خاص- ثقافات
*عبد اللطيف رعري
تعالت شقائق النعمان على الروابي
ورمت بحمرتها الجبال
صمت المكان في زويا الرعب يعلن خيبته
وللظهيرة لون رمادي مبتل بشح السماء
سكتت العصافير عن شدوها
وانتهى رقص الاعشاب للنهر على شجن….
فقلنا للبحر سلام…
وأمهلنا البدر أمانا…
حتى ننجو من مغص العاصفة…
تهادت الى سلوانا الاشباح
تحمل أشواكا على رأسها..
وأراقت من هولنا لحنا صدّاحا
وعانقت كسر الأقداح
فقلنا للبحر سلام…
تهاوت الى أعماقنا زفرات الانين
ونقشنا الحرف بدمنا لزمن القراح سنين
وقلنا للبحر سلام…
قوافل النمل لا تهدأ عن زحزحة الارض
وأسراب الغربان غطّت قبور السماء بالعرض
شاردة في هجرها كما هي الاحلام
تحفر بمناقيرها قبورا أخرى للرحيل
وتنبعث من جناحيها رائحة يأس ذليل
حين تطير تسقط بذرة قبح تنمو في كف الاثير
وحين تغفو برهة على أحبال الغسيل تهدأ الزوبعة
على اليمين…
ويتعرى تموج القلب أمام نصب العيون
لا سلام للبحر اليوم وأهل الديار يقتربن من المدى
وفوهة الخواء تلتهم الخواء كلما طلّ الريح غاضبا
لتجمع العاصفة أبنائها في سلة المهملات
ما سرقنا للظل رطوبة المكان
ولا للشمس لمعان الحريق
ولا غرسنا عوسجا داميا للقمر…
فكمين العواصف تصطاده الاشجار
فلا سلام للبحر حتى اليوم
ضاعت للوجوه نعومتها
وشاخت على أعقابها نزوات العراء
فتسمرت حركات البحر جليدا
على أعتاب الانهيار
وصارت مفاتيح الهروب بيد الشمس
موصدة هي أبواب الجليد من يفتحها؟
وخزائن أحلامنا هنا تجمدت..
من يطل من شرفة بدأت في الذوبان
فثمة أحزانا تتدفق وبياضا يسرق ضيق الأفق
من يسعدني برقصة على الجليد عاريا
أمدّه باقة ثلج بلون أبيض ؟
من يشعل فتيل العشق في صدري
أصير له سطح ماء ليقطع المحيط؟
من يكشف لي مخبأ مفاتيح أبواب الجليد
أسكنه قبة بيضاء مفتاحها الحمق
وأعلمه شروط السطو على القمر
حين تطغى العاصفة.