فِي الْجَبَلِ

خاص- ثقافات

أَرْتُورُو بَارِيَّا أُوغَاثُونْ*/ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**

   لقد حدث هذا في الخريف الأول من الحرب.

   كان الفتى – ذو العشرين ربيعا – ملازما بينما كان الأب جنديا، و بالتالي ليس بمقدوره أن يهجر الابن. أُصيب هذا الابن بطلقة نارية في الجبل فحمله الأب على كتفيه. لقد سددوا إليه طلقة نارية مميتة. لم يعد بإمكان الأب العدو فجلس و حِمْلُهُ بجانبه.

– أنا أحتضر، يا أبي، أحتضر.

   نظر الأب إلى جرحه بهدوء بينما كان العدو يقترب. أخرج المسدس و قتله.

   في صباح اليوم الموالي، خرج على رأس فرقة استطلاعية فاستعاد جثة الابن المتروكة لحالها وسط الصخور. حمله إلى الموقع ثم لفُّوه في راية ثلاثية الألوان و واروا جثمانه التراب.

   عاين الأب عملية الدفن. كان رأسُه مكشوفا عندما كانوا يُهيلون كتلَ التراب المتصلبة من شدة الصقيع على جثمان الابن.

   كان الرأسُ أصلعَ، لامعا مع دُويئِرةٍ من الشعر الأبيض في أسفله.

   بنفس المسدس جعل غطاءَ هذَا الصلعِ اللامعِ يطير.

   بقيت دُويئِرةُ الشعر الأبيض تحيط بثقب مخيف من الدم و المخ.

   واروا جثمانَه الترابَ بجوار الابن.

   كانت شدةُ برودةِ الجبل تدفع الرجالَ إلى البكاء.

*القصة في الأصل الإسباني:

En la sierra

  Esto fue en el primer otoño de la guerra.

  El muchacho -veinte años- era teniente; el padre, soldado, por no abandonar al hijo. En la Sierra dieron al hijo un balazo, y el padre le cogió a hombros. Le dieron un balazo de muerte. El padre ya no podía correr y se sentó con su carga al lado.

-Me muero, padre, me muero.

  El padre le miró tranquilamente la herida mientras el enemigo se acercaba. Sacó la pistola y le mató.

  A la mañana siguiente, fue a la cabeza de una descubierta y recobró el cadáver del hijo abandonado en mitad de las peñas. Lo condujo a la posición. Le envolvieron en una bandera tricolor y le enterraron.

  Asistió el padre al entierro. Tenía la cabeza descubierta mientras tapaban al hijo con la tierra aterronada, dura de hielo.

   La cabeza era calva, brillante, con un cerquillo de pelos canos alrededor. Con la misma pistola hizo saltar la tapadera brillante de la calva.

   Quedó el cerquillo de pelo gris rodeando un agujero horrible de sangre y de sesos.

  Le enterraron al lado del hijo.

  El frío de la Sierra hacía llorar a los hombres.

*كاتب إسباني متميز. ازداد بمدينة باداخوس في 20 من شتنبر من سنة 1897. انضم إلى الجمهوريين إبان الحرب الأهلية الإسبانية و بعد نهايتها تم نفيه إلى إنجلترا. هو زوج الصحافية النمساوية المسماة إيلز كولكسار و التي ستكون المترجمة الأولى لأعماله إلى اللغة الإنجليزية. و نذكر من أعماله مجموعتيه القصصيتين الموسومتين بالعنوانين التاليين “شجاعة و خوف” الصادرة سنة 1938 و “قارعة الطريقة” الصادرة سنة 1960. لكن العمل الذي جلب له شهرة كبيرة هو سيرته الذاتية الثلاثية الأجزاء والحاملة لعنوان “تشكل ثائر” و الصادرة سنة 1951، بحيث تعتبر من أشهر الأعمال السردية في مجال أدب المنفى.  هذا و قد اعتبرها الراحل غابرييل غارثيا ماركيث من بين أحسن عشرة كتب في إسبانيا بعد الحرب الأهلية. توفي بإنجلترا في 24 من دجنبر من سنة 1957.

**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية – الدار البيضاء -المغرب.

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *