و طيور و نهر واسع ، وأشجار قليلة متفرقة .
و على النهر يحدق قارب خشبى .
و على السطح ،عنكبوت يغسل وجهه .
سنوات من الآن و يصل القارب إلى الميناء بجوار البحر .
و أجيال من أحفاد العنكبوت قوية .
تنظر نقعر نظره من خلال عيونها التمان .
نحو شيء ما غير مجاب .

(10)

قصائد الحب الضائعة لسافو

القصاد التى لم تقرأها .
لابد أن تكون الأعنف لها .
ناقصة و متطرفة .
كما هو الحال مع الحب ، ولياليه و أيامه .
تقف على قمة الجبل .
و تتطلع إلى المزيد من الجبالل و المناطق الوعرة .
من المستحيل تخيل فكرة أصيلة .

(11 )

كل شيء يتغير

كنت أتجول من جديد
فى الغابة
و ضوء أصفر
يلون كل ما آراه  .

عن عمد
و بقلب بارد
أخذت عصا
و رفعتها في الاتجاه المعاكس
للطريق .

هناك قلت لنفسى
لقد انتهى ذلك الآن
أفرك يداً بأخرى
لغسلهما
من فتات اللحاء الصغيرة .

(12)

حرارة الخريف

الحرارة في الخريف .
تختلف عن الحرارة في الصيف .
فى الأول ينضج التفاح وفى الثانى يتحول إلى عصير .
الأول قفص تهجره .
و الثانى العمود الفقرى لحصان سباحة هزيل .
و النهر كل يوم ممتلىء بمقياس البرودة .
رجل مصاب بالسرطان يترك زوجته لعشيقه .
قبل أن يرحل ترتب أحزمته في الخزانة .
تعيد ترتيب جواربه و ستراته في الأدارج .
حسب اللون . تلك هى حرارة الخريف :
تضع بيديها توك الأحزمة الفضية مع الفضية .
و التوك الذهبية مع الذهبية ، واضعة كل واحدة

على الشماعة التى تخصها .
فى الخزانة التى سرعان ما تكون  خالية

وواصفة ذلك بأنه متعة .

(13)

فى غرفة بخمسة أشخاص و ستة أحزان

فى غرفة من خمسة أشخاص و ستة أحزان .
البعض يسمع و البعض لا .
دع الغرفة تحفظهم ، مخاوفهم و غضبهم .
لابد أن يكون هناك جدران و نوافذ و سقف،

 و باب عبر الوقت .
يغير كل شيء .
من المحتمل أن يدخل .

(14)

ثلاثة ثعالب عند حافة الحقل وقت الشفق

الأول يركض .
و أنفه نحو الأرض .
حفيف الظل .
لا صيد و لا لعب .
الآخر وقف ، جلس ، رقد ، وقف من جديد .
الثالث لم يتحرك أبداً .
فيما عدا ذلك .
أدار رأسه قليلاً عندما مشينا .
أخيراً اقتربنا جداً .
فاختفت .
ابتلعتهم الغابة كما لو لم يكن لها وجود .
تمنيت لو كنت قد فكرت في وضع رأسى في العشب .
واصلنا المشى .
نتكلم كما يفعل الغرباء عندما يصيروا أصدقاء .
هناك الكثير و الكثير الذى لم أقله لأحد .
لا إلى الغرباء و لا إلى المحببين .
انسل هذا إلى القلب .
دون عجلة ، كم لو لم يكن له وجود .
و مع ذلك ، بين الأشجار ، ثمه شيء ما قد تغير .
شيء ينظر من وراء الأشجار .
و يعرف من أنا .

 (15) أريد فقط قليلا

أردت فقط ، على ما أظن ، قليلا ،

ملعقتان من الصمت

واحدة للسكر

 والأخرى لتحريك الرطوبة

لا

اردت قاهرة الصمت

كيتو

فى كل حدقة معلقة

 طحالب ومياه

اتجهات الصمت

 شمال وغرب وجنوب وماض ومستقبل

يأتى عبر أى نافذة

مفتوحة بقدر بوصة واحدة

 مثل مطر يسيل على الجوانب

تبديلات حزينة

كما يفعل حصان رعى

ساقا إثر ساق

لكن الحصان ينام

نام وساقاه ملتفتان .

( 16)   29 فبراير

 

هذا 29  فبراير

يوم إضافي—

مثل البقرة الخامسة في اللوحة،

التي تطل مباشرة

نحوك أو باتجاهك تماما

من داخل بقعها السود والبيض

يوم إضافي—

غير مقصود بالتأكيد:

يتعثر التقويم المصنوع بالتقويم الحقيقي

مثلما يتعثر سكران عند عتبة

أدنى من أن ترى

يوم إضافي—

مع فنجان قهوة قوية ثان

مكالمة هاتفية عملية لكنها ودودة

حزمة بريدية معادة

بعض العمل الإضافي، لكن ليس كثيرا—

يستحق يوما فقط، بالضبط .

يوم إضافي—

لا يختلف عن المسافة

بين الباب وحلقه

حين تكون إحدى الغرف مضاءة والأخرى مظلمة

وتتبدل إحداهما بالأخرى

مثلما تستبدل امرأة وشاحا .

يوم إضافي—

استثنائي كأي يوم آخر

ومع ذلك

ثمة كرم في ذلك

مثل رسالة يمكن إعادة قراءتها بعد موت كاتبها.

______________

جين هيرشفيلد : شاعرة ومترجمة وكاتبة مقالات اميركية من مواليد مدينة نيويورك لعام 1953. لها ثمانية دواوين شعرية نالت او رشحت لجوائز مرموقة عديدة.  وكتاب في نقد الشعر حقق شهرة كبيرة عنوانه عشرة نوافذ : كيف يغير الشعر العظيم العالم . تلقت هيرشفيلد تعليمها في جامعة برنستون. وعملت بالتدريس في جامعات عديدة وشاركت في برامج عديدة لتدريس الكتابة الابداعية وفي مهرجانات ونشاطات كثيرة داخل وخارج الولايات المتحدة، وتشغل حاليا منصب مستشارة اكاديمية الشعراء الأميركيين. من عناوين مجموعاتها الشعرية: ((عن الجاذبية والملائكة))1988؛ ((قصر اكتوبر))1994؛ ((حيوات القلب)) 1997؛ ((حصى وتجارب)) 2004؛ و((تعال ايها اللص: قصائد)) 2013.وتعيش الآن في سان فرانسيسكو.

 

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *