الزوج المناسب

خاص- ثقافات

*د. محمد عبد الحليم غنيم

    فى منتصف الليل تقريبا اتصلت بي أمي ، قمت من جوار زوجي وأنا أخشى أن يصحو ويستمع إلى ما تقوله عنه ، فى المرة الأخيرة قالت عليك أن تتخلصي من هذا الوغد وأنا فى الواقع لم أجد مبررا أبدا لكراهية أمي لزوجي ، ولكننى فى الوقت ذاته لم أشعر أبدا أن زوجي يحب أمي . فهو يتحدث عنها كما لو كان يتحدث عن أى شيء  ينبغى التخلص منه أو وضعه فى مكان آمن كى لا يؤذى أحدا . بعد أن انتهيت من الرد على مكالمة لأمي أمس عدت إلى السرير وحضنت زوجي من الخلف ، ربما لأعتذر له ، لدهشتى كان متيقظا ، قال :

– لماذا تتصل أمك فى هذا الليل المتأخر ؟

– إنها الوحدة يا حبيبي .. تعرف منذ وفاة أبى وهى تعيش وحدها .

كنت أحاول إيجاد مبرر لاتصالها المتأخر ، مع أننى فى الواقع لست مقتنعة بهذا التبرير . قال وكأنه يقرأ أفكارى

– لماذا لا تتزوج .

– تتزوج ؟

– نعم .. أعتقد أن هذا علاج شاف .

قلت معترضة وأنا لا أتخيل رجلا آخر مكان أبى .

– أمي ليست مريضة

–  لم أقل إنها مريضة . ولكن الزواج سيجعلها على الأقل لا تتصل فى هذا الوقت المتأخر من الليل .

لم أقل شيئا ، يبدو أننى كنت أدرس هذا الاقتراح من زوجي ، بيد أنه فاجأنى ضاحكا :

– ولربما ترضى عنى .

– قلت ماذا ؟

ـ- ترضى عنى ، تكف عن كراهيتى .

قلت مدافعة عنها :

– ولماذا تكرهك . أمي لا تكرهك .

فقال :

– ـ على أية حال أنا لا أكرهها .

وكنت أعلم أنه لا يكرهها على الأقل من أجلى ، ولكنى متأكدة أنه لا يحبها . لكن من يطيق أمي حتى يحبها ، لكم اشتكى أبى منها .

فى الصباح استيقظت ، تحسست المكان الخالى بجوارى ، أين ذهب زوجي ، سمعت صوتا فى المطبخ ، إنه حديث هامس وليس صوت البراد أو نار الطباخة أو صوت الماء الساقط من الحنفية ، إنه صوت زوجي يتحدث إلى أحد ، تسللت وسرت على أطراف أصابعى إلى المطبخ ، وقفت فى مدخل الباب ، كان زوجي يضع السماعة وهو يضحك هذه المرة ، كأنه يتحدث إلى نفسه :

–  ألست على حق ؟

لاحظ زوجي وجودى لأول مرة ، فوجه لى السؤال :

– ألست على حق ؟

قلت :

–  أى حق ؟ ومع من كنت تتكلم ؟

فقال ضاحكا :

–  مع ماما

قلت فى تحفز:

–  وما الذى يضحكك ؟

قال فى هدوء :

– لا شيء . علينا أن نساعد أمك فى اختيار زوج مناسب لها .

فقلت فى ارتباك هذه المرة :

– زوج مناسب ! هل قالت لك حقا أنها تريد أن تتزوج ؟

تجاهل سؤالى وقال :

–  ما رأيك فى أبى؟

ضحكت ، ثم اقتربت منه وأنا أقول :

– ألن يكون مثلك ؟

ضحك هو أيضا وضمنى إليه بقوة .

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *