حوارات العرين… القاصة زلفى أشهبون

خاص- ثقافات

حوار : ميمون حـرش

إذا سألتموني عن ” الأنفة” أقول لكم : هل تعرفون زلفى أشهبون؟”
زلفى شهية في الحرف، وقوية في الموقف، وبين الحاليْن هي  صوت ريفي أصيل ، كشفت مؤخراً عن قدر كبير من الألق في كتاباتها، واستطاعت أن تجعل أعناق القراء المارين السرعان تلتاع لها ، يبطلون” رياضتهم” لحظاتٍ، وربما أكثر، للسؤال عن هذا الوجه الجديد في الساحة،

والمتألق في مجاليْ الإبداع والإعلام..

في نصوصها زخم من المواقف الإنسانية ، وإلى جانب “المظلوم”  تركن ، تحمل قلمها الفياض ، تنتصب أمام الورقة البيضاء ،ولا تعترف بعلامة ” قف”  أمام خدمة ” الإنسان” سواء في مجال الإعلام، أو القصة ، الشعر، أو.. ، كلما قرأتُ لها خرجتُ بانطباع أثير : ” إنها ريفية طالعة من بحر أزرق سبحت فيه جداتنا الأصيلات”..

    حاصلة على إجازة في التسييرالمحاسباتي والمالي ، ودبلومٍ في البرمجة المعلوماتية؛أصدرت “جداريات” في القصة القصيرة جداً، ولها أعمال مشتركة في السرد: ” أنامل ريفية” ، و” أقواس قصصية” ، وفي الشعر ننتظر ديوانها:”همس المرايا”..

 أهلا بك زلفى في ” العرين”..

س- ماذا تضيفين للقراء فيما تودين أن يعرفوه عنك؟

ج- بعد تقديمك الجميل أستاذي، أضيف أنني ريفية من أقصى شمال/شرق المغرب من الناظور الحبيبة، ومن أسرة محافظة.. تربطني بالقلم علاقة السمك بالبحر.

س-” زلفى” ، هذا الاسم الجميل ، ما قصته؟

ج- لاسمي قصة جميلة جدا، واسمي أجمل بكثير ههه..

حكى لي والدي أنه في فترة شبابه سلّمه أحد أصدقائه كتاباً للأسف لا يذكر اسمه وكاتبه، لكنه يحفظ جزءا كبيراً من الأحداث التي سردت فيه، ولأنه مرّ زمنٌ على ذلك لا يتذكر والدي إن كان متن الكتاب في التاريخ أم في الإبداع. وعما جاء فيه يتذكر حرب فتح اليمن الكبرى، ومن المشاركين فيه كانت فتاة اسمها “زلفى” كانت محاربة ومسعفة في الآن نفسه، شاركت مع والدها في الحرب، ونظراً لدورها أحب والدي شخصيتها وقوتها في الوقوف أمام العدو والمشاركة إلى جانب الرجل في الحرب. وبعد انتهائه من الكتاب همس لنفسه “حين أتزوج سأسمي ابنتي الأولى “زلفى”، مع مرور الأيام وفي “المسيد” حيث تعلم القرآن وحفظه كان تفسير كلمة “زلفى” يستوقفه مراراً في الآية 25 من سورة “ص”: (فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ ۖ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ) صدق الله العظيم. و زلفى هنا بمعنى المنزلة والقرابة أي أن منزلة سيدنا داوود عظيمة عند الله عز وجل وأنه سيكون يوم القيامة قريب منه.

وهنا تشبث والدي بالاسم أكثر، وبعد أخي محمد وعبد المجيد جاءت أختي ورفضت إحدى عماتي المدللة أن يسموها “زلفى”، واقترحت زكية، فجئت بعد عام وكنت زلفى دون نقاش ههه.

فخورة باسمي كثيراً، والأكثر من ذلك أحس أنه يتجدد كلما سألني أحد “ماهذا الاسم الجميل؟” أو “من سمّاك؟” أو”والدك أحسن اختيار الاسم”.. أظن أنه لن يشيخ وإن متّ.

س- في وقت قصير استطعت بكتاباتك، وحتى مواقفك، أن تلفتي الأنظار إليك، هل هو حب الناس أم رضى الوالدين ، أم هناك سر ثالث؟

ج- اسمح لي بإعادة ترتيبها على النحو التالي: رضى الوالدين، صدقي، حب الناس وربما لاسمي دورٌ أيضاً.

س- تقسمين وقتك بين الإعلام، والكتابة الإبداعية.. كيف يخدم المجالان زلفى الإنسانة والقاصة والشاعرة؟

ج- لا أخدم نفسي من خلال كتاباتي الإبداعية أو الإعلامية، حتى أن الأخيرة كثيراً ما تُنشر دون اسمي ولا يزعجني الأمر أبداً، بالعكس آمل أن يوحد كُتاب المدينة حبرهم من أجل مصلحة الناظور بعيداً عن الأنا.

أما القسمة الصحيحة فإنني أقسم وقتي بين عملي كمحاسبة وكاتبة،هما مجالان لا يلتقيان إلا في حمل القلم.

وعن زلفى الإنسانة فإنني أجدها في الكتابة حيث تُعاش الحياة بحلوها ومرها.

س- على ذكر الإعلام كنتِ قد شرعت في سلسلة مهمة: “ضيف من أهلنا” فيها تُعرّفين حملة الأقلام  في الجهة الشرقية وخارجها.. ولكنك، بعد الوقوف عند شخصيات قليلة، توقف العمل .. ما السر زلفى؟

ج- “ضيف من أهلنا” عنوان سلسلستي التي توقفت(مؤقتاً) عن نشرها بعد أسماء قليلة كما ذكرت في سؤالك، والحقيقة أنها أسماء كثيرة تلك التي سطّرتها في لائحة الضيوف الذين عزمت على التعريف بهم وبإبداعاتهم.. ولازلت أسجل في مذكرتي الخاصة أسماء تستحق أن يقرأ لها وأن تسلط عليها الأضواء وتشارك في الأنشطة الثّقافية التي تقام في المدينة.

نعم توقفت السلسلة بسبب ضغط العمل وضيق الوقت وانشغالي بأمور تخص متابعة الدراسات العليا وغيرها.. لكنها حتما ستعود، وسأنطلق من الاسم الذي توقفت عنده وهو فنان كبير على قدر عال من الثقافة العالمية، له أعمال رائعة جداً، تم تكريمه عدة مرات خارج وطنه لكنّ القليلين يعلمون أنه ابن الريف ومن أهلنا.. وقد عاهدت نفسي أن أقدمه رغم أنّ أعماله عرّفت به.

س- زلفى الصِّحفية، أم زلفى الشاعرة، أم زلفى الإعلامية.. ماذا تفضلين أن نناديك؟

ج- زلفى أشهبون.

س- لك في القصة القصيرة جداً أضمومة “جداريات”كتب تقديمَها الدكتورُ الكبير فريد أمعضشو، وفيه يقر بأن المجموعة تؤكد “ريادة الناظور” في مجال القصة القصيرة جداً..أعتبر هذا إعجاباً بالأضمومة، وتصريحاً له قيمته ،وإلاّ لما اختار مناسبة صدور ” جداريات” لمثل هذا التصريح الجميل .. ما تعليقك؟

ج- جدارياتي لم تحضَ بالتّقديم فقط من الدكتور فريد أمعضشو، بل وبالاهتمام والتصحيح والتنقيح وسأظل أشكره على صنيعه ماحييت ؛لأنها تجربتي الأولى ،ولأنه أخذ بيدي لأسجل وبقوة اسمي بين المبدعين في القصّ القصير جداً، وكذا لنخبر كل مهتم بهذا الجنس الأدبي أننا في الناظور نحقق الريادة.

س-“جداريات” مختلفة عن مجموعات كثيرة اطلعتُ عليها في القصة القصيرة جداً، بل وحاورتُ ” بعض” أصحابها، وإذا استثنينا القاصة رامية نجيمة ، أقر مطمئناً بأن جل النصوص –  فيما قرأت- مُسيجة بِـ “علاقة الرجل بالمرأة”؛ على غرار أضمومتك، فيها تنوع لافت في الطرح، وعلى قدر كبير من الوعي بمستويات صراع الإنسان في الحياة اجتماعياً، وثقافياً، وسياسياً،واقتصادياً،…

هذا التنوع في التيمات هل لعملك الصِّحفي دخل فيه، أم هناك أشياء أخرى؟

ج- في مجموعتي “جداريات” نصوص شاركت بها في مهرجان جسور في دورته الثالثة سنة 2014، كانت أشبه بصرخات اجتماعية، ثقافية، سياسية وصحية… وهي أولى محاولاتي السردية وأول مشاركة لي في مهرجان ثقافي، لم أكن حينها مشرفة على الملحق الثقافي في الموقع الالكتروني “مازوجة سيتي.كوم”، وأقرّ أن هذا التنوع لم يكن محض صدفة بل عن إصرار وقصد.. لأنني أعتبر الكاتب حامل همٍ ومسؤول عن نفسه وأهله ومدينته ووطنه.. وفرصة إلقاء النص أمام جمهور غفير لا تتكرر دائماً، لذا أحرص على انتقاء الرسالة التي سألقيها من خلال قصة قصيرة جداً.

والتنوع الذي جاءت به جدارياتي هو ملخص واقع عشته، تخيلته، عاينته وصوّرته.. وهذا ما أشرت إليه في كلمة قصيرة جداً على ظهر الغلاف.

وفيما يخص ثنائية المرأة والرجل فأنني أكتب عنها من خلال نصوصي الشعرية خاصة.

س- من النصوص الجميلة في ” جداريات” /جزاء/ ص 25،و/ ترابط/، ص 29، و /نضال/ ص 33، و/ العيد/ ص 34.. على سبيل المثال لا الحصر..
كيف تشتغلين على دبج نصوصك القصيرة..
وكم من الوقت، صراحة، تستغرق منك “قصة قصيرة جداً”، وهل هو كافٍ هذا الوقت لنظم قصيدة شعرية؟

ج-  القصة القصيرة جداً كأي مولود إبداعي يحتاج إلى زمن غير محدد ليكتمل ويولد، وبين المرحلتين الأخيرتين مخاض يختلف من نص لآخر..

أما القصيدة الشعرية فمخاضها غالبا ما يطول وولادتها تكون عسيرة.

س- نصك ” ركب” ص 27 :

[ نطقوا بما ضاق بهم لحظة بوح..
على مكتب الرئيس، نفث الغير قولا غير القول.
شدت القافلة رحلًها.
عوت الكلاب : إلى أين المسير !!]

 فيه بعض من زلفى، يبدو لي أنه صدر عن معاناة شخصية.. هل أنا مصيب أم هو مجرد سين جيم ” العرين”؟

ج- لن أدرجه ضمن خانة المعاناة التي يعيشها الإنسان طيلة مشوار حياته، لكنها تجربة مرّت كشفت لي عن حقيقة بعض من حسبتهم أصدقاء وإخوة وكانوا للشياطين إخوانا.

ما أقسى خيانة الأصدقاء !.

س- طيب ما دلالة الرقم 96 في نص ” تفانٍ” ص 30، ولماذا تحديداً هذا الرقم بعينه؟:
[أحبته سائقاً لسيارة أجرة..
كلما أرادت لقاءه ادعت التسوق..

مر منها الكثير دون أن تستوقف إحداها..
وقفت أمامها سيارة تحمل رقم 97
همست لنفسها : ليتها 96 !]

ج- ربما كان بالإمكان أن اختار رقماً آخر اعتباطياً ما دام رهان النص ورسالته لن يتغيرا بتغيره، غير أني آثرت أن أختار الرقم 96 بحكم أنه ذات ترقيم سيارة أجرة الصديق و زميلي في الجمعية عثمان أشوخي ، الذي لا يدخر جهداً في الدفع برابطة الكتاب الشباب بالريف لتسير قدماً نحو التميز، وسيارة أجرته 96 عاشت معنا لحظات الاستعدادات لمختلف الأنشطة التي نظمناها وبالأخص المهرجان الأول للمبدعين الشباب. والنص في صيغته الأولى كان على غير ماهو عليه، قبل أن أغير الرقم إلى 96 والعنوان إلى “تفان” كدلالة على انخراطه وتفانيه في خدمة الشأن الثقافي المحلي و الرابطة خاصة.

س- هل لترتيب النصوص في “جداريات” قيمة ما ، أو حكمة، أم هو مجرد توزيع لا يراعي “صحواً” ولا “مطراً” ههه؟

ج-  كان تلقائياً.

س- تضم “جداريات ” ثلاثاً وستين قصة قصيرة جداً،وإذا استثنيتا اثنتيْ عشْرةَ قصة وهي (الفوز العظيم-  بعد الستين- فيض من غيض- الزواج المبكر- اللوحة الإلكترونية- رفيق ليلتي- فاعل خير- الربيع العربي- ربيع عمري للبيع- السوق الأسبوعي) نلحظ أن اهتمامك بالعنوان ” المفرد” طاغٍ ولافت ؟ لماذا هذا الاختيار ؟

ج-  العنوان “المفرد” هو عنوان قصير جداً كالقصة تماماً، لكنه يحمل شيئا أو كل شيء من المتن.. ويبقى خير الكلام ما قل ودل.

س- قصة ” شاعر” ص 64 رائعة، وشائقة، وأعتبرها أيقونة ” جداريات” :
[ نظم حفلا على شرف ديوانه
سألوه عن القصائد..
نطقت البطلات : ” لم يكتبها” !]

ما أسوأ أن تفضح أصحابَها النصوصُ؟، ولكم سيء أيضاً أن تخذلنا مواقفنا؟
حدثيني عن هذا االنص الجميل  تحديداً؟

ج-  قصة “الشاعر” كانت مناسبتها حضوري افتتاح المهرجان الدولي للشعر الذي يقام في الناظور، حين خانت الفصحى صاحب الكلمة.

فعلا، ما أسوأ أن يفضحنا ديواننا الوحيد.

(شغبي لا يعترف ب “قف”.. ههه).

س- كُرمتِ في وجدة رفقة القاص محمد خالدي ،ولقد أطر اللقاءَ الدكتور الوارف مصطفى سلوي ، بحضور أسماء وزانة في ميدان القصة .. كيف كان اللقاء ، وماذا أضفت في زوادتك وأنت عائدة غانمة من هذه الزيارة ؟

ج- في مقهى أرابيسك الأدبي بوجدة، ترأس الدكتور بوشعيب بنيونس لقاء بنكهة المودة، فبالإضافة إلى المشرفين على المقهى شاركنا الحفلَ دكاترة وأساتذة وشعراء وأصدقاء من المدينة وآخرون سافروا من مدنهم إلى وجدة ليفاجئونا بالحضور، وأجمل مفاجأة كانت حضور أساتذة أصدقاء من الحقل الثقافي والإعلامي بالناظور.

وعن التأطير فقد شاركت الدكتورة جميلة الرحماني بقراءة نقدية في المجموعة القصصية “يحكى أن..” وهي كما تعلمون للقاص محمد خالدي، في حين شارك الدكتور مصطفى سلوي بقراءة نقدية لمجموعتي “جداريات” وقد فصّلها تفصيلا نصاً نصاً، بل وأدهشني بملاحظات قيمة أضفت على قصصي جمالاً وبدت أكثر إتقاناً وإلماماً بقواعد السّرد القصير جدا… وقف عند كل صغيرة وكبيرة في جدارياتي، وقراءته لبعض النصوص أصابت الكثير مما قصدته، بل واستطاع من خلالها الكشف على طريقة تعاملي مع النّص صياغة وحبكة وقفلة.

من وجدة دائما أتعلم، فبعد سنوات دراستي الجامعية، ويوم استضافني المقهى الأدبي تعلمت أن مسافة ساعة ونصف من الطريق يمكنها أن تكون أحنّ على قلب شباب مبدع.

22

س- أسجل إعجابي بنصرتك لشباب مدينتك، ودعمهم مادياً ومعنوياً من أولوياتك.. هذا الاهتمام تترجمه مواقفكم، و أنشطتكم الرائعة في ” رابطة كتاب الشباب بالريف”، فلا صُم صداكم أبداً.. ماهي  الإكراهات  التي تواجهونها في الرابطة؟

ج- قبل أن أتحدث عن الإكراهات لابد من التعريف ب “رابطة كتاب الشباب بالريف”، هي جمعية شبابية تأسست سنة 2014 لإغناء المشهد الجمعوي الثقافي بالريف خاصة والمغرب عامة. وذلك من خلال تنظيم أنشطة ومعارض ثقافية، خدمة الثقافة الأمازيغية، تنمية المواهب الفردية والإبداعات الفنية والثقافية، مد جسور التواصل والتعاون مع الجمعيات والجهات المهتمة بالتنمية الاجتماعية، تشجيع الأعمال التي تخدم مصلحة الوطن والأمة… هذه الأهداف لا تتحقق إلاّ بالعمل الجاد والتسيير المحكم، وشباب الرابطة أبانوا عن قدر كبير من المسؤولية ووعي تام بمهمة لم شمل المبدعين في المدينة أولا ثم الريف ثانياً والمغرب عامة.

لا يخفى عنكم ما تعيشه أي ساحة ثقافية من مشاكل فرض الأنا وغياب الدّعم المادي والمعنوي من طرف المسؤولين، ومشاكل حجز القاعة والطّبع وغيرها من المصاريف.. وفي الرابطة نسجل وبكل فخر المجهود الذي يقوم به أعضاء المكتب المسير رغم فقر المادة وغياب فضاءات ثقافية خاصة تفرضها بعض الأنشطة كالمائدة المستديرة والندوات واللقاءات والمسرحيات و.. و…

ولا أخفيكم أن أنشطتنا تعتمد بالأساس على الدعم الذاتي و المؤهلات المهنية للأعضاء، فمنا من يتكلف بالتصاميم ومن يتكلف بالتنقل و آخر بالإجراءات الإدارية والتحضيرية والمحاسباتية والإعلامية وهكذا… أما التكاليف المادية فالإخوة لا يتوانون عن ضخ المساهمات كلما اقتضى الأمر ، ومن هنا أحيي كل واحد منهم تحية إكبار وعرفان لمجهوداتهم ولحمتهم خدمة للثقافة وخدمة للناظور.

س- المنجز الإبداعي في القصة القصيرة جداً بالناظور  ولج رحاب الجامعة  من خلال بحوث جامعية لشباب اختاروا أسماء مبدعين من الناظور لنيل شهادة الإجازة.. ما رأيك في هذا الحراك الثقافي لشباب باتوا يردون الاعتبار لمبدعين ناضوريين، عاشوا في الظل رغم إسهاماتهم ؟

ج- في الناظور مبدعون يستحقون هذه الالتفاتة وأكثر، وهي خطوة تعني الاعتراف بهم وبإبداعاتهم سواء الأدبية أو الفنية، وأعتقد أن الفضل هنا يعود من الدّرجة الأولى إلى الحراك الثقافي الذي عرفته المدينة قبل سنوات والذي كشف عن أسماء عاشت في الظل فعلا وأسماء انطلقت من فوق خشبة المهرجانات، وهنا أسجل اسمي كقاصة بدأتْ مشوارها السردي من المهرجان الثالث للقصة القصيرة جداً والذي تشرف عليه جمعية جسور وكان لأستاذي ومحاوري ميمون حرش الفضل الأكبر بعد فضل الله علي.

ومن خلال مهرجان جسور و مبادرات الجمعيات الأخرى التي فتحت أنشطتها المجال للمبدعين بعرض منتجهم السردي، حصلنا على تراكم للإصدارات السردية خاصة القصيرة جداً، وخول لمبدعينا البروز بشكل لافت شدّ انتباه الطلبة الباحثين في رحاب الجامعة، فالحراك الثقافي دائماً ما يولد الطفرة.

ونتمنى أن يحظى الشعر بذات الاهتمام الجامعي ولو أن مهرجان الشعر الدولي بالناظور الذي تنظمه إحدى الجمعيات المحسوبة على المدينة والتي لا تنشط إلا من خلال هذا المهرجان، لا تفتح المجال أمام شعراء المنطقة ما يفسر غياب تراكم الدواوين وبالتالي قصور في الدراسات الجامعية.

وهذا مشكل حقيقي نتناوله في الرابطة و لنا رؤية سنحاول تصحيح الوضع من خلالها ونسأل الله التوفيق والسداد.

س-  كيف حال النقد معك زلفى؟

ج- ماعدا قراءة الدكتور مصطفى سلوي لمجموعتي “جداريات”، أقول إنني مستاءة من موضوع النقد جداً جداً.. ولست الوحيدة، فمن خلال تتبعي لسياسة النقد/المصلحة التي ينهجها معظم نقادنا فإن إبداعات الشباب مقصية تماماً من قراءاتهم ربما لغياب المصلحة هنا.

فما معنى أن يعج الناظور بنقاد كثيرين لا يواكبون الإنتاجات الإبداعية المحلية ليس عبر النشر الورقي في الجرائد فحسب بل حتى في الفضاء الأزرق بالفايسبوك، في حين أنهم يقتصرون على القراءة المدرجة في الإصدارات أو بحفلات التوقيع. وهنا أقترب لأهمس لهم “لاتستهينوا بأهمية المواكبة في العالم الافتراضي ،لأنها تفتح فضاءات أرحب”، وأستشهد لهم -هنا- بكتابات الأستاذ الخضر التهامي الورياشي الذي أخذ التجربة على تنوع المواضيع التي طرحها، رسم اسمه على امتداد الفضاء الأزرق فتمكّن المبدع من معرفة خصوصية طرحه ولو أنه ليس بناقد إلاّ أنه خرج من بوثقته لينفتح على العالم، ماجعله يقدّم لبعض الإصدارات.

فهل سيأخذ نقادنا هذه التجربة..؟ ربما !!

وفي غياب ذلك سأكتفي بالقول إننا نكاد نجزم بعدم وجود النقد الجاد والبناء.

س- لمن تقرأين في القصة القصيرة جداً من جيلك ؟ وما رأيك في النصوص عموماً في هذا الجنس؟
ج- قرأت للقاصة نجاة قيشو، أحب نصوصها التي تطرح مواضيع اجتماعية مهمة، وأحب قصصها القصيرة أيضاً.

أقرأ للقاصة رامية نجيمة، تنفرد بأسلوبها الجميل في كل كتاباتها سواء كانت قصصاً قصيرة أو يوميات أو مقالات.

أقرأ للقاص محمد خالدي، أعتبره من المتمكنين من هذا الجنس خاصة، وأشهد على اجتهاده في قراءة وتحليل ونقد النصوص، وإبداعاته تتحدث عنه.

أقرأ بعض النصوص لأصدقاء على صفحات التواصل الاجتماعي فايسبوك.

س- ماذا في الأفق ؟ ماذا سنقرأ لك غداً؟

ج-  قريباً سيصدر ديواني “همس المرايا” الذي أحببت أن آخد وقتي في التحضير له، وقد قررت أن أكتفي فيه بكلمة واهداء دون تقديم. وهناك مشروع ديوان جماعي سيرى النور قريباً.

في مجال السّرد تفرغت مؤخراً لكتابة قصص قصيرة ستكون ضمن إصدار قصصي ثان سيكون بإذن الله أنضج بعد تجربتي الأولى “جداريات”.

س- شكراً على صبرك زلفى، كلمة أخيرة رجاءً..

ج- هل تكفي كلمة “شكراً” في حقك أستاذي؟

أسعدتني بحوارك وأسئلتك وتطرقك لجوانب أعتبرها مهمة انطلاقاً من قصة اسمي وصولا إلى ما في الأفق بإذن الله.

شكراً لك بحجم حبي لك ولأسرتك الكريمة.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *