مُطأطئًا يمشي قلبي في جنازتِك

خاص- ثقافات

*آسيا رحاحليه

لا أفهم كيف أفشل في نسيانك، أنا التي أنجح في كل أمرٍ أبدأه فأنهيه كما يليق.. يبدو الأمر صعبا جدا. مؤلما جدا. كمن يضطر إلى المشي فوق الجمر..حافيا.. يقفز بسرعة، يتصوّر أنّه  سينجو و يصل إلى العشب النديّ و لكنه لا يصل، أبدا.
لم نكن على نفس موجة العشق. قلبي ممتلئ بالحب، مثل قلب طفلة في الثامنة، و قلبك مثقوب كشبكة صياد.
كيف تستطيع أن تكون جافا و باردا  إلى هذا الحد؟ أعرف غلطتي. كانت الأضواء الكاشفة لفتنتك ، شديدة التوهّج و قلبي أرنبٌ صغير. أصيب بالعمى. آه لو أنّني سقيتك الحب قطرة قطرة ..لكني أفرغت القنينة السحرية، مرة واحدة  في كأس أحلامك و قتلتك بجرعة مفرطة. كان يجب أن أحتسيك على مهل مثل قهوة فاخرة لولا أنني امرأة عجولة، تريد كل شيء بسرعة. امرأة لا تثق بالغد و لا تحبه .
بيننا الآن عشرون نكسة وبيتٌ وحيد من قصيدة و أنت بعيد كأنك السماء الثامنة. ما زلت أذكر يوم اخترعتك. صنعتك من طين الأبجدية و حين استويت أمامي بكامل عنفوانك، جرّبت أن أنفخ فيك الحب. الحب ؟ ذلك الذي يؤلم دائما، كان أكبر منك.. حطّمك..الحب؟  ذلك الذي يُحدث دائما الكثير من الفوضى و الخراب في انتقاله من القلب إلى الذاكرة إلى النسيان. و تناثرتَ بين يديّ.  تحوّلت إلى غبار. علقت بجسدي. برأسي. بفستاني . بأحلامي..فهل من سبيل إلى التخلّص اليوم منك سوى أن أستحمّ في نهر اللغة؟
في كل صباح، أبدأ من الصفر مشروع إبادتك. أبدعُ كي أقدّمك قربانا لملكٍ يدعى النسيان و لأنني مسكونة بالفن من أخمص عقلي إلى أعلى جنوني، أتفنّن في قتلك.. أجهّز أحدث الأسلحة.. القهوة. الشوكولا. القراءة. الرقص. الماكياج. العطر. التسوقّ. الأفلام. النوم. أحلام اليقظة. الثرثرة. الضحك.. و الكتابة. أكتب  كل يوم ..أكتب أشياء تافهة، غبية، و أحيانا عظيمة. و أكتب لك رسائل حب لن تقرأها أبدا. بالأمس كتبت لك بأني لا أستطيع لقاءك لأني مصابة بالزكام و أخشى عليك من العدوى و كتبت عن رقصتنا الأخيرة ..كانت رائعة رغم أنّك دست على قدمي مرة أخرى.و ضحكتَ و اعتذرتَ و لم أردك أن تعتذر فقد أحببت الألم اللذيذ في قدمي.
في كل صباح، أرتّب حفل تأبينك كما ترتبّ ملكة معزولة حفل تتويجها الذي لن يحضره أحد. أقرا على روحك فاتحة الحب. اهيء لدفنك جيوش الكلمات. تلطم أضلعي، تنزف رئتي، يرتّل دمعي نشيد الوداع، تعزف رموشي لحنا حزينا، و مطأطئا يمشي قلبي في جنازتك.

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *