خطواتٌ فوقَ جسدِ الصّحراءِ (مسرحةُ الْقصيدةِ الْعربيّة)

خاص- ثقافات

*وهيب نديم وهبة

القسم الثاني من المطولة – خطوات “رحلةٌ نبويّةٌ منَ الجاهليّةِ حتّى حجّةِ الوداعِ”

قمرٌ

فوقَ الْبحرِ /  مبلّلٌ قليلًا بالنّعاسِ والمْطرِ / وينتشرُ الضّبابُ / غزالةٌ / تنزلُ منْ سُحُبِ السّوادِ / تَلفُّ الْبحرَ في منديلِ الدّمعِ / وينسكبُ نهرُ الشّوقِ في وادٍ سحيقٍ / لا زرعَ فيهِ .. لا غرسَ لا نباتَ..

حَنيني ليسَ على حجرٍ
على رسمٍ على الْقفارِ
حنيني لمنْ سكنَ الدّيارَ ..

خُذْني مَعكَ خُطْوتي في الْهواءِ / أضَاعني قَدَري.. / والْأفقُ في مِعْصَمِي / كانَ يُشيرُ  لي إلى الطّريقِ../ تخاصمَ في ليلِ الْأعاصيرِ معْ بَصَري / كانَ هواءً صارَ ريحًا صارَ إعصارًا / أينَ مَوْطِنُ قدمي أينَ الطّريقُ؟

خُذْني..
أُجاوِرُ خطواتِكَ في ليلِ الْغربةِ والترّحالِ / خُذْني معَكَ / أدْخُلُ خيمةَ التّاريخِ / عباءَتي الشّمسُ والصّحراءُ يدي.. / وأصابعي أوديةٌ دائمةُ الْجريانِ بالْحبرِ والْكتابةِ.

خُذْني معَكَ / خُطْوتي في الْهواءِ / أضاعَني قَدَري وبيني وبينَ مملكتي يقِفُ الْغريبُ / وقاطعُ الطّريقِ / والسّيفُ والجلّادُ والمْقصلةُ / والطّريقُ إلى رحابِ مكّةَ طويلةٌ / وليلٌ منَ الضّبابِ كثيفٌ.. / زمنٌ يَرْفَعُ على رؤوسِ الرّماحِ / قلعةَ الْانتظارِ / وصمتَ المْكانِ وعطشَ الْقلوبِ.

كمِ انتظر المْاءُ أنْ ينفجِرَ (غزالٌ راكضٌ ) / منْ بئرِ زمزمَ / في براري جفافِ الْغيمِ في قرآنِ السّماءِ..

سيّدُ المْكانِ والزّمانِ
اتّكأ على عصًا منْ نخيلِ الْعراقِ../ قلْتُ: يا صحراءُ كُوني عَطشي جُوعي / رُجوعي عِشقي سَفري / وتِرحالي /  في جنونِ الرّيحِ في سفرِ الْبدويِّ مرتحلًا.. / ما بينَ النّجمِ وبينَ المْاءِ وعطشِ الْأرضِ / في مواسمِ الشّمسِ إلى السّماءِ.. / مرتجلًا قصيدةً ما بينَ النّهدِ وبينَ الْأطلالِ / عطفًا على تجريحِ الرّيحِ منْ قسوةِ المْكانِ/ رجوعًا إلى ( ما الْحبُّ إلا للْحبيبِ الأوّلِ ) / يا مَهْدَ الْجزيرةِ الْعربيّةِ.

الْآنَ أدخلُ
منْ نافذةِ الْبحرِ إلى خليجِ عدنَ.
زجاجةٌ منَ الْخمرِ المْعتّقِ / في عنقِ مضيقِ بابِ المْندبِ.. / لنْ تحتاجَ أنْ تسكرَ حتّى توحّدَ / ما بينَ الرّونقِ والْجمالِ / وعدنُ تتجسّدُ ما بينَ الْيابسةِ والْبحرِ .. / ما بينَ الْبكاءِ منْ فرحٍ وبينَ الْبكاءِ..

أُبْعِدُ ذاكرتي قليلًا / عنِ (أمرئِ القيسِ) وهوَ ينتحبُ / سقطَ فرحُ الدّمعِ فوقَ عدنَ /  فوقَ إيقاعِ النّشيدِ / فوقَ محطّةٍ على طريقِ الْهندِ / تستقْبلُ الْعائدينَ بالْحريرِ / قلعةٌ منْ نسيجٍ وأنسجةٌ منْ لونِ الْفرحِ / رَسمَةٌ للوحةٍ نُقشتْ بالدّمِ حتّى الْحريّةِ.

قمرٌ
يا (امرأَ الْقيسِ) يلمعُ مثلَ السّيفِ / منْ غربِ الْحجازِ وشرقًا في المْدى / يمانيُّ السّيفِ /  عدنيُّ الرّمحِ والْقامةِ / وصنعاءُ تنزلُ مثلَ أميرةٍ / تغسِلُ قدميْها في ماءِ الْبحرِ / وتصعدُ حيثُ يرقدُ مجدُ الشّمسِ ساجدًا / في صلاةِ حُريّةٍ يتلوها الْفجرُ..

لنْ أنزلَ هذا المْساءَ
على ديارِ نجدٍ
حتّى لا أبصِرَكَ يا امرأَ الْقيسِ / وأنتَ تبكي على طللٍ / التّيهُ لعبتُكَ والْخمرُ والْهوى /
عرشًا أضعْتَ / ملكًا بالطّيبِ والْبخورِ كان يحتفلُ..

كأسي ليسَتْ خمرًا ووجعي ليسَ ملكًا / عتبي على زمنٍ ضاعَ أضاعَني/
وضاعَتْ منْ يدي بدرُ الْبدورِ..

يعرفُ سيّدُ المْكانِ
الْوقتَ والزّمانَ
هنا كانُوا
هنا عاشُوا وتسقطُ قرنفلةٌ في كُتُب التّاريخِ ../ تأخُذُني تحمِلُني على أجنحةِ الْوحيِ / عشَرةُ ملائكةٍ في خمسِ عرباتٍ / وعشرونَ جاريةً تسبَحُ بالْأبيضِ / وما بينَ الْأبيضِ والرّيحِ / تَرْسُمُ الْجواري في فراغِ الْفضاءِ / منطقةَ الْبحرِ الْأحمرِ..

تمرُّ
منطقةُ الْبحرِ الْأحمرِ فوقَ يدي
تصيرُ طيورًا تطيرُ
تحمِلُني على أجنحةِ الشّوقِ
أذوبُ في نعومةِ الْحريرِ….. .. ..
أسمعُ موسيقى
أسمعُ وقعَ  خطواتِ نبيٍّ
تعبُرُ في وَهَجِ الْجنّةِ

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *