دقُّ الأبْوَابِ المَحْرُوسةِ

خاص- ثقافات

*عبد اللطيف رعري

من يدق الأبواب المحروسة من يفتحها؟
خلاءٌ في اليمِينِ يعتَرضُني
وصُورتِي تَتلاشَى ببَاطِلٍ أحْمرٍ
بلْ خَلاءٌ آخرٌ في اليسَار….ثم في اليسار خلاءٌ
.. يُمزقُ سِتارَ الليلِ
عن كواكب خُلوتِي
خلاءٌ في خلاءٍ…….
وحيد تركتني العاصفة أحكي مرارتها
وحيد أخيطُ للريح فستانا من ورق
وأرتقُ لها منديل البُكاء حين تغفُو أكثر من زمنها
أتربصُ دُموعَها لأصلَ جوفَ مغَارتِي
فمواقيتُ الصّلاة بيد الشّمس
وتيمُّنِي بقُدسيةِ السماءِ قَد تمحُوه كبوتِي علِى الندّى
الرعشة رفيق غُربتي..
الرعشة رفيق وحشتي…
الرعشة تسكن الأيادي وتُراقصُها
من يدق الأبواب المحروسة من يفتحها؟
وبُعدُ المسَافة للحيرة…… وما تبقى من ماء العيُونِ
كافٍ للاستحمام…
كافٍ لكتابة آخر الآياتِ حتى مَجرى النهرِ….
من وَطأةٍ لوطأةٍ…
تضيعُ العلامَاتُ وتزول التباشِيرُ
ويتْبعُني هَولُ البِعادِ علَى صَهوةِ طيفٍ أعْورٍ
يتحسَّسُ الغابةِ بميلِهَا جِهة البحْرِ
كالمذعُورِ يتغنَّى بالرّجْفِ والصّفيرِ
على أهْدابِهِ القصَبيةِ يقرَعُ ضَنكَ  السِّنيِن
ويَرْمِي اليمِين بالقُبلِ..
ويرمِي اليسَارَ بالهُبلِ…
وَحيْثُ يَكُونُ هَزِيمَةٌ وشَلَلٌ….
من يدق الأبواب المحروسة من يفتحها؟
سُبحانَ مَن غيّرَ وَبَدّلَ
وأحَاطَ الفِجَاجَ بالنُّذرِ والعِبرِ
فَعَمَّرَ الخَلقُ وَكفَرَ
وصَفا الجَوُّ ثم سَار عَكر….
خلاءٌ يلِيهِ فِي عُلياءِهِ صَقر …
تأخُذُني صَدَماتِي لضَحْلِ النَّزواتِ
وتُزَاحِمُني أوتارِي بالشُرودِ وورْطَتِي في الهفَواتِ
وما لَهَانِي عَن ألحكْيِّ نيفٌ فِي الخطواتِ وسبقٌ للكلمَاتِ …
تأخُذنِي قهقهاتِي البارِدةِ
لبياضِ الثلجِ فأحتمِي فِي غُلتِي …
فصَدَفتِي عَاريةٌ كصَحراء ٍأنا قَاصِدُها
لأنسُج وظِلالِي الهَاربةِ مِن حَرِّ الحَريقِ
خَرقَةٌ بكُل الألوَانِ ليَومِ الشّتاتِ
فالأبْوَابُ التِّي أدُقُها مَحْرُوسَةٌ بالنَّظراتِ
وكم أعْدَدْنَا مِن هيَاكِلٍ مُدجّجةٍ بالمَيِالِ
وقلبِ العُيونِ …..
وكم جَهَّزْنا بطَائِنَها بالأسْوارِ الخالِدةِ لليومِ الملعُونِ
أهلها عِظَامٌ شِدَادٌ لا يدْرُونَ سَلاَمَا
يمشُونَ فِي الأرْضِ هَلَعاً
لا ينامُونُ إلّا ظُهرًا ثم لا قِياما
فمن حلَّ غَريبًا بينهُم جَهْرًا
أغرقُوهُ طُهْرًا
ومن خَابَ ظنُّهُ أنَاطُوهُ قهرًا وغَدرًا  ….
الأبوابُ التِّي أدقُها مَحروسَةٌ… جَبَّار ٌ عَاصِمُها….
حِكْمتهُ الدهَاءَ حتّى سُقُوطِ الإبرَاءِ …
.حُجَجُه بترَاء لاتَرَىُ فِي الله قدْراً….
فالِّريحُ وحدَها مَيَّالةٌ كَما تشَاء ُ…
.الرِّمالُ تتساقطُ حَبَّاتٌ ….كمَا لا تَشَاءُ
الأسوارُ تخِرّ تِباعًا…تَشاءُ أو لا تَشاءُ
والشِّدادُ
جَماجمٌ نَلمُّها فِي أكْمامِنَا….
والعَتَّاد ُيأكُلهُ صَدأُ  الذُهُولِ تحتَ أقدامِنا…
والأبوابُ المحْرُوسةُ أنا داخِلُهَا….
فمنْ سَلِمَتْ يدَاهُ فَيَدِي مَمْدُودَةٌ ..
ومَن قَلَّتْ نَوايَاهُ فذَاكَ البحْرُ جُرَعًاً تتَسَنَّاهُ…
أنا أدُقُ أبوابًا مًحروسةً سَارَ لِي مِفتاحُهَا…
فمنْ يمْتَطِي هولَ الفَيَافِي وَتُجنُّ عَينَاهُ …
أنا أقُرِّبُه لِضِفةِ الأمَانِ..
فمن يدخُلُ الأبوَابَ المحْروسَة الآنَ فَهِي آمِنَةٌ..؟

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *