وأنت تمشي وحدك!

خاص- ثقافات

*عمر ح الدريسي

وأنت تمشي وحدك على الشاطئ

تبدو مُختالا هادئ الخُطى

كما سطح البحر، والمد والجزر

وتلاقح زرقة السماء وزرقة الفناء…

تتناطح الأمواج عن بعد وفي الأعماق

كما تتناطح الذكريات البعيدة

 وتتقاطع الجراح، وتُهسهس في قلبك، ومن الأعماق!!..

وأنت تمشي وحدك بالشارع ليلا

وتحمل الحقيبة بين يديك

كما يحمل الرأس أفكارا، تتصارع أمام عينيك

 وتتنافس حتما على قتل أعصابك

وكل ذالك… لا يُنسيك الخوف من اللصوص

ولا يمنعك من عواء الذئاب من النوافذ

ولا من داخل الجحور ولا من بين الأركان…!!!

وخوفي أكثر وأكثر

عن شعرها المجدول

وعن صوتها الناعم..

الغارق بجداول الدموع

المُنساب من رموشها الطّول

المُزيّن بالكُحل الكستنائي اللامع..

المفروش فوق خدودها القُرمزية

كأنه ثمر شجر الرمان،

قُطف بِكرًا، أول فصل الخريف،

تسألني عن ساعة العُبور

وضوء شاشة الهاتف كأنه رذاذ لعطر جيدها

ونورا يصطفي التّفاح المعلق على صدرها

ويزيد من جمال طرف الحور

ويزيد من يناعة أحمر الشفاه، حُمرة الورد الآجوري

حُمرة تُعمق من زينة ثغر بيض أضراسها

 وتسألني عن الاتجاه وعن المحطة

والوقوف الآمن، لترمش بهدوء رُموش حورها

رمش هدوء جريد النّخل الباسق في أعلى تخوم خضرة الواحات

وعيناها اللازورديتين تسألني

سؤال صفاء اللؤلؤ بين محارتين

وتقول للبحّار الماهر في أعماق البحار

هل من أمان على سطح البحر

بين الحيتان والأسماك

وبين الطيور المِنْقارة والنوارس المِلقاطة

وبين اللاقالق والصقور والنّسور…!!

تـنهَّدت للخيبة التي تسبق الجواب

ولم أتناسى أن أقول لها، كم الأسود يليق بالأنثى

وهذا الأسود.. الآن، كم هُوَ، يليق بك…!!

وقبل أن أسألها والخوف يمتلك فؤادي

أَعبث…. أم قـلة أدب

أَجُبن…. أم شجاعة

فـ سألتها…ما اسمك

كَمَا مُقلتيها الغارقتين بالدموع

كأنها في مزارع حدائق بابل الغنّاء

والفصل ربيع…!!

ظننتها “شاميرام”

فقالت أنا: “عشتار”

وأدركتني قبل أن أتـنفس

أَ أنـت “تموز”

أم أنـت “أنكيدو”

فقلت لها: أنتِ، بنت الطبيعة والأصل والنّظم والجمال

وأنا ظننت نفسي، أعيش زمن عنترة وجميل وجوليييت

والزمن، زمن شعر مدح العُميان، لِـ “أنستغرام” بشَّـار

وإنشاد صناعة ذوق بُؤس جميلات الدولار،

لِـ تغريدات “تويتر/ بلبل” ترامب..!!

فكيف لشاعر من هذا الزمن

أن يسهر الليل بشوق، ويرعى النجوم

يُسائل القمر وحيدا بعشق، وهو يسهد

وكُحل جـمر لهـب مِرود الفـؤاد

ينام، كأنّه ما فعل شيئا، وما كان…

وهو يحرق القلب، قرير العين

 في راحة مُغفيّ الأجفان..!!!

—————————————–

عمر ح الدريسي

للتواصل:  Email: drissi-omar@live.fr

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *