فى منتصف الليل تقريبا اتصلت بي أمي ، قمت من جوار زوجي وأنا أخشى أن يصحو ويستمع إلى ما تقوله عنه ، فى المرة الأخيرة قالت عليك أن تتخلصي من هذا الوغد وأنا فى الواقع لم أجد مبررا أبدا لكراهية أمي لزوجي ، ولكننى فى الوقت ذاته لم أشعر أبدا أن زوجي يحب أمي . فهو يتحدث عنها كما لو كان يتحدث عن أى شيء ينبغى التخلص منه أو وضعه فى مكان آمن كى لا يؤذى أحدا . بعد أن انتهيت من الرد على مكالمة لأمي أمس عدت إلى السرير وحضنت زوجي من الخلف ، ربما لأعتذر له ، لدهشتى كان متيقظا ، قال :
– لماذا تتصل أمك فى هذا الليل المتأخر ؟
– إنها الوحدة يا حبيبي .. تعرف منذ وفاة أبى وهى تعيش وحدها .
كنت أحاول إيجاد مبرر لاتصالها المتأخر ، مع أننى فى الواقع لست مقتنعة بهذا التبرير . قال وكأنه يقرأ أفكارى
– لماذا لا تتزوج .
– تتزوج ؟
– نعم .. أعتقد أن هذا علاج شاف .
قلت معترضة وأنا لا أتخيل رجلا آخر مكان أبى .
– أمي ليست مريضة
– لم أقل إنها مريضة . ولكن الزواج سيجعلها على الأقل لا تتصل فى هذا الوقت المتأخر من الليل .
لم أقل شيئا ، يبدو أننى كنت أدرس هذا الاقتراح من زوجي ، بيد أنه فاجأنى ضاحكا :
– ولربما ترضى عنى .
– قلت ماذا ؟
ـ- ترضى عنى ، تكف عن كراهيتى .
قلت مدافعة عنها :
– ولماذا تكرهك . أمي لا تكرهك .
فقال :
– ـ على أية حال أنا لا أكرهها .
وكنت أعلم أنه لا يكرهها على الأقل من أجلى ، ولكنى متأكدة أنه لا يحبها . لكن من يطيق أمي حتى يحبها ، لكم اشتكى أبى منها .
فى الصباح استيقظت ، تحسست المكان الخالى بجوارى ، أين ذهب زوجي ، سمعت صوتا فى المطبخ ، إنه حديث هامس وليس صوت البراد أو نار الطباخة أو صوت الماء الساقط من الحنفية ، إنه صوت زوجي يتحدث إلى أحد ، تسللت وسرت على أطراف أصابعى إلى المطبخ ، وقفت فى مدخل الباب ، كان زوجي يضع السماعة وهو يضحك هذه المرة ، كأنه يتحدث إلى نفسه :
– ألست على حق ؟
لاحظ زوجي وجودى لأول مرة ، فوجه لى السؤال :
– ألست على حق ؟
قلت :
– أى حق ؟ ومع من كنت تتكلم ؟
فقال ضاحكا :
– مع ماما
قلت فى تحفز:
– وما الذى يضحكك ؟
قال فى هدوء :
– لا شيء . علينا أن نساعد أمك فى اختيار زوج مناسب لها .