علامة فارقة

خاص- ثقافات

*عمار عكاش

لم تَخترْ شامةً على الذقن نَفضَها فيكَ فحمُ الكواكبِ، لم تخترْ وَحْمَةً نسيها زهرُ الكرزِ فيكَ، وخبّأتها لعيون التعرّي، وأنت أيتها الجميلة يا بائعة السمكِ لم تختاري جمالكِ ولا سمكاتكِ، اخترتِ إنما قبّعتك الصوفيّة الحمراء ذات الشراشيب، واخترتِ وأنت تنادين على السمكِ أن تضربي بسكّينك كل حراشفي.
قلمٌ تملؤُهُ كلما نضب حبرهُ، وتتعثّر يداك دونه، ساعةٌ يدٍ رفيقة تخلعها عند الانتحار فقط قبل أن ترمي نفسك للبحر، نوعٌ من القداحات تشعل فيه نفسك النيكوتينيّة؛ مكتملاً محتشماً فاحشاً أنتَ حين يدبّ حجر القدح فيكَ كالحصيدِ الجاف.
وجهٌ أنثوي يستنزف كل همومِ المستشرقينَ يجمع تماثيلُ البومِ لمبرّراتَ خاصة، عِقْدٌ لا تخلعه الأربعينيّة حين تستحمّ كأنه وصفةٌ لشباب دائمٍ لنهديها وفرجها المتعب، حتى يشدّه عاشق شبقٌ فتنفرط حباته ولا تكترثَ عَدّها وجَمعها.
عاداتٌ يوميّة كأنْ تشرب الشاي بالقرفةِ حصراً، أن تبتكر طريقتك الخاصة في غِلْي القهوة، ويمكن أن تردد بفخرٍ لا أشرب المنبّهات مطلقاً، وتقزّز الحضور بإشارتك الدائبة لمساوئ الكافيين.
تسقط عاداتنا مثل الأسنان المنخورة، مثل زرٍّ ناقص في ثوب بديع، مثل ضربة فرشاةٍ خاطئة تقتل لوحةً.
يرنًّ هاتفي الخليوي، يدقّ رأسي بسقف محارةٍ عفنةٍ أقطنها، تباً لوكلومبوس لقد مضى أبعد من الهند والعالم الجديد.
أنيانِ نحن، أنا التي أنا وأنا التي هي؛ وانا أرسم وجهاً افتراضياً باسماً لم أبتسمْ للنادلة الجميلة، لم أحاول أن أدقّق كيف يبدو اليونيفورم فوق نهديها، وأنا أسجّل دخولي شارعاً افتراضياً لم ألحظْ كم هي حيّةٌ وحقيقيةٌ الشابة – في الكرسيّ الأخضر قبالتي – التي لفّتْ سيجارتها ولَحَسَتْ طرفَ الورق بلسانها، لم ألقِ بالاً لها. أنا أنيانِ كلاهما دون علامات فارقة تلتقيان بمحضِ الصدفةِ فقط، حتى وأنا أكتب هذه الكلمات بشرٌ افتراضيٌ مهزوم، يفترضُ نفسه متأملاً يبحثُ عن علامة فارقة.

__________________
* كاتب ومترجم سوري – استنبول
النص جزء من عمل نثري أعمل على إنجازه بعنوان تعاويذ الطريد – حكايتي وحكاية أحدهم.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *