ليلة السباحة

خاص- ثقافات

*جوليا جوردان/  د.محمد عبدالحليم غنيم

تسلط الأضواء على منزل كريستينا من الخارج . فى منتصف الليل ووالداها نائمان ، نافذة حجرة نومها فى الدور الثانى مظلمة . روز فى الفناء الأمامى .

روز : ( تهمس بصوت عال ) كريستينا كريستينا .

( كريستينا ترتدى ملابس نوم تى شيرت ممزق و ملابس داخلية . تأتى إلى النافذة . لم تكن نائمة )

كريستينا : ماذا ؟

روز : اخرجى و تعالى نلعب .

كريستينا : نحن كبرنا جداً على اللعب .

روز : هل تعرفين شيئاً ما ؟

كريستينا : ماذا ؟

روز : لا أعرف ، شىء ما .

كريستينا : مثل ماذا ؟

روز : نذهب إلى تسلق جسر السكة الحديد . نعبر النهر ؟

كريستينا : نحن كبرنا جداً على تسلق جسر السكة الحديد .

روز : نذهب للغطس فى حمام سباحة الرجال ؟

كريستينا : إنه يشاهد دائماً.

روز : هكذا ؟

كريستينا : إنه أمر غير وقور .

روز : سنذهب إلى البحيرة .

كريستينا : سيقبض علينا البوليس .

روز : إنهم غير متواجدين طوال الصيف .

كريستينا : و نحن لم نذهب طوال الصيف.

روز : لذلك لن يتوقعوا وجودنا .

كريستينا : الجو بارد .

روز : ذلك  سيجعل الماء دافئاً ، مثل السباحة فى المخمل .

كريستينا : لا  يوجد هناك حارس للشط .

روز : إذن يمكن لنا أن نسبح بدون ملابس .

كريستينا : ما  لو غرقنا مثل صبى السكة الحديد ؟ سيتدلى جسدانا تحت أغصان شجرة الصفاف فى الماء . و لن يعثر علينا أحد لعدة أسابيع .

روز : لن نقترب على أى نحو من تلك الشجرة .

كريستينا : لكن لا يوجد حارس للشط هناك ..

روز : هل نسيت كيف تسبحين

كريستينا : لا .

روز : هيا نذهب .

كريستينا : أنا تعبانة .

روز : الغطس مثل الاستراحة فى حد ذاتها .

كريستينا : ماذا لو كان  هناك ذلك المغتصب ذو الشارب و العينان الخرزيتان .

روز : إنه فى السجن .

كريستينا : يمكن أن يكون هناك شخص آخر ، المغتصبون ذوو العيون الخرزية بالعشرات  .

روز : الماء معتم ، الليل معتم ، إنه حتى لن يرانا .

كريستينا : سيلمع جلدنا مثل المصابيح بقوة 60 وات فى الليل .

روز : سوف يغطينا الماء .

كريستينا : سوف يلحقون بنا .

روز : لا يستطيع المغتصبون السباحة بشكل جيد .

كريستينا : سوف يمسك بنا على الشاطىء .

روز : يمكنك أن تجرى . ألا يمكنك ؟

كريستينا : لديه سيارة سريعة .

روز : يمكنك أن تختبئى . ألا يمكنك ؟

كريستينا : معه كشافات ليلية ، سوف يعثر على .

روز : يمكنك أن تقاتلى . ألا يمكنك.؟

كريستينا : إنه أكبر منى .

روز : يمكنك أن تصرخى . ألا يمكنك ؟

كريستينا : لن يسمعنى أحد .

روز : سأسمعك أنا . اثنان ضد واحد .

كريستينا : ماذا لو كان هناك اثنان منه ؟ أو ثلاثة ؟ أو عصابة من المجانين تختبىء تحت شجرة الصفاف فى انتظارنا .

روز : لن نقترب على أى نحو من تلك الشجرة .

كريستينا : ماذا لو كانت هناك شجرتان ؟

روز : ماذا لو لم يكن هناك شىء ؟

كريستينا : لا أستطيع .

روز : أنت خائفة ؟

كريستينا : نعم .

روز : أعترف بذلك ؟

كريستينا : اعترفت .

روز : قولى ذلك .

كريستينا : أنا خائفة .

روز : لا تخافى .

كريستينا : لم لا ؟

روز : لأنها ليلة جميلة للسباحة .

كريستينا : أهى كذلك ؟

روز : سيكون الماء كما لو كان مثل السباحة فى مخمل أسود لأن الهواء لطيف . ستكون البحيرة كلها لنا لأن الجميع غارق فى النوم  و سنسبح عرايا لأنه لا يوجد حارس للشاطىء . و لن يكون هناك أى مجانين لأننى أشعر بذلك . ( دقة ) إنها ليلة جميلة للسباحة .

كريستينا : البوليس .

روز : لن يكونوا نفس الأشخاص .

كريستينا : ماذا لو كانوا نفس الأفراد ؟

روز : إنهم يغيرون قبعاتهم

كريستينا : ماذا لو لم يفعلوا .

روز : كان ذلك آخر صيف .

كريستينا : رأيتهم ، توجد صورة لهم فى الصحيفة اليوم .

روز : لقد رأيت ذلك أيضاً .

كريستينا : لقد أتقذوا للأم الفتاة الصغيرة ، و نعتتهم الصحيفة بالأبطال .

روز : جيد أن ينقذوا فتاتها .

كريستينا : أبطال .

روز : إنهم أبطال .

كريستينا : الأبطال يفعلون أى شىء يريدونه، كما تعلمين . لقد أعطوهم مفتاح المدينة و بشى مثل هذا . يمكنهم أن يمسكوننا و نحن نسبح عرايا و يأخذون ملابسنا و يجعلانا نغادر الماء و نحن عرايا تماماً ثم يسلطون مصابيحهم علينا و يحملون ملابسنا فوق رؤوسهم و يضحكون و يقولون اقفزا ، وأنت سوف تصرخين .

روز : لن أصرخ .

كريستينا : لا أعرف ماذا أفعل . سأقفز و سوف يضحكون و لا أعرف ماذا أفعل . سأقفز .

روز : أعدك بشرفى ، لن أصرخ .

كريستينا : ماذا ستفعلين لو حضر هؤلاء الأبطال ؟

روز : سأختفى تحت أغصان شجرة الصفاف  التى تزين البحيرة .

كريستينا : أنت قلت أننا لن نذهب على أى نحو بالقرب من تلك الشجرة .

روز : سأسبح حتى منتصف البحيرة و أتقدم بحذر فى الماء حتى يغادروا .

كريستينا : ستتعب ساقاك . سوف تغرقين مثل فتى البحر .

روز : أنا سباحة قوية .

كريستينا : سوف يأتون وراءك .

روز : لن يصلوا إلى هناك و إلا ابتلت ملابسهم ، سوف تتطلخ أوسمتهم .

كريستينا : يمكنهم أن يخلعوا الأوسمة .

روز : إذن لن يكونوا أبطالاً .

كريستينا : يمكنهم أن يخلعوا زيهم .

روز : إذن لن يكونوا شرطيين .

كريستينا : يمكنهم أن ييأخذنا ملابسنا و يقودون سيارتهم بعيداً ويطلقون أصوات السرينة و الأضواء والضحك

روز : سنعود إلى البيت عاريتين .

كريستينا : سوف تمسكنا أمهاتنا .

روز : ليست المرة الأولى التى يروننا فيها عاريتين من قبل .

كريستينا : ماذا لو كان أبوانا ؟

روز : ذلك لن يحدث .

كريستينا : ماذا لو حدث ذلك ؟  عاريتان ؟ ( دقة ) سنكون فى مشكلة .

روز : ( فى صوت الأب ) لا مزيد من السباحة من خلف ظهورنا – التسلل من وراءنا – تفعلان ما تريدان – من أجلك سيدتى الصغيرة .

كريستينا : بنطلونك الجينز المفضل سيأخذونه معهم و لن نحصلى عليه مرة أخرى .

روز : لا أهتم .

كريستينا : ستأخذى عامين حتى تنسى ذلك .

روز : سأخفيه فى الشجرة .

كريستينا : توجد شجرة صفاف واحدة فقط .

روز : أعرف .

كريستينا : سوف يعثرون علي ملابسنا مرة أخرى و سوف يعرفون أن لديهم فتاتان عاريتان مرة أخرى . و سوف يسلط واحد منهم مصباحه عليك و سيسلط الآخر مصباحه على أنا . و الماء الذى ربما كان مثل السباحة فى قطيفة سوداء عندنا كنا وحدنا تحركنا ، سيكون بارداً عندما نبقى فى الماء و نتساءل ماذا نعمل . وسوف يأمروننا بالخروج و سنكون عاريتين ونرتجف و ستصير بشرتك المدبوغة شاحبة و أنت خائفة ، و سوف يروننا مباشرة . ستكون عيناك عليهم و لن تنظرى نحوى . لن تقولى لى ماذا أعمل و سأكون باردة جداً . سيقولون : اخرجا الآن يا فتيات . سينحس عن جسدك الماء ، و ليس فقط  سوى يدين ورسغين و كوعاك الأبيضان وذرعاك لسترك  . تبدو ذراعاك عاجزتين و سوف أتابعك و أنت تشاهدين الماء يجرى تحت ظهرى . و تسلط كشافات الإضاءة على وجهينا وننزل إلى الساقين . و سوف يسلطون أضواء الكشافات على كل منا . وسوف يبتسمون إلينا و نحن نحاول أن نغطى أنفسنا . سوف يحملون ملابسنا فوق رؤوسهم و يبتسمون إلينا و نحن عاريتين و يقولون ” اقفزا ” و سوف تصرخين و سأصرخ و سأقفز .

روز : سوف نخرج من البحيرة ماشيتين  كما لو كنا لم نفعل  أى شىء يبعث على الخجل و سوف نحدق فى وجوههم وأعينهم دون خوف .

كريستينا : ألن نبكى ؟

روز : لن نبكى .

كريستينا : عندما يحملون ملابسنا فوق رؤوسهم و لا يرجعونها إلينا ، سيقولان لنا اقفزا .

روز : لن نبكى . لن نقفز .

كريستينا : عندما يقولان و الابتسامة على وجهيهما و ملابسنا فى أيديهم ، عندما يقولان …

روز : ( مقاطعة ) ” من حسن حظكما “

كريستينا : ” من حسن حظكما أنهما كانا مجرد شرطيين مغرمين بكما و ليسا من المجانين المرضى “

روز :  مثل توم القاتل مختلس االنظر .

كريستينا : المغتصب .

روز : ما الذى جعلكما تفكران فى السباحة فى هذه الساعة بدون وجود رجال الإنقاذ ؟

كريستينا : ماذا لو هبت العاصفة فجأة و ضرب البرق البحيرة ؟

روز : لماذا ، يمكن أن تصعقا .

كريستينا : ما الذى جعلكما تفكران فى السباحة بدون ملابس ؟

روز : يمكن أن تصابا بالبرد و تموتان بسبب الالتهاب الرئوى .

كريستينا : ” إنها باردة فى الليل بدون الشمس ! “

روز : و عندما يقولان ” عودا جرياً إلى المنزل الآن يا فتيات “

كريستينا : ” قبل أن تستدعى والديكما “

روز : سوف نحدق فيهما فقط و لن ننطق بكلمة واحدة .

كريستينا : ألن نقول ؟

روز : لن ننجر إلى حديثهم ، حديث هراء . فقط سوف نضغط عليهما بأعيننا المدركة و سوف يعرفان أننا نعرف أفضل .

كريستينا : نحن نعرف كل شىء عن الغطس فى منتصف الليل .

روز : الدفء و الماء المعتم و السماء المظلمة و لا كاشفات ضوئية تضىء الظلام . و ثمة قمر و بعض النجوم و شجرة صفاف . ليلة جميلة مناسبة تماماً للسباحة .

كريستينا : نقف هناك عاريتين و لن نبكى .

روز : لن نبكى .

كريستينا : لا أستطيع .

روز : لماذا ؟

كريستينا : صرير الألواح الأرضية ، سوف يوقظهما .

روز : على أطراف الأصابع .

كريستينا : لدى والداى حاسة سمع قوية .

روز : تسلقى النافذة .

كريستينا : لا وجد هناك شىء أتسلق عليه .

روز : اقفزى .

كريستينا : المسافة إلى الأرض بعيدة .

روز : اتنى ركبتك و أنت تنزلين .

كريستينا : أمسكينى .

روز : أنت كبيرة جداً على الإمساك .

( تتسلق كريستينا . إفريز النافذة )

كريستينا : اقفزى و اثنى ركبتك فحسب .

روز : لا أحب أن أسبح وحدى .

كريستينا : إنها ليلة جميلة للسباحة .

روز : هيا اقفزى .

( تقفز كريستينا . تطفىء الأضواء )

[ النهاية ]

 ____

جوليا جوردان : تخرجت من كلية barnard  عام 1989 و حصلت على درجة الماجستير من trinity Dublin  . ولدت جوردان فى شيكاجو و قضت الفترة المبكرة من حياتها فى مينسوتا ، استقرت مؤخراً فى نيويورك . من أبرز مسرحياتها : night swim  و st.scarlet و smmner of the swams  و dark yollow  و غيرها من المسرحيات ، كما كتبت للسينما و التليفزيون .

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *